سياسة الامر الواقع
اقرت الحكومة على لسان عدد من وزرائها غير مرة على ان الاجراءات التي اتخذتها منذ توليها زمام ادارة الدولة التنفيذية الى الوقت الحالي بانها قاسية، وان على المواطن ان يتحمل معها سوء الوضع الاقتصادي وان يتعالى على نفسه للصالح العام، وبالمناسبة هذا التصريح وللامانة صدر عن الحكومات السابقة بضرورة تحمل المواطن العبئ مع الحكومة.
كلام يثير المشاعر ويحفز معنويات العطاء للصالح العام لدى المواطن فالمهم المصلحة الوطنية، ولكن عندما يقول مسؤول ان اجراءات ما تتعلق بتخفيض البطالة لن تحقق سوى توظيف ما نسبته 3% من العاطلين عن العمل حاليا، اي ستنخفض البطالة بمقدار ما سيتحقق، فانه لابد ان تكون الاجراءات القاسية التي طالت اثارها الاقتصاد بشقيه الكلي والجزئي، واثرت على المستوى المعيشي للمواطن وتركت ندبا واضحة، لم تؤت اُكلها بالشكل المطلوب اللهم الا من تراجع القدرة الشرائية للمواطن وتباطؤ حركة دوران الاسواق عموما وبالتالي التراجع على مستوى الاقتصاد بشكل عام.
منذ اكثر من عام على تولي الحكومة قيادة الدفة الاقتصادية تم اتباع سياسة الامر الواقع، فاوضاعنا الاقتصادية غاية في التعقيد، واستنادا على ذلك كانت القرارات الصعبة التي طُلب من المواطن تحملها ونتائجها مهما كانت، بالمقابل لم تقم الحكومة بنشر اي نتائج مدعومة بارقام واحصائيات حول النتائج المتحققة لما اتخذته من قرارات صعبة ذات اثر شامل، بل مازالت تتحدث وبتوسع مستمر عن شق المالية العامة للدولة واهمية ايجاد حلول للمعضلة المالية التي تمر بها الموازنة العامة، مع ان وزراء فيها يقرون بضرورة تقديم الحل الاقتصادي الذي من شأنه ان يكون الدافع الاساس للوصول الى بدء انفراجه للازمة المالية التي تمر بها الموازنة العامة.
هذا التوجه ترك الباب مفتوحا على مصراعيه امام المواطن للفحص والتمحيص والبحث في نتائج القرارات الحكومية التي طالته ومعيشته، واصبح المجال واسعا للتحليل بل والتمسك بالرأي واشاعته سواءا كان صحيحا ام محض خيال، دون الاعتماد على قواعد واسس للوصول الى نتائج تريحه من البحث فيما وراء القرار الحكومي.
ان اتساع رقعة انتشار المعلومات والتكهنات حولها انما هو دافع لرفع مستوى شفافية الحكومة مع المواطن، فعليها ان تقوم وبلا إبطاء باصدار نتائج وارقام ولو اولية توضح بجلاء ما انتجته اجراءتها، على ان تكون ارقاما غاية في الوضوح فالجميع الآن يبحث في دلالات الارقام مهما كان مستوى تحصيله العلمي، كما ان اجراء دراسات واضحة ومحددة سيؤدي حتما الى الخروج بنتائج تُفضي الى معرفة مدى نجاعة ما تم اقراره وتؤدي الى حلول اكثر عملية وتراعي الجميع من موازنة ومواطن، ومن جانب اخر تكون هذه النتائج منارة الحكومة لتوضح لها ما يجب عليها القيام به.