الهجوم العلماني والحائط الإسلامي
ما إن تحدث حادثة إعتداء أو جريمة أو تصريح أطرافها شخصيات دينية أو محسوبة على التيارات السياسية الإسلامية إلا ويتصدى لها نفر من أتباع الطائفية العلمانية، يحشرون أنوفهم وأصابعهم في قضايا لا يعتقدون بها أصلا، ولا يقيمون لها وزنا بل ويزدرونها علنا، حتى بعض الكتّاب الذين نشأوا في أحضان الفكر العقائدي الذين أصابتهم لوثة المصلحة، نراهم يهرولون لجلد المجتمع الأردني الذي يرون فيه حاضنة للفكر المتشدد والتطرف الديني، وهم بذلك يصبون البنزين على الجمر ليلهبوه، ولم ينظروا الى تاريخ طويل من موافقتنا على الليالي الملاح للنوادي الليلية والحفلات الغنائية التي يرتادها عشاق السهر والرقص والغناء ولم يمنعهم أحد أو يقتلهم المجتمع المحافظ.
« تاريخ ولادة الله»،هذه الجملة الشيطانية التي «قيل» إنها كانت ستقدم كورقة على طاولة مؤتمرٍ مؤسسة مؤمنون بلا حدود، التي أتابعها منذ سنوات، لمناقشة مسائل فلسفية وميتافيزيقية وبمنهجية جراميشية حول المعتقد الديني، في بلد غالبيته العظمى محافظون ومتدينون ومنحازون لمعتقدهم الإسلامي والمسيحي المرتبط بالموروث التاريخي للقيم الدينية وتعاليم الأنبياء، ويرفضون قطعيا التزمت والتطرف كما يرفضون المساس بالثوابت العقلية للموروث الديني المبني على قواعد علمية وفكرية يحاول البعض إعادة صياغتها بدعوى إنفتاح العقل العربي الإسلامي لما يسمى «دين المستقبل»، ما أثار حملة معارضة جاءت في السياق الطبيعي إنتهت بمنع المؤتمر لدرء المفاسد.
ما حدث مؤخرا في ما روي عن مدير مؤسسة مؤمنون بلا حدود بأنه تعرض للخطف والإعتداء هو قطعا مرفوض كفكرة أو ممارسة أو تحريضا، ضده أو ضد غيره، ولكن نحن نتعاطى مع الأحداث بناء على المعلومات الدقيقة أو النتائج الواقعية، وحتى الساعة لم تثبت التحقيقات أي صلة بأي جهة أو أشخاص لهم علاقة بالإعتداء، وتصريحات يونس قنديل نفسه لم تؤشر على أحد وحسب أحد التصريحات لقناة خارجية قال أن شخصا ضرب رأسه بالشجرة ورسم على ظهره دون أن يوضح أكثر، فيما الصورة تظهر جروحا سطحية طولية أشبه بعمليات الوشم أو جروح الحجامة، وفي المحصلة أن العملية حصدت متابعة خارجية لا بأس بها.
هذه الحادثة التي يمكنني أن أسميها تجاوزا «حادثة بين مسلمين»،لا نفهم كيف يتبناها تيار لا يؤمن بالعقيدة بدعوى نصرة مؤتمر إسلامي، ولا يعطيهم الحق في الهجوم غير المبرر على من إجتهد في محاولة لدرء الفتنة في مجتمع، ولا يعطي الحق للمتنطعين أن يهاجموا السيدة ديما طهبوب لأنها نبهت وحذرت ولم تطالب بإعدام أو نفي القائمين عليه.
ومن العيب إستحضار جريمة المرحوم ناهض حتر في كل حادثة تقع بناء على خلاف فكري، فناهض لم يسئ للفكر الإسلامي في تاريخه المعارض للسياسات الإمبريالية كيساري وطني.
التطرف والكراهية بات يصنعها نفر ممن يدعون الثقافة والتقدمية والعلمانية، وظفّوا أنفسهم مدافعين عن أي فعالية خلافية يمكن أن تفجر السلم الأهلي وتدفع بالبسطاء فكريا الى العنف، وما رأيناه ليس دفاعا عن حق قنديل، بل إطفاء لقنديل العقيدة الإسلامية التي تحرم وتجرّم أي إعتداء على البشر ، وما يريده أولئك النفر هو إعادة توجيه المتطرفين لضرب الإستقرار والسلم الوطني كونهم يعرفون أن مهاجمة الدين والعقائد عند البشر هي الدافع القوي للعنف الإجتماعي، وفي المحصلة يريد الجميع تقديم ورقة إعتماد لدى مراكز التمويل واللجوء الطارىء للدول الأوروبية بدعوى الإضطهاد الديني أو السياسي، مع أنه لم يسجل أي حالة إضطهاد ديني في تاريخ الأردن.
Royal430@hotmail.com