«العمل العربي المشترك» حلم يأبى التحقيق
اكثر من خمسين عاما ونحن نسمع بـ»العمل العربي المشترك» والآمال والطموحات التي تعلقت بهذا المصطلح، لكنها كقصور على تراب ترديها اقل نسمة هواء، فلا مشاريع مشتركة ولا حتى محاولات تعلل النفس بهذا الامل.
في العاصمة اللبنانية بيروت تبدأ اليوم اعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة، وكمعظم الاجتماعات العربية استبقها خلاف واختلاف ادى الى غياب وفود وممثلين عن دول عربية، ولم يشفع الاعلان عن هذه الدورة منذ شهور مضت ان تكون هناك مشاركة مكتملة للدول العربية، على الرغم من بدأ انحسار الازمات التي مرت على عدد منها خلال السنوات السبع الماضية.
الاردن وكعادته دائما كان رمانة الميزان والاكثر واقعية عن غيره، فأكد ان اساس العمل العربي هو الاستقرار في المنطقة، وهذا الاستقرار لن يتحقق بدون سلام شامل يضمن حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على اساس حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بالاضافة الى مسألة محاربة الارهاب والقضايا التي يعاني منها الوطن العربي من شرقه الى غربه، ومن شماله الى جنوبه، فيما كان جدول اعمال القمة يزخر بالمشاريع المشتركة.
سكة الحديد، منطقة التجارة الحرة الكبرى، مبادرة الأمن الغذائي العربي، استراتيجية الطاقة المستدامة 2030، السوق العربية للكهرباء، إدارة النفايات الصلبة في العالم العربي،الطفل والمرأة، مكافة الفقر متعدد الأبعاد، والاقتصاد الرقمي، وغيرها، مشاريع ستوضع بين يدي الوفود العربية المشاركة في القمة، دون الخوض في الآليات العملية لتنفيذها، لنفيق على حقيقة انها مشاريع لم ولن تتجاوز الحلم على المدى المتوسط في حال تفائلنا.
ان انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية، جاءت في الوقت المناسب بشكل عام، الا ان التحضير كان ينقصه تجاوز الخلاف العربي العربي الدائم والمتجدد، الذي يقف على الدوام حجر عثرة امام تحقيق ما تصبوا اليه نفوس الشعوب، فلا تزال هناك خلافات ثنائية، ومواقف مؤيدة لطرف على حساب الاخر لمصالح شتى، هذا عدا عن المشاكل الداخلية في كل دولة على حدى، والتدخلات الخارجية تقف حاجز صد امام ايجاد سبيل للعمل العربي المشترك، ولا ننسى ان رؤوس الاموال العربية تتجه صوب الشرق والغرب تاركة النزر القليل لاستثماره في الدول العربية لارتفاع مخاطر الاستثمار في بعضها وعدم الجدوى في البعض الاخر.
ان الاجدى بهذا الاجتماع ان يعقد لمحاولة رأب الصدع وتجاوز الخلافات بالقدر المستطاع، قبل الخوض في تنمية اقتصادية واجتماعية، فهذه التنمية لن تتحقق الا اذا توفرت لها عوامل شتى على رأسها عامل الآمن والاستقرار والوفاق المشترك ولو كان عند اقل المستويات.