2024-11-20 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

هل عاد "العنف الإسلامي" مرة أخرى؟

ابراهيم غرايبة
جو 24 : بعد سنوات عدة على غياب أعمال العنف "الإسلامية" للقاعدة وأخواتها، ومظنة انحسارها، عادت هذه الأعمال لتظهر من جديد في المناطق والدول الهشة. ثم جاءت أحداث بوسطن في الولايات المتحدة كأنها ترد على مقولات واستنتاجات أن الإرهاب أو العنف المنتسب إلى الإسلام صار يتسلل إلى الدول الهشة، ويتسرب من خلال غياب الدولة، أو من تبني وحمل قضايا "قومية"؛ مثل قضية العرب والأمازيغ في مواجهة التعصب الزنجي في مالي، والعرب السنة في مواجهة الهيمنة الشيعية في العراق، وشعور الأغلبية البشتوينة في أفغانستان بالتهميش والإقصاء!
هل كان لما جرى في بوسطن علاقة بالأحداث التي تجري اليوم في سورية؟ عندما لا تتهم الولايات المتحدة جماعات متشددة مثل "القاعدة"، بتورطها في العملية، ينصرف الذهن إلى مشهد معقد، تتداخل وتتعارض فيه العلاقات والمصالح. فهل أصبح الإرهاب دولياً واستخبارياً، ولم يعد ينتمي فقط إلى جماعات متشددة؟
ربما تؤسس حادثة بوسطن لمرحلة جديدة، وتطور تحالفات وعلاقات جديدة للولايات المتحدة، سوف تكون مختلفة عما سبق وأكثر تعقيدا وشمولا. ويمكن تقدير المسار التالي للعلاقات والتحالفات السياسية والأمنية التي جرت منذ صعود جماعات الإسلام السياسي: التحالف مع الأنظمة السياسية الصديقة وأجهزتها الأمنية والاستخبارية في مواجهة العنف والإرهاب وما يهدد مصالح الولايات المتحدة. وبدا في تلك المرحلة أن الولايات المتحدة تحيّد الإخوان المسلمين، وإن كانت أيضا لا تدافع عنهم. وقد تقبلت الصراع السياسي أو العسكري بين الحكومات العربية والإسلامية وبين الجماعات الإسلامية، بغضّ النظر عن التجاوزات والانتهاكات الكبيرة التي وقعت فيها الحكومات في خضم صراعها وتنافسها مع الجماعات الإسلامية، وبرغم أن المجتمعات هي التي دفعت ثمن هذا الصراع من حياة أبنائها واستقرارها ورفاهها الاقتصادي والمعيشي.
في تلك المرحلة الممتدة من السبعينيات وحتى أواخر التسعينيات، تشكل مشهدان تقريبا من العلاقة بين الدول والجماعات الإسلامية؛ فنشأت حالات من التعايش والتحالف والتنافس السلمي والمواجهة الصامتة في دول ومجتمعات، مثل دول الخليج واليمن والأردن والمغرب؛ ومواجهة حادّة وعنيفة في دول أخرى، مثل مصر وتونس وسورية والعراق والجزائر. واستطاع الإخوان المسلمون في السودان أن يصلوا إلى الحكم عن طريق انقلاب عسكري، ودخلت البلاد، منذ العام 1989، في صراع داخلي طويل ومعقد، كانت إحدى نتائجه تقسيم السودان إلى شمال وجنوب. وحظيت الجماعات الإسلامية في أفغانستان بدعم أميركي ودولي هائل واستثنائي، ثم انقسمت هذه الجماعات على نفسها في سلسلة طويلة ومعقدة من الأحداث والتحالفات، ودخل بعضها في مواجهة عنيفة ودرامية مع الولايات المتحدة والعالم بأسره.
كان الدرس الذي خرجت به الولايات المتحدة من أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 هو مواجهة السلفية بوصفها محضن التشدد والعنف؛ والتحالف مع الإخوان المسلمين باعتبارهم جماعة معتدلة وسياسية، يمكن التعاون معها في مواجهة التشدد والعنف، وإقامة تحالف سياسي يضمن مصالح الولايات المتحدة ويحمي حليفتها إسرائيل. ويبدو أنه دعم وتحالف أدى إلى وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر وتونس، وعزز وجودهم ومشاركتهم في الحياة والعمليات السياسية في العراق فلسطين وسورية والمغرب وليبيا واليمن، وهم من قبل يحظون بوجود سياسي واجتماعي في الأردن والجزائر، وبتسامح وقبول ضمني في دول الخليج.
نجح التحالف في حماية المصالح والعلاقات السياسية للولايات المتحدة وإسرائيل، ونجح الإخوان في مواصلة العلاقات السياسية والاقتصادية مع الغرب، والتزموا بالحفاظ على مسار وطبيعة الصراع والعلاقات والتوازنات القائمة من قبل في مشهد الصراع العربي-الإسرائيلي. ولكنه تحالف لم يحقق الاستقرار، ولم يوقف العنف، ولم ينشئ بعد إجماعاً وطنياً جديداً ولا تقدماً اقتصادياً ولا حريات؛ وهي الأهداف والتطلعات التي أنشأت ثورات الربيع العربي، والتي اعتبرتها الولايات المتحدة أساساً لتحالف وشراكة جديدين مع الإخوان المسلمين في المنطقة. وربما تكون عملية بوسطن أساساً لاستراتيجية جديدة، لا تقوم على التحالف مع الحكومات منفردة، ولا مواجهة الجماعات الإسلامية السلفية والمتشددة، ولا الفوضى والحروب الأهلية التي عصفت بدول ومجتمعات عدة.
الدول والمجتمعات العربية مدعوة اليوم إلى التفكير والمشاركة في مستقبلها على أساس من الازدهار والرضا والسلم الاجتماعي، وأن تبني علاقاتها الداخلية والخارجية على هذا الأساس، ولا تظل تحت رحمة نخب سياسية فاسدة وجماعات متشدة وغرّة؛ فلا يمكن أن تنشئ هذه الدول والمجتمعات علاقات وتحالفات مع العالم المتقدم إلا من خلال إجماع واضح، يقنع العالم بجديتها وحرصها على السلام والازدهار.. فلا أحد يساعدنا سوانا!الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير