القرارات الحكومية ..حمالة أوجه
فسرت الحكومة جملة القرارات الحكومية التي اتخذتها الاسبوع الماضي واوضحت التفاصيل التي تضمنتها هذه القرارات، وقالت ان جملة المبالغ التي ستدفعها الحكومة تصل الى 400 مليون دينار، وكلها تصب في هدف تنشيط الاقتصاد الوطني، لا شك ان ضخ هذا المبلغ نقدا في الاقتصاد سيجعله يتنفس الصُعداء ولو لحين، ولا شك ان الاشهر المقبلة والتي ستحمل في طياتها مواعيد لدفع هذا المبلغ، انما هي منشط ولو بشكل بسيط لعدد من القطاعات الاقتصادية، كقطاعي المقاولات والادوية.
بالنظر الى تفصيلات القرار والتي تضمنت ستة فروع رئيسية وهي رديات الضريبة ودعم الخبز ومستحقات المقاولين ومستحقات الادوية، والتي جميعها ستدفع من الحكومة نقدا يصل مجموعها الى 420 مليون دينار!، وهي عبارة عن ديون تتحملها الحكومة لصالح المواطن اي ان حقا عاد لمطالبيه، فالدعم بالاساس منصوص عليه في قانون موازنة الدولة للعام 2019، وهذا امر مفروغ منه، كما ان مستحقات المقاولين والادوية فان المطالبة تصل الى عدة اشهر واحيانا لسنوات مضت، وهي تندرج ضمن موازنات الوزارات المعنية كوزارتي الصحة والاشغال، ورديات الضريبة هي امانات موجودة لدى الحكومة ممثلة بدائرة ضريبة الدخل وسترد الى مستحقيها، اذا فلماذا تحمل هذه الحقوق وجه القرارات الحكومية لتنشيط الاقتصاد؟.
اما بالنسبة لتأجيل اقساط القروض للصناديق الحكومية ولمتقاعدي الضمان ودعوة الحكومة القطاع المصرفي المحلي لتأجيل سداد دفعات القروض خلال شهر رمضان، فان اختصار ضيق الحال لدى المقترضين بالشهر الفضيل موضع استفهام، وكأنما هو بقية اشهر السنة لديه القدرة على السداد والدفعات الشهرية لا تشكل طوقا على رقبته، كما ان اقساط هذه القروض انما تريح المواطن شهرا واحدا وتحمله مبالغ اضافية بحسب الشروط والاحكام المتبعة في هذا الجانب فهناك عمولة ستدفع وتراكم للفائدة وغير ذلك، ما يعني ترحيل المعاناة وزيادتها على المواطن، ليشقى بشقائه بعد الشهر الفضيل.
هذه الاجراءات هي حمالة لأوجه عديدة فالحكومة ترى في حقوق الناس قرارات والمواطن يرى ان هناك تسريعا بشكل اكبر في استرداد اماناته لدى الدولة، وان هناك حاجة لقرارات انما تتجاوز شهر رمضان الذي يليه عيدان ومدارس وما الى ذلك من التزامات ذات طابع متكرر، وهذه الالتزامات عادة ما تأكل الاخضر واليابس.
مطاطية هذه القرارات وجعلها تتناسب مع الجميع كل حسب ما يريد ان يفهم ليست بالحلول الاقتصادية متوسطة المدى، فانه كان من الاوجب ان تكون هناك قرارات بتخفيض دائم وليس وقتيا لضريبة المبيعات المفروضة على جملة من السلع ذات الاستهلاك المتكرر والمستمر، فيجعل الامور تسير في مجراها وتعمل بالفعل على تنشيط الاقتصاد الجزئي بقطاعاته المختلفة، وحتما سيترك اثره الايجابي على الاقتصاد الكلي عموما، ان ارتفاع الاسعار الناجم عن زيادة المفروض على السلع ابتداء من المستورد ووصولا الى المستهلك انما هي اساس البلاء، ومعضلة اقتصادية تحتاج الى اعادة نظر، خاصة وان احصائيات اولية تثبت وتشير الى تراجع القوى الشرائية لدى المواطن ما ادى بالنتيجة النهائية الى تراجع ايرادات الحكومة من هذا البند الهام.