التهرب الضريبي والاجراءات الواقعية
يحظى موضوع التهرب الضريبي باهتمام كبير على عدة مستويات، فقد استحوذ على نسبة كبيرة من التصريحات الحكومية، التي اكدت انها ستواجه هذه المشكلة، بل وكانت اساسا في اتفاق الاصلاح المالي والاداري الموقعة بين الاردن وصندوق النقد الدولي.
ومهما كانت التصريحات حول الاجراءات ستتخذها الحكومة لمحاربة التهرب الضريبي والحد منه، فهي اجراءات آتية، لكن هل ستكون هذه الاجراءات بنفس مستوى الحزم مع المتهربين من دفع الضريبة سابقا، فالتقديرات الحكومية قالت انها تجاوزت 600 مليون دينار، لتنخفض الى ما يزيد عن 400 مليون دينار، دون الاسهاب في ايضاحات حول المبالغ المحققة، ومن اي الفئات التي تنضوي تحت مظلة دافعي الضرائب.
جهود مضنية بذلتها الحكومة لاقرار مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد والذي تضمن عقوبات مشددة على المتهربين ضريبيا، لكن ماهية آلية الملاحقة لهؤلاء المتهربين؟ خاصة وان دائرة ضريبة الدخل والمبيعات في معظم الاحيان تعتمد على التبليغات عن متجنبي دفع الضرائب، ولا مانع من قليل من المراجعة في حال شكهم باحد هؤلاء المتجنبين لإيفاء حق الدولة، وهذه الآليات والسبل غير عملية ونتائجها ليست ذات جدوى كبيرة.
ان التهرب الضريبي آفة اقتصادية، داؤها ودواؤها المصدر ذاته، فالاهتمام بمعاقبة المتجنبين من الآن فصاعدا امر محمود العواقب، لكن التقصير في مطاردة المتهربين منذ سنوات مضت وعدم وضع آلية واضحة المعالم وتجنيد موظفين للقيام بهذه المهمة سيكون له ابعاد سلبية، على رأسها البحث في طرق متعددة او تطوير الاساليب السابقة للتهرب الضريبي من كافة الفئات المجتمعية سواء كانوا افرادا م شركات.
ان الخروج بنهج واضح المعالم لملاحقة المتهربين السابقين وتغليظ الرقابة على المكلفين الحاليين والجدد والمحتملين بعد اقرار القانون الجديد، امر في غاية الاهمية، فليس المردود من القانون بكاف لتجاوز ولو جزء بسيط من الازمة الاقتصادية وما تعانيه المالية العامة، انما تحصيل ما تم فقدانه سابقا ذو اولوية قصوى.
هذا الاجراء من شأنه ان يريح ولو جزئيا الموازنة العامة للدولة، كما انه قد يغض نظر المسؤولين عن البحث في اجراءات خلال العام المقبل قد تكون اصعب مما سبقها لزيادة ايرادات الدولة ومعالجة الازمة التي تعانيها، خاصة وان اي اجراء او قرار محتمل قد يكون غير محمود العواقب على الاقتصاد بشكل عام.