jo24_banner
jo24_banner

هدر القطاع الصحي

لما جمال العبسه
جو 24 :

لا نفشي سرا ان قلنا ان القطاع الصحي العام يعاني الكثير من المصاعب على رأسها سوء حالة المرافق الصحية انشائيا خاصة تلك التي تقع في القرى والمناطق النائية وافتقارها للمعدات الطبية المطلوبة، اضافة الى قلة الكوادر الطبية من اطباء وممرضين، ومحدودية قدرتها على استقبال الحالات المرضية، وفي بعض الاحيان عدم توافر الدواء في هذه المناطق، وامتدت هذه المعاناة لتصل الى المستشفيات الحكومية الكبرى داخل العاصمة عمان، والتي تعاني من تحويل الحالات في المدن والقرى الاخرى اليها على اعتبار توفر العناية الصحية الافضل فيها.
موازنة القطاع الصحي تقترب من المليار، الا ان هناك العديد من المأخذ على الآلية المتبعة في ادارة هذا الملف الهام والذي يقدم بدوره خدمة اساسية يدفع مقابلها المواطن جملة ضرائب استنزفته فلم تعطه الفرصة للمعالجة خارج الاطار الحكومي الى المستشفيات الخاصة لغلاء اسعارها وارتفاع تكاليف العلاج فيها، علما بان حق المواطن ان يجد قطاعا صحيا عاما مؤهلا يستقبله ويقدم له الخدمات الطبية المناسبة دون المرور بمراحل تزيد من معاناته الصحية او معاناة من يعولهم.
ان اول ما يلفت النظر في هذا القطاع الهام الذي يعتبر احد الركيزتين الاساسيتين (التعليم والصحة) في اي دولة حول العالم، ما يعانيه في الاردن على سبيل المثال من الهدر في الدواء المتوفر بكثرة في المراكز الصحية في العاصمة وبعض المدن الكبرى ومفقود احيانا في القرى والمناطق النائية، فلا عجب ان رأيت البعض يخرج من الوحدة الصحية محملا بادوية يريد توزيعها على من يرغب خاصة تلك التي لا اضرار جانبية منها، فيما يتم القاء تلك الخاصة بامراض مزمنة ولم تجد من يستهلكها في سلة القمامة، وقد قُدر حجم الهدر في الادوية في القطاع الصحي العام بنحو 70 مليون دينار، ان لم يكن اكثر.
سوء ادارة الملف ومحاولة حل مشاكل القطاع من خلال اتمتة الخدمات الطبية المقدمة للمواطن لم ينجح بالشكل المطلوب، فالملف الالكتروني مازال مفقودا في العديد من المرافق الصحية ولا نبالغ ان قلنا في المستشفيات الرئيسية العامة حول المملكة، ما يعني ان التاريخ المرضي للمراجع مفقود بالكلية، كما ان المجاملات التي تطغى على التعاملات الفردية تجعل من بعض موظفي الصحة موزعين لانواع شتى من الادوية لمختلف الامراض لمن لا يستحق او غير مستفيد منها، اضف الى ذلك ادى هذا الامر الى سوء تقدير الحالة الصحية للمريض وبالتالي تعرضه لابطاء في العلاج قد يؤدي الى تفاقم حالته المرضية، واحيانا نفاد بعض الادوية خاصة تلك الخاصة بالامراض المزمنة ليقع المريض فريسة لفقره وعوزه ومرضه، عدا عن ذلك استمرار ازدواجية التأمين الصحي (عام وخاص).
كما ان من القرارات التي اتخذت سابقا وكانت عاملا ضاغطا على القطاع الصحي العام والمتمثل في التامين الالزامي بعد سن الستين والذي ادى بالمقتدرين من الاستفادة من حقوق ذوي الدخول المتوسطة والمتدنية والفقراء ليزاحموهم حتى على دوائهم .
ان اعادة النظر في ادارة الملف الصحي العام والاسراع في اتمتته على الوجه الصحيح لخدمة اهدافه امر ملح فهو اهم ما يندرج تحت مظلة الاولويات الحكومية في اي وقت وكل دولة، عدا عن انه يحقق وفرا ممكن استخدامه في اعادة تأهيل المراكز الصحية العامة.

 
تابعو الأردن 24 على google news