«تسونامي» الخدمات المالية الإلكترونية
بدخول العالم مرحلة رقمنة الخدمات في ظل الطفرة التكنولوجية التي طالت جل القطاعات، اصبح الاندماج مع المرحلة امر مهم، وكان من ابرز القطاعات التي ستواجه العديد من التحديات اذا لم تكن في خضم هذا التطور القطاع المالي والمصرفي، الذي تبنى عالميا توفير خدمات مالية الكترونية تتقدم وتتطور باستمرار، وذات ابعاد ايجابية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، ومن ضمن الدول التي سارعت في انتهاج هذا الامر الاردن، وقام البنك المركزي بتنظيم عمليات الدفع الالكتروني من خلال منصة الكترونية يشرف عليها بنفسه.
بالمقابل فان توسيع قاعدة مستخدمي تقنيات الدفع الالكتروني تحتاج الى جهد بالغ لتهيئة البنية التحتية له اي المستخدمين، فحتى الأن فئة ليست بالكبيرة هي التي تستخدم تكنولوجيات الدفع الالكتروني، الا ان التوجه هو الزام المواطنين تسديد كافة فواتيرهم من خلال نظام «أي فواتيركم» المدار والمشغل من قبل شركة محلية منذ عدة سنوات، لكن وللاسف هذه الشركة التي ادارت هذا المشروع الهام اكتفت بتوقيع اتفاقيات مع البنوك والشركات الخدمية والجامعات اضافة الى الدوائر التابعة لوزارة المالية كالجمارك دائرة ضريبة المبيعات والدخل ودائرة الاراضي والمساحة وما شابه، لتعميم استخدام الدفع الالكتروني من خلال هذا النظام، دون القيام بعملية توعية للمواطنين باهمية اسلوب الدفع الحديث ومدى نجاعته، ومن ثم تعمل على تثقيفهم بكيفية استخدامه.
ومع وصول المربوطين في نظام «إي فواتيركم» من مقدمي الخدمات الى الحد الاعلى، بقي العنصر الاساس وهم المستخدمون لهذه الخدمات، الذين تفاجؤوا بضرورة دفع التزاماتهم المالية من خلال النظام الذي يأخذ مبلغا متصاعدا بحسب قيمة الفاتورة الي يتم تسديدها من خلاله، وتجاهل القائمون عليه غياب عامل التوعية والتثقيف بالنظام، كما تجاهلوا ان هناك اساليب دفع الكترونية اخرى امام المواطن، بالاضافة الى ترك هامش من الحرية له ليدفع ما يشاء نقدا.
ان تعميم هذا الخدمة الكترونية مهمة، لكن لتصبح الاساس في الاردن حاليا امر صعب، لعدة اسباب اهمها ان نحو 74% من المواطنيين لا يملكون حسابات بنكية، اضافة الى عدم ثقة الكثيرين منهم بهذه الخدمات فهم لازالوا يؤمنون بالنقد بشكل مطلق، عدا عن ان البعض المسدد لقيمة فواتيره من خلال البطاقات البلاستيكية ليس مضطرا لدفع اي عمولة لاجراء هذه العملية، ما يعني عدم الرغبة في دفع اي مبلغ اضافي مهما قل حجمه، كما ان اشاعة رقمنة الخدمات المالية خاصة في المؤسسات الحكومية لم يهدف الى ترشيق القطاع العام بل بالعكس كانت هناك زيادة في نسبة المنضمين اليه.
هناك خطوات واجراءات يجب اتخاذها قبل تعميم الفكرة التي لا شك باهميتها، وان الحديث عنها في اروقة المؤتمرات والغرف المغلقة لن يفضي الى النتيجة المأمولة لمواجهة «تسونامي» الخدمات المالية الالكترونية.
الدستور