الدول الناهضة والفاشلة: دروس التنمية البشرية
ابراهيم غرايبة
جو 24 : "في جميع بقاع الأرض، يلتقي البشر حول هدف واحد: المشاركة بحرية في الأحداث والمداولات التي تؤثر على حياتهم" (محبوب الحق، مؤسس تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية).
استطاعت مجموعة من الدول النامية أن تحقق نتائج مهمة في التنمية البشرية (التعليم، والصحة، والعدالة)، وأن تضاعف ناتحها المحلي، كما هو حال الهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا وموريشيوس وتشيلي وتركيا.. كيف استطاعت بلدان كثيرة في الجنوب تحقيق هذا التقدم؟
يجيب تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة (2013) عن هذا السؤال بأن هذه البلدان التقت على ثلاثة محركات مهمة للتنمية البشرية، هي: الدولة الإنمائية الفاعلة، واختراق الأسواق العالمية، والابتكار في السياسة الاجتماعية. وهذه المحركات لا تُستمدّ من تصوّرات نظرية حول كيفية تفعيل عملية التنمية، وإنما هي ثمرة التحوّل الملموس في التجارب الإنمائية في بلدان كثيرة. ويقول التقرير إن هذه البلدان كثيراً ما تخلّت عن النُهج المحدّدة مسبقًا وإملاءاتها، ونأت بنفسها عن الوصفات العمومية المفروضة من مصدر واحد.
ويتوقف التقريرعند السياسات الاجتماعية المبتكرة لهذه الدول، ومنها العدالة والمساواة في الفرص، والتعليم والصحة، والخدمات الاجتماعية، وإعلاء الصوت والمشاركة والمساءلة؛ فالتنمية لا تتحقق ما لم يشارك الأفراد مشاركة حقيقية في الأحداث والإجراءات التي تؤثر على حياتهم. ويجب أن تكون للأفراد القدرة على توجيه عملية صنع السياسة العامة، والتأثير على نتائجها. كما يجب تمكين الشباب خصوصا من التطلّع إلى المزيد من الفرص الاقتصادية، والمشاركة السياسية، والمساءلة.
وتلمّ بالشعوب، في الشمال وفي الجنوب، حالة من الاستياء العارم. ويطالب أفرادها بمزيد من الفرص، وبإسماع صوتهم معبّرين عن مشاغلهم، وبحقهم في توجيه السياسة العامة بهدف ضمان الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية والرقي الاجتماعي. والشباب هم من أكثر الفئات فعالية ونشاطاً على هذا الصعيد.
ومن أسباب هذا الاستياء، قلّة فرص العمل المتوفّرة للشباب من ذوي التحصيل العلمي. والتاريخ زاخر بانتفاضات شعبية ضد حكومات تجاهلت هذه المطالب. وأيّ تجاهل قد يؤدي إلى تعثر التنمية البشرية، لأن الاضطراب يعوق النمو والاستثمار، فتجبر الحكومات الأوتوقراطية على تخصيص الموارد لحفظ الأمن والنظام العام. ولا يمكن التكهن متى ينفد صبر المجتمعات؛ فالاحتجاجات الشعبية، ولاسيّما تلك التي ينظمها المتعلّمون، تندلع عندما يشعرون أنهم مستبعدون عن دائرة التأثير السياسي، وعندما يشعرون أيضا أنه لم يعد لديهم ما يخسرونه إذا دخلوا في هذه التحركات في ظل تدهور الحالة الاقتصادية. عندئذ، يسهل تنسيق هذه الأشكال من المشاركة السياسية عبر قنوات الاتصال الجماهيري الحديثة.
الرضا، والثقة والأمان، والعدالة، والوعي الصحيح بالذات، تعبر عن رأس مال اجتماعي يؤسس لتقدم اقتصادي واجتماعي.الغد
استطاعت مجموعة من الدول النامية أن تحقق نتائج مهمة في التنمية البشرية (التعليم، والصحة، والعدالة)، وأن تضاعف ناتحها المحلي، كما هو حال الهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا وموريشيوس وتشيلي وتركيا.. كيف استطاعت بلدان كثيرة في الجنوب تحقيق هذا التقدم؟
يجيب تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة (2013) عن هذا السؤال بأن هذه البلدان التقت على ثلاثة محركات مهمة للتنمية البشرية، هي: الدولة الإنمائية الفاعلة، واختراق الأسواق العالمية، والابتكار في السياسة الاجتماعية. وهذه المحركات لا تُستمدّ من تصوّرات نظرية حول كيفية تفعيل عملية التنمية، وإنما هي ثمرة التحوّل الملموس في التجارب الإنمائية في بلدان كثيرة. ويقول التقرير إن هذه البلدان كثيراً ما تخلّت عن النُهج المحدّدة مسبقًا وإملاءاتها، ونأت بنفسها عن الوصفات العمومية المفروضة من مصدر واحد.
ويتوقف التقريرعند السياسات الاجتماعية المبتكرة لهذه الدول، ومنها العدالة والمساواة في الفرص، والتعليم والصحة، والخدمات الاجتماعية، وإعلاء الصوت والمشاركة والمساءلة؛ فالتنمية لا تتحقق ما لم يشارك الأفراد مشاركة حقيقية في الأحداث والإجراءات التي تؤثر على حياتهم. ويجب أن تكون للأفراد القدرة على توجيه عملية صنع السياسة العامة، والتأثير على نتائجها. كما يجب تمكين الشباب خصوصا من التطلّع إلى المزيد من الفرص الاقتصادية، والمشاركة السياسية، والمساءلة.
وتلمّ بالشعوب، في الشمال وفي الجنوب، حالة من الاستياء العارم. ويطالب أفرادها بمزيد من الفرص، وبإسماع صوتهم معبّرين عن مشاغلهم، وبحقهم في توجيه السياسة العامة بهدف ضمان الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية والرقي الاجتماعي. والشباب هم من أكثر الفئات فعالية ونشاطاً على هذا الصعيد.
ومن أسباب هذا الاستياء، قلّة فرص العمل المتوفّرة للشباب من ذوي التحصيل العلمي. والتاريخ زاخر بانتفاضات شعبية ضد حكومات تجاهلت هذه المطالب. وأيّ تجاهل قد يؤدي إلى تعثر التنمية البشرية، لأن الاضطراب يعوق النمو والاستثمار، فتجبر الحكومات الأوتوقراطية على تخصيص الموارد لحفظ الأمن والنظام العام. ولا يمكن التكهن متى ينفد صبر المجتمعات؛ فالاحتجاجات الشعبية، ولاسيّما تلك التي ينظمها المتعلّمون، تندلع عندما يشعرون أنهم مستبعدون عن دائرة التأثير السياسي، وعندما يشعرون أيضا أنه لم يعد لديهم ما يخسرونه إذا دخلوا في هذه التحركات في ظل تدهور الحالة الاقتصادية. عندئذ، يسهل تنسيق هذه الأشكال من المشاركة السياسية عبر قنوات الاتصال الجماهيري الحديثة.
الرضا، والثقة والأمان، والعدالة، والوعي الصحيح بالذات، تعبر عن رأس مال اجتماعي يؤسس لتقدم اقتصادي واجتماعي.الغد