تبدأ المدرسة وينهشنا التنمر..
تخطو اقدام ابنائنا الى المدرسة منذ صباح اليوم في اول الايام ، وتخفق القلوب امام فتح تلك الابواب ، ايا من كان ، سواء من يدخل المدرسة في اول ايامه للصفوف الاولى ، او ذلك الذي يكمل مسيرته التدريسية في اي من الصفوف الابتدائية او الاعدادية او الثانوية ..
قصة المدارس عادية لكن ما يجعلها في تلك السنوات غير عادية ، ومحل قلق وتوتر لدى بعض الطلبة والاهالي ، قضية « التنمر « او تلك التي اصبحنا نعتاد ان نسمعها من العديد من المختصين باللغة الانجليزية « البوليينج «.
نعم هذا السلوك الذي اصبح يجتاح مدارسنا وبيئتنا بشكل لافت ومثير للرفض والاشمئزاز ليؤدي بالطفل او الشاب الى ان يترك صفه او حتى مدرسته بسبب تعرضه لهذا النوع من السلوك .
التنمر هو شكل من اشكال الاساءة او الايذاء الموجه من قبل فرد او مجموعة تكون بالغالب اضعف وتوجه للطرف الاخر تهديدا او القابا غير مقبولة ، وتنتهكه نفسيا وجسديا وتجعله يخرج عن نمطيته بشكل غير عادي ويرفض المجتمع الذي يعيشه ، والتساؤل الذي يطرح نفسه هل يمكن ان نوصل ابناءنا الى مثل تلك السلوكيات التي صنعتها الالعاب الالكترونية بشكل كبير؟ ، وساهم بها عدم اكتراث بعض الاهل لمتابعة ابنائهم خلال اللعب على الاجهزة الالكترونية والالعاب منها بشكل محدد !، وعدم توجيه هؤلاء الابناء على اعتبار تلك السلوكيات منافية للاخلاق والانسانية والتربية التي تعودنا عليها .
التنمر عادة اصبحت مستساغة في مدارسنا تمارس بشكل دائم ومقصود ، ونراها بالعين ونسمع بها كل يوم وابناؤنا يصلون الى بيوتهم يتحدثون عن يومهم المدرسي ، تمارس بشكل ربما مقصود او غير مقصود لكنها اصبحت عادة يمتهنها بعض ابنائنا للخروج عن النمطية ، واعتبار الشخصية تلك هي الاقوى والاقدر على السيطرة ، دون وازع نفسي او انساني يثني هذا الولد عن ممارسة الاساءة لغيره ، الامر الذي يوقع هذه الفئة بمشاكل وتداعيات كبيرة تقع الى حد العنف والاساءات الجسدية الكبيرة ..
قصة وقضية التنمر موجودة بكثافة في مدارسنا تحديدا ، وتكبر في حال لم نتداركها ، تكبر في حال اهمل الاهل ملاحظات ابنهم تجاه ما يتعرض له الطالب من خلال اقرانه ، تكبر ان لم نتحدث للمدرسة بشأن من يبادر بالتنمر ، ويقوده الى سلوك يومي اعتيادي ، يكبر في حال لم تأخذ المدرسة اجرءاتها تجاه المتسببين بهذه الحالة ، تكبر عندما لا يربي الاهل ابنهم على ان هذا معيب ومؤذ ولا يتناسب مع اخلاقنا ، تكبر عندما يكون السلوك لدينا غير اخلاقي وغير نابع من مفاهيم دينية ..
الاهل والمدرسة ، امامكم مسؤوليات جمة فيما يتعلق بسلوك التنمير الذي اصبح طقسا من طقوس يومهم ، ويمتهنون هذه العادة التي لا تدخل الموجه له الا باطار القهر والظلم وتغيير الشخصية للأسوأ وللعدوانية ، التي تؤول للعنف ورفض المجتمع والمكان ..
المدارس ، امامكم مسؤولية عظيمة بالمراقبة ، وعدم السكوت عن اي من تلك السلوكيات ، وتوجيه الطالب الممارس لهذا السلوك من خلال مرشد المدرسة الى خطورة ذلك ، ولفت الاهل الى من يتعرض للتنمر او يقوم به ، لأننا قد ندخل ابناءنا في سلوكيات لا تحمد عقباها ، سيما ما يتعلق بالعنف المجتمعي الذي يكبر وينتج بالجامعات والشارع والمجتمع ..
ارحموا ابناءنا وراقبوهم وابحثوا دوما عن الخلق والدين والانسانية ، لأن حياتنا لا تكتمل الا بالعودة للاصل بكل المفاهيم .