ترشيق القطاع العام... أولويات وخطط
لما جمال العبسه
جو 24 :
من ابرز ما تعانيه الموازنة العامة للدولة الارتفاع الملحوظ في النفقات الجارية، على الرغم من محاولات حالية وسابقة واخرى ستتوالى لتخفيض بند الانفاق على رواتب القطاع العام، هذا الارتفاع القديم المتجدد يعد عبئا ترزح تحته مالية الدولة، وبالمقابل كانت الاصوات تنادي على الدوام بضرورة ترشيق القطاع العام، وان يكون التوظيف فيه من خلال معايير واضحة ومحددة واول ما تعتمد عليه هو الحاجة للموظف.
قرار مجلس الوزراء الاخير باحالة موظفي التقاعد المدني ضمن شروط محددة الى التقاعد لا شك باهميته وانه خطوة في طريق اعادة النظر في مسألة تراكم الموظفين في الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية واعطاء الفرصة للشباب لاخذ حظهم في الوظائف الحكومية، كما ان القرار ونظرا لسهولة احصاء هؤلاء فامكانية تطبيقه سهلة بمكان، غير ان الرواتب التقاعدية ايضا تعد من بند النفقات الجارية في موازنة الدولة، كما ان الشواغر التي سيتركونها لابد لها من موظفين جدد، لنعاود الكرة من جديد ولترتفع معها النفقات الجارية بوتيرة مستمرة.
لا شك ان هذا القرار هام في جانب التخفيف من معضلة البطالة بين الشباب، الا انه ليس الحل لمعضلة الموازنة العامة وبنود نفقاتها، فلابد وان يصاحبه اعادة نظر في جملة الوظائف في القطاع الحكومي، فليس الغرض من توفير فرص عمل فقط بل الهدف هو فيما اذا كان هناك ضرورة لهذه الوظائف ام لا وهل هي تحقق مفهوم التشغيل الحقيقي للشباب ليكونوا قيمة مضافة على مستوى الاقتصاد الوطني.
ان ما هو مُتعارف عليه في القطاع الحكومي وما نشهده كمواطنين عند مراجعة اي دائرة حكومية وجود العديد من الموظفين في وظائف لا حاجة لها ولا فائدة تُرجى منها وعدمها افضل من وجودها خاصة وان الابقاء عليها انما هو نوع من الهدر في المال العام.
الضرورة ملحة حاليا لاعادة مراجعة ما تحتاجه الوزارات والدوائر الحكومية ودراسة مدى احتياجهم لكافة الوظائف ضمنها، وليس القصد هنا الاستغناء عن الموظفين الحاليين انما التطور الحاصل على صعيد الاعمال وتطورها سواء في القطاع العام او الخاص انما هو المولد الحقيقي لفرص عمل جديدة تتطلب مواصفات جديدة للموظف وتأهيل متقدم تكون الوزارة او الدائرة او المؤسسة مسؤولة عن تنفيذه.
تكدس الموظفين وابقاء الوظائف القديمة التي لا حاجة لنا بها اليوم تعد تضييعا للمال والجهد بل ومن الممكن ان تكون عائقا حقيقيا امام الانجاز، الملح حاليا هو تحديد الاحتياجات لتطوير الوظيفة والموظف دون الاستغناء عنه.