الميكافيللية بنسختها الأردنية
الميكافيللية( Machiavellianism) لمن يغيب عنه مفهومها، هي توظيف الخداع والسلوك غير المحمود بقصد جعل الناس يصدقون ما هو ليس الحقيقة بما يتعلق بإدارة الشأن السياسي. وتنسب إلى الكاتب الإيطالي ميكافيللي (Machiavelli). ومفهومها العام قائم على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. وهذا المفهوم نراه مطبقا وشخصية صاحبه متقمصة من قبل السيد رئيس الحكومة إذا ما استعرضنا السياسات التي يسنها ويطبقها بغية هدف معين حتى لو كان الثمن غضب شعبي نتيجة هذ السياسات التي يمكن أن تؤدي لما هو أعظم وأبشع من الغضب.
المتصفح لعناوين الأخبار المتعلقة بما تنوي الحكومة برئيسها الهمام من اتخاذه من قرارات ومشاريع قرارات ودراسات يتم تسريبها لجس النبض ورصد ردود الفعل من الشارع والمعارضة وأصحاب الرأي والكتاب، يجعلنا نخجل من أنفسنا أمام العالم ونحن نرى هذه العناوين لا تبشرنا بخير بل تزف لنا إبداعات وتجليات رئيس حكومة تجرد من أردنيته ولحق بركب الذابحين لهذا الشعب التي تنعدم خياراته التقليدية بصورة مضطردة, ولم يعد أمامه إلا اللجوء لما كان يعتبره على الدوام خيارا مستبعدا وغير وارد بالحسبان.
حكومة تتلاعب بقوت الشعب غير عابئة بالنتائج الوخيمة التي يمكن أن تعمل على تحريك الشارع وتهييجه وتدفع بالوطن ونظامه إلى ما لا نتمناه. حكومة يرأسها رجل ابتعد كثيرا بل تبرأ من كونه من صلب هذا الشعب منقلبا على مثله وقيمه التي طالما حارب وقاتل وعارض من أجل تحقيقها متبنيا مفاهيم ميكافيللية تؤمن بسمو السياسة والهدف على الأخلاق لخلق أوتوقراطية (Autocracy) لا محدودة لجمع السلطة والتفرد بها لشخصه. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على التعطش للسلطة والنفوذ اللذان من خلالهما يمارس وينفذ ما تدعو إليه ميكافيلليته التي رأى بها البديل لكل ما كان يؤمن به نائبا.
هل هذه النسورية وهي صوره مأخوذة عن الميكافيللية هي ثمن بقاء التربع على كرسي لا بد زائل يوما؟؟ إن كانت هذه المذهبية بذهنية صاحبها تقود لإطالة عمر البقاء على الكرسي وأن انتهاجها سيرضي ولي الأمر رأس الدولة، فأظنها نسورية زائفة حتى وإن أصابت الشعب بمقتل ورأى بها نجاحا وإنجازا لكنها تقتل شعبا وتهدم وطنا.
نذكّر ولي الأمر أن ما سمي يهبة نيسان التي هبها أهل معان كانت دوافعها متوفرة بمحافظة معان أكثر منها بباقي المحافظات. وهنا نَصْدُق ولي الأمر الملك عبدالله أن الدوافع نفسها متوفرة الآن بكافة محافظات المملكة بسبب السياسات المجحفة التي تنتهجها الحكومة. فهل ننتظر الخراب ليعم والفوضى لتضرب كل جانب والعنف ليكون السبيل للتعبير والإعتصام بالساحات والميادين وأمام الديوان والرئاسة وتتعطل الحياة وتغلق الشوارع ويصطدم الناس مع الأمن، حتى نبدأ بالتفكير بإقالة هذه الحكومة؟؟
وللملك نقول: هل ترضون برئيس حكومة لا يرضى عنه شعبكم؟؟ هل ترضون بقبطان يوجه مركبنا نحو العواصف الهوجاء التي نراها تدفع به للإرتطام بصخور تؤدي لتحطيمه؟ خير البر عاجله، والبر أن تقال هذه الحكومة، إذ إقالتها صارت مطلبا ملحا ومن حق شعبك عليك أن تسارع بإبدالها مع توخي حسن الإختيار لشخصية وطنية تتعهد لكم ولشعبكم على العمل بما يرضي لله والشعب وترضى عنها الغالبية، وإلا يا سيدي والله نحن نسير بطريق مظلم أطفا نوره عبدالله النسور إيمانا منه بأن الغاية تبرر الوسيلة وتلك ميكافيللية بصبغة أردنية صبغها هذا الرئيس حتى استحق لقب صاحب مذهب يدعى النسورية(Ensourism) لشدة ما أذاقه للأردن وللشعب.
فها هو يترنم على تعذيب شعبكم برفع الأسعار ورفع الضرائب ورفع الخبز ورفع الملابس وتسجيل السيارات وترخيصها ولا نعلم ما ينوي إقراره بعد ذلك، هل هي ضريبة على الهواء؟؟ هل هي ضريبة على النوم؟؟ أم ضريبة على القدر الإلهي أن خُلقنا أردنيين؟؟
جلالة الملك... بات الأمر بأيديكم والكرة بمرماكم وشعبكم ينتظر منكم إنقاذه من المذهبية النسورية. ربما لن تحل مشاكل الأردن إذا قمتم باستبداله، لكن أصبحت الرغبة جارفة والمطلب ملح لدى الشعب، فانقذوا شعبكم واسعفوه حتى لا ينحو منحى شعوب أخرى طالما انتقدنا زعماءها واستبدادهم وجورهم وها هي تعم بلدانهم الفوضى والقتل والتدمير ومحاولات الإنقلاب.
سيدي... والله ليس هناك أردني راغب أو مؤيد لما حالت إليه أوضاع أشقائنا فكيف نرضى بها لأنفسنا؟! لكنا نُدفع دفعا وبقوة وعنف وبلا رحمة أو شفقة نحو ذلك من رئيس حكومة لا يرى ولا يجيد إلا سلخ جلد المواطن، والمواطن يلجأ لكم وبكل الوسائل المتاحة لتخلصوه من جور لحق به وظلم وقع عليه وحق سلب منه وبسمة اختطفت من على شفتيه.
نلاحظ من إتصالات المشاهدين ببرامج القنوات الفضائية المحلية نبرة الإستنجاد بجلالتكم وتمنياتهم بأن تصلكم إستغاثاتهم للعمل على حل ما يواجهوه من تغول الحكومة. نعلم أن وقتكم ومشاغلكم ومسؤولياتكم تقف حائلا امام إمكانية المتابعة. لكن هذه الإستغاثات والإستنجادات لم تأتِ من فراغ بل كل المواطنين من أبسطهم إلى مثقفهم يعلمون أن جلالتكم ليس بيدكم عصا سحرية لحل كل مشاكل المواطنين، لكن فقدانهم للثقة والأمل بمثل هكذا حكومة جعلهم يطرقون أبوابكم، فلم يبق أمامهم إلا جلالتكم لإنصافهم وإنقاذهم من حالة التدهور الآخذه بالتسارع.
إن كون المواطن يستنجد بالملك حتى بأبسط الأمور، فهذا دليل واضح أن الحكومة تخدعه ولا تقوم بعملها على أكمل وجه وكما أقسمت أمامكم. أليس بعد هذا مبرر لكي يتم العمل على طرد هذه الحكومة التي وضعت السيوف على رقاب الأردنيين منذ اليوم الأول لمجيئها؟؟
أنا كاتب هذا المقال، قد استقرأت واستطلعت من الكثير من الناس الذين تجمعني بهم قربى أو صداقة أو مناسبة اجتماعية أو طابور انتظار، وخرجت بمحصلة أصدقكم القول بها أن الشكوى والتذمر والإشمئزاز من سياسات هذه الحكومة قد بلغت مداها لدى الناس، ولا أرى ذلك إلا نذير شؤم كالنار تحت الرماد.
فسارعوا جلالتكم لإنقاذ شعبكم ونظامكم والدولة وأوقفوا هذا التغول والإستقواء اللذان يدفعان بالناس لتشكيل سيل عارم لا ينفع معه لا صالح ولا طالح. أللهم قد بلغت.
وحمى الله الأرن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.