شركات GAFA وحق خزينة الدولة
جوجل، آبل، فيس بوك وأمازون، اربع شركات عملاقة ارباحها السنوية تعادل ميزانيات مجموعة من الدول الناشئة، عبرت القارات وتتباهي بحجم مستخدميها على مر الدول، جمعتها خصلة واحدة انها شركات لم تُفرض عليها ضرائب في اي من دول العالم، مع انها تستخدم بنيتها التحتية للاتصالات وفضاءات الانترنت الخاصة بهذه البلدان، وبعد ان زاد عدد المستخدمين حول العالم لتطبيقات والمواقع الالكترونية لهذه الشركات وفي وقت متقدم بادرت دول اوروبية كبرى على رأسها المانيا وفرنسا وبريطانيا ببحث وضعية هذه الشركات التي توسع حجم اعمالها كثيرا خاصة اخر عشر سنوات واصبحت مركز خدمات اعلانية للشركات العاملة فيها، لتتعاظم ارباحها السنوية دون ان تسدد ما عليها من واجبات والمتمثلة بـ»الضريبة».
فرنسا مؤخرا وعلى لسان رئيسها ايمانول ماكرون اعلنت عن انها ترى في هذا التوجه عدم عدالة وانها ستفرض على هذه الشركات ضريبة سنوية مقطوعة، فليس من العدالة ان تدفع الشركات الناشئة والريادية العاملة في قطاع تكنولوجيا المعلومات ضرائب مع صغر حجمها بينما تتربع الشركات العالمية على القمة دون ان تؤدي ما عليها، واخيرا قامت الدولة الفرنسية التي تعد من الدول العظمى اقتصاديا بالوصول الى تسوية مالية عن السنوات السابقة تستحق على شركة جوجل، لتبدأ بدفع ضريبة مقطوعة اعتبارا من العام المقبل، والآن المانيا تتوقع ان تصل الى اتفاق مع بعض هذه الشركات لتسوية مالية عن السنوات السابقة لفرض ضريبة مقطوعة عليها، وبالطبع ستتوالى الدول التي ستتبنى نفس القرار.
عدا عن ذلك فان اجتماع وزراء مالية دول العشرين الذي عقد مؤخرا في اليابان وبدعم مطلق من صندوق النقد الدولي اقر ضرورة ايجاد نظام ضريبي عالمي عادل، وكان المقصود به صراحة ضرورة ان تشمل مظلة الضرائب هذه الشركات التي اُعفيت بشكل او بآخر من تسديد ما عليها للدول التي تعمل فيها، اذا فالقرار حكومي 100%.
في ظل المعطيات السابقة، وضمن الحالة الاردنية وماليتها العامة التي تواجه صعوبات جمة اثرت على دورة الاقتصاد بشكل عام، فان من الاولى الآن ان تقوم الحكومة كونها المعنية في هذا الامر بتقدير حجم الاستفادة التي حصلت عليها هذه الشركات على مدى العشر سنوات الماضية او اكثر من ذلك وان تبدأ الخطوات العملية في اتجاه فرض ضريبة سنوية اتُفق عالميا على ان تكون مقطوعة لتداخل معطياتها على هذه الشركات وخاصة جوجل التي تحتل سوق الترويج الاعلاني حاليا على المستوى العالمي.
ان عدد مستخدمي مواقع وتطبيقات هذه الشركات العالمية الاربعة في الاردن وان ادعى البعض بالقول بانه قليل او لا يساوي شيئا مقابل المستخدمين في الدول الاخرى، انما هو عازف عن العمل فهذه الشركات تهمها التواجد اينما كان مهما كان عدد المستفيدين بل وانها خضعت لمسألة الضريبة المقطوعة.
ومن جانب اخر، فان التوجه العالمي الجديد العادل ان صح القول انما سيكون بشكل او بآخر داعما لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المحلي، من حيث البحث عن حلول لما يعانيه العاملون فيه والمستفيدون منه من ضغوط خاصة الضريبية، فقد يكون هذا الامر سبيلا لتخفيض النسب الضريبية مع وجود بدائل مالية للخزينة، علما بان ما يفرض على الشركات العالمية لن يؤثر باي حال على المستخدم النهائي.