هل تجاوزنا أزماتنا بمباراة الأوروغواي؟!
محمد علاونة
جو 24 : سؤال فضفاض لكنه مهم، ولن يستطع الإجابة عنه من شغله الهَوس بمباراة الاردن- الأوروغواي التي أخذت حيزاً غير مسبوق من ناحية الترويج والتثقيف، لدرجة أن البعض اعتبرها ستوحد الأردنيين من الأصول والمنابت كافة!
لستُ ضد كرة القدم، ولا من عشاقها أيضاً، لكن كل هذا الضخ الإعلامي والتحشيد، وحتى التحريض، لو كان باتجاه تثقيف الناس حول استغلال الوقت والعمل الخلاق، والحفاظ على المصلحة العامة، لكانت الفائدة أعم وأجدى.
هنالك مَنْ يسعى لتمكين ثقافة عامة لا تَعْنيها مصالح الأفراد والعموم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، اعتمدت الدولة منذ عقود على نشر ثقافة الاستهلاك من خلال الاعلانات التجارية -أكانت لاتصالات أم لسلع غذائية وكمالية- حتى ترسخ لدى الناس ذلك المفهوم الضار على حساب الإنتاجية.
كان لكرة القدم جزء من تلك الثقافة، وبدأت ككرة ثلج قبل المباراة بأيام، وكأن البلد لا يعاني من مشاكل داخلية أو إقليمية! على اعتبار انعدام الفقر والبطالة، وتلاشي عجز الموازنة، وديون معدومة.
يمكن أن يرى البعض في هذا تَحَاملاً وضد سعادة الناس، ضاربين لهذا مَثَلاً بأن هوس كرة القدم موجود لدى العالم أجمع، والإجابة بسيطة وهي أن تلك الدول تجاوزت أزماتها، ولا تعاني من جهة، ومن جهة أخرى لابد من إحداث توازن بين ذلك الهوس وبين البحث عن حلول لمشاكلنا، أكانت سياسية أم اجتماعية واقتصادية؛ إذ لا يجوز أن نبالغ في ردود الفعل نحو كرة القدم، ونتجاهل طوابير المعونة الوطنية وتكية أم علي كل رمضان.
من حق أهل البلد أن يفرحوا، ويُمضوا أوقاتاً سعيدة بمشاهدة تلك المباراة، لكن عليهم أن يعوا أن تلك المباراة ستنتهي بغض النظر عن النتائج، أما أقساط المدارس والإخفاق في خدمات الصحة والتعليم فما تزال قائمة!!
للعلم فقط.. آلاف الموظفين من القطاعين العام والخاص حصلوا على إجازات عادية ومرضية، ومنهم مَن لم يذهب لمشاهدة المباراة، وعشرات المدارس أفرجت عن الطلاب قبل نهاية الدوام بساعتين، والأمن وقوات الدرك استنفرت لدرجة أنها نقلت المشاركين من المؤسسات العامة والخاصة إلى داخل الستاد.
ذلك سيكون كمخدر لوقت قصير، ثم يصحو الجميع ليواجهوا حياتهم الصعبة من جديد حتى مباراة أخرى، ونبقى ندور في نفس الحلقة! وإذا كانت هنالك أزمات اجتماعية واقتصادية لدينا، فإن العالم المتقدم لديه أزمة وقت؛ فهؤلاء يشكون ضيق الوقت الذي يمنعهم من قراءة كتاب، أو ممارسة هواية، أو مشاهدة مباراة؛ بسبب عملهم الجاد، ونحن لدينا كل الوقت للهوس بمباراة الأوروغواي!
(السبيل)
لستُ ضد كرة القدم، ولا من عشاقها أيضاً، لكن كل هذا الضخ الإعلامي والتحشيد، وحتى التحريض، لو كان باتجاه تثقيف الناس حول استغلال الوقت والعمل الخلاق، والحفاظ على المصلحة العامة، لكانت الفائدة أعم وأجدى.
هنالك مَنْ يسعى لتمكين ثقافة عامة لا تَعْنيها مصالح الأفراد والعموم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، اعتمدت الدولة منذ عقود على نشر ثقافة الاستهلاك من خلال الاعلانات التجارية -أكانت لاتصالات أم لسلع غذائية وكمالية- حتى ترسخ لدى الناس ذلك المفهوم الضار على حساب الإنتاجية.
كان لكرة القدم جزء من تلك الثقافة، وبدأت ككرة ثلج قبل المباراة بأيام، وكأن البلد لا يعاني من مشاكل داخلية أو إقليمية! على اعتبار انعدام الفقر والبطالة، وتلاشي عجز الموازنة، وديون معدومة.
يمكن أن يرى البعض في هذا تَحَاملاً وضد سعادة الناس، ضاربين لهذا مَثَلاً بأن هوس كرة القدم موجود لدى العالم أجمع، والإجابة بسيطة وهي أن تلك الدول تجاوزت أزماتها، ولا تعاني من جهة، ومن جهة أخرى لابد من إحداث توازن بين ذلك الهوس وبين البحث عن حلول لمشاكلنا، أكانت سياسية أم اجتماعية واقتصادية؛ إذ لا يجوز أن نبالغ في ردود الفعل نحو كرة القدم، ونتجاهل طوابير المعونة الوطنية وتكية أم علي كل رمضان.
من حق أهل البلد أن يفرحوا، ويُمضوا أوقاتاً سعيدة بمشاهدة تلك المباراة، لكن عليهم أن يعوا أن تلك المباراة ستنتهي بغض النظر عن النتائج، أما أقساط المدارس والإخفاق في خدمات الصحة والتعليم فما تزال قائمة!!
للعلم فقط.. آلاف الموظفين من القطاعين العام والخاص حصلوا على إجازات عادية ومرضية، ومنهم مَن لم يذهب لمشاهدة المباراة، وعشرات المدارس أفرجت عن الطلاب قبل نهاية الدوام بساعتين، والأمن وقوات الدرك استنفرت لدرجة أنها نقلت المشاركين من المؤسسات العامة والخاصة إلى داخل الستاد.
ذلك سيكون كمخدر لوقت قصير، ثم يصحو الجميع ليواجهوا حياتهم الصعبة من جديد حتى مباراة أخرى، ونبقى ندور في نفس الحلقة! وإذا كانت هنالك أزمات اجتماعية واقتصادية لدينا، فإن العالم المتقدم لديه أزمة وقت؛ فهؤلاء يشكون ضيق الوقت الذي يمنعهم من قراءة كتاب، أو ممارسة هواية، أو مشاهدة مباراة؛ بسبب عملهم الجاد، ونحن لدينا كل الوقت للهوس بمباراة الأوروغواي!
(السبيل)