"صَمْتُ الحِمْلان'' وصِرَاعُ القوى
محمد علاونة
جو 24 : دول الغرب، وتحديداً واشنطن، ليست مَعْنية بمقدار حرية واستقلالية الدول العربية على مستوى القيادات أو الشعوب، بل أمن "إسرائيل" بالدرجة الأولى، ذلك كان جلياً في أحداث مصر وسوريا الأخيرة.
لكن الأسئلة التي تبحث عن إجابة: لماذا قتل معمر القذافي؟ وكيف هرب زين العابدين بن علي وتنحى علي عبد الله صالح وحسني مبارك؟ ألم تكن ثورات حقيقية أم أنها جُيِّرت لصالح صراع قوى عظمى، استطاعت أن تتسلل بكل احتراف وذكاء؟
حتى إن الأمرَ اختلط على مَنْ مارسوا التحليل لقرون، ليجدوا أنفسهم أمام فوضى تشابكت فيها أنواع غير مسبوقة من القوى، وبلغت فروعاً وتشعبات لا يمكن رصدها على الأقل بمستوى إخباري وليس تحليلياً.
رغم ذلك، فإن واقعاً لا يمكن تغييره أو تجاهل تحليله يتعلق بالإنسانية ذاتها، وكم يتوق صاحبها إلى نيل حريته، والاستفادة مما حدث في تحقيق ذلك، كصراع جديد ضِفَّتاه تلك الشعوب من جهة، والقوى العظمى من جهة أخرى.
فيلم "صمتُ الحِمْلان" يمكن أن يُجيب عن جزئيةٍ من تلك الأحداث، أو يتنبأ بقليل من المستقبل على المستوى الإنساني، وليس الفني، رغم أنه بأجزائه العديدة جذب مئات الملايين من المشاهدين حول العالم، مثلته "جودي فوستر" و"أنتوني هوبكنز" في الجزء الأول، واستبدل المنتجون بـ"فوستر" أُخريات في الأجزاء الأخرى.
الفيلم رغم أنه يتحدث عن شخصية مثل "هانيبال ليكتر" الذي كان يعمل طبيباً نفسياً، ويأكل لحوم البشر باستمتاع بعد أنْ يَطْهُوَها جيداً، أصبح بطلاً غير مسبوقٍ، وله ملايين المُعْجَبين حول العالم.
القصة تتحدث عن طفل قُتل والداه خلال الحرب العالمية الثانية، وبقي حياً هو وأخته الوحيدة حتى قُبِضَ عليهما، وكانت النتيجة أنَّ جنوداً أشِدَّاءَ قَطَّعوا شقيقته أشلاء، وأكلوها بعد الطهو.
من هنا جاءت فكرة الرواية أن تكون مرعبة بشكل مختلف، وليس كالأفلام الساذجة والسطحية، بل من خلال قصة حقيقية يمكن أن تكون مؤثرة من البُعْد الآخر بأنه يمكن التعاطف مع انتقام "هوبكنز" لشقيقته.
بصراحة كنتُ من المستمتعين بمشاهدة الفيلم أكثر من مرة رغم مشاهده المُرعبة؛ كون "هوبكنز" كان ذلك الرجلَ المتعلم والمثقف، وينطق بعبارات مميزة وفريدة، ولديه الأفكار الخاصة والصعبة.
بكل هدوء يُطلق على مَسَامعك النصيحة الممزوجة بالذكاء الفذ والخبرة الطويلة، يتمتع بدرجة عالية من الفكر الرفيع بعد أن بلغ مراحل متقدمة في دراساته وبحوثه، لكنه كان يتلذذ بأكل لحوم البشر؛ انتقاماً لشقيقته!
الفيلمُ حَازَ أربع جوائز أوسكار، وتَصَدَّرت مَبِيعاته شبابيك التذاكر، وتشكلت مجموعات من المُعجبين به، لدرجة أن مراكز ومواقع متخصصة جعلته في قائمة المواضيع التي لا بد من دراستها بالتفاصيل!
غالباً ما ارتبطت عبارة "صمتُ الحِمْلان" بالخوف، وعدم الرفض، والانسياق للمجهول كما يحدث عندما تُسَاق الخِرَاف للذَّبْح، وهو ما شاهدناه على شكل بشري في مذابح للبشر هنا وهناك في السابق والآن.
مَسائلُ القهر والظلم، وحتى الاعتداء، تشكل نِقاطَ تَحَولٍ لدى النفس البشرية، فإن شعر أحدهم بالظلم ولم يستطع الدفاع عن نفسه، فمن الصَّعب نسيان الموقف دون أن يُحدث ثغرة يمكن أن تنمو يوماً بعد يوم، وتتسع معها رُقعة الضَّغِينة؛ لتشكل انفجاراً ذاتَ يومٍ.
خُلاصةُ القولِ أن "هوبكنز" الذي خَلَّدَ الشخصية في عالم السينما يقول:
"هانيبال رجل وحيد، إنه يُعَبِّر عن أسوأ ما في داخلنا، ونحن نُحِب دومًا أن نرى شخصًا يقوم بما نخشى نحن القيام به؛ لهذا نجح هانيبال؛ لأنه سيُنَفِّذ لك أسوأ كوابيسك!".
فهل يَتَّعِظُ مَنْ يُمَارسون القَهْرَ والقَتْلَ، ويَعْتقدون أنَّ السلطةَ أقوى من النفس، أو أنَّهم يتغاضون عن ذلك، ولا يَعْلمون أنه في يوم من الأيام لن تَبْقى الحِمْلانُ صَامِتَةً؟
(السبيل)
لكن الأسئلة التي تبحث عن إجابة: لماذا قتل معمر القذافي؟ وكيف هرب زين العابدين بن علي وتنحى علي عبد الله صالح وحسني مبارك؟ ألم تكن ثورات حقيقية أم أنها جُيِّرت لصالح صراع قوى عظمى، استطاعت أن تتسلل بكل احتراف وذكاء؟
حتى إن الأمرَ اختلط على مَنْ مارسوا التحليل لقرون، ليجدوا أنفسهم أمام فوضى تشابكت فيها أنواع غير مسبوقة من القوى، وبلغت فروعاً وتشعبات لا يمكن رصدها على الأقل بمستوى إخباري وليس تحليلياً.
رغم ذلك، فإن واقعاً لا يمكن تغييره أو تجاهل تحليله يتعلق بالإنسانية ذاتها، وكم يتوق صاحبها إلى نيل حريته، والاستفادة مما حدث في تحقيق ذلك، كصراع جديد ضِفَّتاه تلك الشعوب من جهة، والقوى العظمى من جهة أخرى.
فيلم "صمتُ الحِمْلان" يمكن أن يُجيب عن جزئيةٍ من تلك الأحداث، أو يتنبأ بقليل من المستقبل على المستوى الإنساني، وليس الفني، رغم أنه بأجزائه العديدة جذب مئات الملايين من المشاهدين حول العالم، مثلته "جودي فوستر" و"أنتوني هوبكنز" في الجزء الأول، واستبدل المنتجون بـ"فوستر" أُخريات في الأجزاء الأخرى.
الفيلم رغم أنه يتحدث عن شخصية مثل "هانيبال ليكتر" الذي كان يعمل طبيباً نفسياً، ويأكل لحوم البشر باستمتاع بعد أنْ يَطْهُوَها جيداً، أصبح بطلاً غير مسبوقٍ، وله ملايين المُعْجَبين حول العالم.
القصة تتحدث عن طفل قُتل والداه خلال الحرب العالمية الثانية، وبقي حياً هو وأخته الوحيدة حتى قُبِضَ عليهما، وكانت النتيجة أنَّ جنوداً أشِدَّاءَ قَطَّعوا شقيقته أشلاء، وأكلوها بعد الطهو.
من هنا جاءت فكرة الرواية أن تكون مرعبة بشكل مختلف، وليس كالأفلام الساذجة والسطحية، بل من خلال قصة حقيقية يمكن أن تكون مؤثرة من البُعْد الآخر بأنه يمكن التعاطف مع انتقام "هوبكنز" لشقيقته.
بصراحة كنتُ من المستمتعين بمشاهدة الفيلم أكثر من مرة رغم مشاهده المُرعبة؛ كون "هوبكنز" كان ذلك الرجلَ المتعلم والمثقف، وينطق بعبارات مميزة وفريدة، ولديه الأفكار الخاصة والصعبة.
بكل هدوء يُطلق على مَسَامعك النصيحة الممزوجة بالذكاء الفذ والخبرة الطويلة، يتمتع بدرجة عالية من الفكر الرفيع بعد أن بلغ مراحل متقدمة في دراساته وبحوثه، لكنه كان يتلذذ بأكل لحوم البشر؛ انتقاماً لشقيقته!
الفيلمُ حَازَ أربع جوائز أوسكار، وتَصَدَّرت مَبِيعاته شبابيك التذاكر، وتشكلت مجموعات من المُعجبين به، لدرجة أن مراكز ومواقع متخصصة جعلته في قائمة المواضيع التي لا بد من دراستها بالتفاصيل!
غالباً ما ارتبطت عبارة "صمتُ الحِمْلان" بالخوف، وعدم الرفض، والانسياق للمجهول كما يحدث عندما تُسَاق الخِرَاف للذَّبْح، وهو ما شاهدناه على شكل بشري في مذابح للبشر هنا وهناك في السابق والآن.
مَسائلُ القهر والظلم، وحتى الاعتداء، تشكل نِقاطَ تَحَولٍ لدى النفس البشرية، فإن شعر أحدهم بالظلم ولم يستطع الدفاع عن نفسه، فمن الصَّعب نسيان الموقف دون أن يُحدث ثغرة يمكن أن تنمو يوماً بعد يوم، وتتسع معها رُقعة الضَّغِينة؛ لتشكل انفجاراً ذاتَ يومٍ.
خُلاصةُ القولِ أن "هوبكنز" الذي خَلَّدَ الشخصية في عالم السينما يقول:
"هانيبال رجل وحيد، إنه يُعَبِّر عن أسوأ ما في داخلنا، ونحن نُحِب دومًا أن نرى شخصًا يقوم بما نخشى نحن القيام به؛ لهذا نجح هانيبال؛ لأنه سيُنَفِّذ لك أسوأ كوابيسك!".
فهل يَتَّعِظُ مَنْ يُمَارسون القَهْرَ والقَتْلَ، ويَعْتقدون أنَّ السلطةَ أقوى من النفس، أو أنَّهم يتغاضون عن ذلك، ولا يَعْلمون أنه في يوم من الأيام لن تَبْقى الحِمْلانُ صَامِتَةً؟
(السبيل)