"جنّ" يضرّب الأردنيين ببذاءته
فايز الفايز
جو 24 :
أفضل ما يوحي لك الحديث عن العدوان الثلاثي على القيمّ الإسلامية والعربية والوطنية المتمثل بإنتاج المسلسل الهابط المعروض على شبكة "نيتفليكس"،هو أنه بالفعل ركبنا جنُ ما في هذا البلد، فكل تصرفاتنا الرسمية ووضعنا الإجتماعي ولغتنا السياسية "ضربها جنّي"، حتى بتنا نحتاج الى رقية شرعية لإعادتنا الى جادة الصواب، وآخر الأدلة على ذلك خماسية "جن" المصورة في الأردن وبأدوار قام بها شباب أردنيون من الجنسين وإخراج جزئي لأردني وتحت عين وبصر كثير من الأردنيين ودعم من مؤسسات أردنية، ثم وافق الجميع على إخراج أسوأ ما يخفيه أي مجتمع عبر منصة عالمية، بفجاجة وبذاءة لا يستطيع الشباب الأردني التحدث فيها إلا سراً.
لست ناقدا، ولكن الفكرة عندي أكبر وأشمل من مجرد مسلسل يروي قصة خيالية، ثم يترك المساحة مفتوحة لتقديم الكبت الجنسي والإنحدار الأخلاقي اللفظي الموجود فعليا في بيئات من المجتمع، فقد كان إنتاج مثل هذا العمل وعبر تلك المنصة سقطة مريعة لجميع الأطراف، وكان من الذكاء لو تم الترويج للأردن وللمنطقة العربية وثقافتها وانفتاحها وعالميتها بقصة مختلفة تبرز أجمل ما في الثقافة العربية والنمطية الأردنية، وتقدم محتوى راق لا يشوبه مثل تلك البذاءات التي أهانت مجتمع طلاب المدارس والمراهقين الذين يتصرفون كثيرا بكل عفوية بينهم.
ومن باب التذكير للحكومة والمطلقات من حكوماتنا، من إهمالها للدراما العربية والأردنية العظيمة والتي يقودها اليوم عربيا المركز العربي للإنتاج، وآخرون، فإن شركة "نيتفلكس" التي تأسست عام1997 بلغت أرباحها العام الماضي 16 مليار دولار، وتقدم منتجها الى نصف دول العالم، ولكن لم يسخرّ الله لنا أي مصباح لجنيّ ما ليأخذ بصناعتنا التلفزيونية أو السينمائية ليقدمها للعالم بطريقة محترمة، بعدما كانت عمان مركز صناعة الإنتاج التلفزيوني، فتحولت الى مركز أفلام شعبية محروقة.
لقد ضرب "جنّ" المجتمع الأردني من الطرّة الى الدرّة بصفعة مهينة، ويجب أن يُحاسب كل فرد مهما كان دوره في تسهيل هكذا اعمال تسيء لأبنائنا ومدارسنا وثقافتنا، ولا يتوقف الأمر عند هذا العمل، فهناك المزيد سيأتي بعد هذا، رغم أن هناك قوانين في كثير من الدول المتمدنة والمتحضرة والمنفتحة أكثر منا بمنع أي أعمال تصويرية فيها مشاهد إغواء وإغراء جنسي لمن هم أقل من الثامنة عشرة من العمر.
يقول العديد من الناس أن ما احتواه المسلسل هو موجود في طبقة من المجتمع، نعم صحيح، ولكن هذا لا يعني أن تفرض مثل هذه الطبقة المنحلة ثقافة "المساكنة والمصاحبة والبيجاما بارتي" أو حفلات الكوكتيل الجماعي، على مجتمعنا المحافظ بكل أطيافه ومستوياته.
تمنينا لو أن "البدوي" في فيلم "ذيب" كان على منصة نيتفلكس، لحصدنا قليلا من تاريخ الارث العثماني في مسلسل "قيامة أرطغرل" التي حصدت ثلاث مليار مشاهدة على ذات المنصة ومحطة التلفزة بذكاء منتج تركي يحب تاريخ بلده لا ثقافة أعدائه.
Roya430@hotmail.com