هل تكون الهند دولة عظمى؟
ابراهيم غرايبة
جو 24 :
تبدو الهند اليوم عملاقا عالميا ينمو وإن ببطء، ويواجه تحديات كبرى وعظيمة. ولا شك في أن تطور الهند يغيّر في بنية المنظومة العالمية، وقد تصبح المنافسة والصراع والشراكة عالميا بين القمم/ القوى الثلاث: الولايات المتحدة، والصين، والهند.
تعرض روبين ميرديت في كتابها "الفيل والتنين"، تغيرات البنى الاقتصادية ونظام حركة وإدارة مشروعات الأعمال، وهجرة ملايين الوظائف إلى الصين والهند، مقابل ملايين العاطلين عن العمل في العالم المتقدم، كما التحولات العميقة في البنى الطبقية وطبيعة التحالفات الطبقية الجديدة المحتملة على الصعيد العالمي. وتقول: نحن أمام حدث مذهل لم يشهد العالم مثله منذ اكتشاف القارة الأميركية.
لقد بدأ الإصلاح الاقتصادي في الهند العام 1991، وكانت في ذلك العام تعاني من الفقر والإفلاس. ثم دخلت بسرعة إلى سوق الصناعات البرمجية، وطورت الشركات الهندية العريقة، مثل "تاتا"، من قدراتها وفرصها، حتى أصبحت الهند من أهم الدول المصنعة للسيارات، وأنشأت مجموعة كبيرة ومتطورة من المشروعات والبنى التحتية، مثل الطرق والمطارات والموانئ والكهرباء والطاقة والاتصالات. وقد هاجرت بالفعل ملايين الوظائف لذوي الياقات البيضاء في الصناعات الخدمية إلى الهند.
اكتشفت الشركات الأجنبية أن المصانع الهندية هي من بين الأفضل والأقوى منافسة في العالم على صعيد الإنتاج. ويعود ذلك إلى تراث غاندي ونهرو في رفع قدرات ومهارات المهنيين والحرفيين الهنود، واللذين شجّعا على تطوير الشركات الصغيرة والسلع المصنوعة يدويا. وقد نشأت شراكات ناجحة بين الشركات العالمية والشركات الهندية، بدأت بمصانع تويوتا للسيارات، وامتدت إلى معظم الشركات والمصانع. ونتيجة لذلك، زادت صادرات الهند من قطع غيار السيارات بنسب عالية متوالية.
بالطبع، فإن الهند تواجه عقبات وتحديات كبيرة، تتمثل في الأمية (35 %)، والانقسام الطائفي، والثقافة المضادة للتنمية، وضعف البنى التحتية وتآكلها؛ سواء الطرق أو المطارات والموانئ والسكك الحديدية والمرافق والمدارس. وهي تحتاج لأجل تحقيق أهدافها إلى استثمارات هائلة في البنى التحتية، ولكن من الواضح أنها تسير في طريق تعرفها وتدركها جيدا. ربما تكون أبطأ من الصين وأقل حيوية وديناميكية بسبب الديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية، ولكنها عقبة يمكن أن تتحول مع الزمن إلى أفضلية كبرى على الصين.
إن التحول إلى دولة غنية، كما يقول المفكر الهندي كاوشيك باسو، ليس هدفا في حد ذاته جديرا بالاهتمام؛ فهناك أشياء أفضل يمكن استهدافها. فحتى يكون الغنى والازدهار هدفين يستحقان العناء، فإنهما يجب أن يؤديا إلى تحسين ظروف الفقراء في المجتمع والسوق. ولأجل ذلك، يجب العمل على تحسين التعليم والنظام القضائي.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
(الغد)
تبدو الهند اليوم عملاقا عالميا ينمو وإن ببطء، ويواجه تحديات كبرى وعظيمة. ولا شك في أن تطور الهند يغيّر في بنية المنظومة العالمية، وقد تصبح المنافسة والصراع والشراكة عالميا بين القمم/ القوى الثلاث: الولايات المتحدة، والصين، والهند.
تعرض روبين ميرديت في كتابها "الفيل والتنين"، تغيرات البنى الاقتصادية ونظام حركة وإدارة مشروعات الأعمال، وهجرة ملايين الوظائف إلى الصين والهند، مقابل ملايين العاطلين عن العمل في العالم المتقدم، كما التحولات العميقة في البنى الطبقية وطبيعة التحالفات الطبقية الجديدة المحتملة على الصعيد العالمي. وتقول: نحن أمام حدث مذهل لم يشهد العالم مثله منذ اكتشاف القارة الأميركية.
لقد بدأ الإصلاح الاقتصادي في الهند العام 1991، وكانت في ذلك العام تعاني من الفقر والإفلاس. ثم دخلت بسرعة إلى سوق الصناعات البرمجية، وطورت الشركات الهندية العريقة، مثل "تاتا"، من قدراتها وفرصها، حتى أصبحت الهند من أهم الدول المصنعة للسيارات، وأنشأت مجموعة كبيرة ومتطورة من المشروعات والبنى التحتية، مثل الطرق والمطارات والموانئ والكهرباء والطاقة والاتصالات. وقد هاجرت بالفعل ملايين الوظائف لذوي الياقات البيضاء في الصناعات الخدمية إلى الهند.
اكتشفت الشركات الأجنبية أن المصانع الهندية هي من بين الأفضل والأقوى منافسة في العالم على صعيد الإنتاج. ويعود ذلك إلى تراث غاندي ونهرو في رفع قدرات ومهارات المهنيين والحرفيين الهنود، واللذين شجّعا على تطوير الشركات الصغيرة والسلع المصنوعة يدويا. وقد نشأت شراكات ناجحة بين الشركات العالمية والشركات الهندية، بدأت بمصانع تويوتا للسيارات، وامتدت إلى معظم الشركات والمصانع. ونتيجة لذلك، زادت صادرات الهند من قطع غيار السيارات بنسب عالية متوالية.
بالطبع، فإن الهند تواجه عقبات وتحديات كبيرة، تتمثل في الأمية (35 %)، والانقسام الطائفي، والثقافة المضادة للتنمية، وضعف البنى التحتية وتآكلها؛ سواء الطرق أو المطارات والموانئ والسكك الحديدية والمرافق والمدارس. وهي تحتاج لأجل تحقيق أهدافها إلى استثمارات هائلة في البنى التحتية، ولكن من الواضح أنها تسير في طريق تعرفها وتدركها جيدا. ربما تكون أبطأ من الصين وأقل حيوية وديناميكية بسبب الديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية، ولكنها عقبة يمكن أن تتحول مع الزمن إلى أفضلية كبرى على الصين.
إن التحول إلى دولة غنية، كما يقول المفكر الهندي كاوشيك باسو، ليس هدفا في حد ذاته جديرا بالاهتمام؛ فهناك أشياء أفضل يمكن استهدافها. فحتى يكون الغنى والازدهار هدفين يستحقان العناء، فإنهما يجب أن يؤديا إلى تحسين ظروف الفقراء في المجتمع والسوق. ولأجل ذلك، يجب العمل على تحسين التعليم والنظام القضائي.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
(الغد)