النموذج الاقتصادي الناجح للإعلام المحلي
د.باسم الطويسي
جو 24 : ما حدث لصحيفة "العرب اليوم" مؤخرا؛ من توقف مرحلي قد يؤدي إلى إغلاق الصحيفة أو إعادة تدوير ملكيتها من جديد، يفتح الباب واسعا لمناقشة شروط النموذج الاقتصادي الناجح في الإعلام المحلي تحديدا، وفي الإعلام العربي بشكل عام؛ في ضوء حجم الاستثمار السياسي الكبير والمتنامي في الإعلام العربي، على حساب الاستثمار الاقتصادي، الأمر الذي أعاق إلى حد بعيد نمو قطاع أعمال إعلامي مستدام، يصون المهنية ويحرص على الجودة.
طريقة التعاطي مع ملف "العرب اليوم" محليا، من خلال البيانات التي تصدرها الأحزاب والمؤسسات المدنية، والمواقف التي قدمها قادة رأي ووسائل إعلام، تذهب باتجاه تسييس القضية وإهمال البعد الاقتصادي، وبالتالي مستقبل الاستثمار في هذا القطاع.
لقد قدمت "العرب اليوم" في بعض مراحل تطورها نموذجا على درجة كبيرة من الأهمية في التطور المهني، وفي ممارسة الوظيفة الرقابية للإعلام؛ إذ نجحت في كشف العديد من الملفات المهمة، وفي وضع القارئ الأردني في دائرة الأحداث من خلال بعض التغطيات المعمقة. ولكن التدخل السياسي في الصحيفة؛ سواء الرسمي (غير المباشر) أو من قوى سياسية أخرى، حرم الصحيفة والعاملين فيها من فرصة الاستثمار الاقتصادي في النجاح المهني الذي حققته. وهو الأمر الذي تُرجِم عمليا بأشكال متعددة، منها تبدل ملكية "العرب اليوم" المتكرر، والضغوط التي مورست على كتاب وصحفيين دفعت إلى مغادرتهم الصحيفة، فيما يشبه عملية ممنهجة
للإطاحة بالصحيفة.
التضامن الحقيقي مع العاملين في "العرب اليوم" يكون في أن تتوفر لصحيفتهم الفرصة من جديد لبناء نموذج مهني مستقل ومنافس، يقود إلى نموذج اقتصادي ناجح. وهذا الدرس الذي يجب أن تدركه مؤسسات الدولة: الاستثمار السياسي في الإعلام على المدى البعيد، يتمثل في توفير بيئة سياسية آمنة ومعافاة، تمنع التدخل في المؤسسات الإعلامية، وتمنع الاحتكار، وتساهم في نمو قطاع أعمال إعلامي حقيقي قائم على المهنية والجودة والتنافس. حينها ستكون القيمة السياسية المضافة أكبر بكثير.
في العام 2007، تجاوز حجم الاستثمار العربي في قطاع الإعلام 16 مليار دولار، فيما لم يتجاوز حجم الإعلانات التجارية أكثر من 2.5 مليار دولار؛ بمعنى أن الفرق بين الرقمين هو حجم الاستثمار السياسي في الإعلام الذي توظفه الدول والقوى السياسية لتحقيق مصالحها، من خلال الدعاية السياسية. وبالتأكيد، سنجد أن هذه الأرقام تغيرت تماما بعد "الربيع العربي" كما يبدو ذلك في حجم القادمين الجدد، وحجم ما تم ضخه من أموال سياسية. وعلى الرغم من كل ما يقال وما تثبته الأحداث بشأن قوة وتأثير وسائل الإعلام في الأحداث الجارية، وتحديدا في العقد الأخير، فإن هذا السلوك السياسي يعد أحد أكبر معوقات نمو قطاع أعمال إعلامي حقيقي، سيكون إحدى ضمانات التطور الديمقراطي إذا ما وجد البيئة الملائمة التي تدفعه للعمل على أسس اقتصادية، تقدر قيمة المهنية والتنافس على أساس الجودة.
اليوم، تبدو أمام الأردن فرصة ذهبية للدفع لتنمية قطاع أعمال إعلامي ناجح. وهذه الفرصة ذات أبعاد اقتصادية وسياسية، تظهر واضحة مع تراجع نماذج إعلامية -وظفت سياسيا وسُوّقت في السابق كونها نماذج ناجحة- مع الإدراك المجتمعي للحاجة للإعلام المستقل الذي تثبته فرضية إعلام ما بعد "الربيع العربي": طلب كبير وثقة أقل.
(الغد)
طريقة التعاطي مع ملف "العرب اليوم" محليا، من خلال البيانات التي تصدرها الأحزاب والمؤسسات المدنية، والمواقف التي قدمها قادة رأي ووسائل إعلام، تذهب باتجاه تسييس القضية وإهمال البعد الاقتصادي، وبالتالي مستقبل الاستثمار في هذا القطاع.
لقد قدمت "العرب اليوم" في بعض مراحل تطورها نموذجا على درجة كبيرة من الأهمية في التطور المهني، وفي ممارسة الوظيفة الرقابية للإعلام؛ إذ نجحت في كشف العديد من الملفات المهمة، وفي وضع القارئ الأردني في دائرة الأحداث من خلال بعض التغطيات المعمقة. ولكن التدخل السياسي في الصحيفة؛ سواء الرسمي (غير المباشر) أو من قوى سياسية أخرى، حرم الصحيفة والعاملين فيها من فرصة الاستثمار الاقتصادي في النجاح المهني الذي حققته. وهو الأمر الذي تُرجِم عمليا بأشكال متعددة، منها تبدل ملكية "العرب اليوم" المتكرر، والضغوط التي مورست على كتاب وصحفيين دفعت إلى مغادرتهم الصحيفة، فيما يشبه عملية ممنهجة
للإطاحة بالصحيفة.
التضامن الحقيقي مع العاملين في "العرب اليوم" يكون في أن تتوفر لصحيفتهم الفرصة من جديد لبناء نموذج مهني مستقل ومنافس، يقود إلى نموذج اقتصادي ناجح. وهذا الدرس الذي يجب أن تدركه مؤسسات الدولة: الاستثمار السياسي في الإعلام على المدى البعيد، يتمثل في توفير بيئة سياسية آمنة ومعافاة، تمنع التدخل في المؤسسات الإعلامية، وتمنع الاحتكار، وتساهم في نمو قطاع أعمال إعلامي حقيقي قائم على المهنية والجودة والتنافس. حينها ستكون القيمة السياسية المضافة أكبر بكثير.
في العام 2007، تجاوز حجم الاستثمار العربي في قطاع الإعلام 16 مليار دولار، فيما لم يتجاوز حجم الإعلانات التجارية أكثر من 2.5 مليار دولار؛ بمعنى أن الفرق بين الرقمين هو حجم الاستثمار السياسي في الإعلام الذي توظفه الدول والقوى السياسية لتحقيق مصالحها، من خلال الدعاية السياسية. وبالتأكيد، سنجد أن هذه الأرقام تغيرت تماما بعد "الربيع العربي" كما يبدو ذلك في حجم القادمين الجدد، وحجم ما تم ضخه من أموال سياسية. وعلى الرغم من كل ما يقال وما تثبته الأحداث بشأن قوة وتأثير وسائل الإعلام في الأحداث الجارية، وتحديدا في العقد الأخير، فإن هذا السلوك السياسي يعد أحد أكبر معوقات نمو قطاع أعمال إعلامي حقيقي، سيكون إحدى ضمانات التطور الديمقراطي إذا ما وجد البيئة الملائمة التي تدفعه للعمل على أسس اقتصادية، تقدر قيمة المهنية والتنافس على أساس الجودة.
اليوم، تبدو أمام الأردن فرصة ذهبية للدفع لتنمية قطاع أعمال إعلامي ناجح. وهذه الفرصة ذات أبعاد اقتصادية وسياسية، تظهر واضحة مع تراجع نماذج إعلامية -وظفت سياسيا وسُوّقت في السابق كونها نماذج ناجحة- مع الإدراك المجتمعي للحاجة للإعلام المستقل الذي تثبته فرضية إعلام ما بعد "الربيع العربي": طلب كبير وثقة أقل.
(الغد)