jo24_banner
jo24_banner

مؤسسية ( الجورة ) ..!!!!

حمزة المحيسن
جو 24 :

   لا أذكر يوما ما في حياتي أن ( الجورة ) التي كنا نلعب فيها ( الجلول ) في حارتنا كانت ( خربانة ) أو أنها تعرضت للعبث والتخريب ، ففي العطلة الصيفية الكل يتأهب للمنافسة الشريفة ويحضر ( جلوله ) في علب الحليب المعدنية الفارغة ، عند ( الجورة ) نفسها التي كنا نلعب بها كل صيف ، فما علينا عند بداية الموسم سوى الذهاب لنفس ( الجورة ) وإزالة ما دفن فيها من تراب نهاية الموسم الماضي ، والغريب أنها نفس ( الجورة ) التي كان يلعب فيها أبناء الحارة الكبار عندما كانوا صغارا مثلنا وحينها كنا من جمهرة المتفرجين ، ومن الموبخين الذين كانت تؤدينا صرخاتهم في حال لامست أقدامنا الحافية ، ( جلولهم ) في طريقها إلى ( الجورة ) ، وما يعنيني هنا وعلى الرغم من ( كتلاتهم ) إلا أن (الجورة ) أستمرت في رسالتها عبر الأجيال لكل من نشأ وترعرع في الحارة ...!!!!

إن عوامل بقاء ( الجورة ) في حارتنا لأجيال متعددة كان مرتبطا في حسن إختيار المكان ، فجزا الله خيرا من أسس لمكان ( الجورة ) والذي إلى الآن لم أعرف من هو إبن حارتنا العبقري الذي أختار هذا المكان ؟ ، فالمكان موجود في ( دخلة ) أو ( زقة ) الدكنجي " أبو بسام " ، وهي من زقاق الحارة التي كنا وكانوا يتفيأون بظلها من أشعة الشمس الحارة وفيها نسمات هوائية رطبة وباردة نوعا ما وعليلة ، حتى ان الامهات في الحارة عندما كن يبحثن عن إبنائهن لكي يشتروا لهن حاجيات المنزل ، كنا نتشرف بزيارتهن في مكان ( الجورة ) ، ( الجورة ) بإختصار كانت أشهر من نار على علم بكافة المستويات بالحارة ، وحافظت على بقاءها على الرغم من النمو والتطور الذي واكب الحارة على مدى التاريخ ...!!!!!

إن المنهج الإداري المؤسسي ( لجورة الجلول ) والذي تعلمته منها قبل ان اتعلم وأدرس الإدارة في الجامعة ، جعلني حزين للغاية على حال المؤسسات في بلدنا ، فما أن يأتي تشكيل حكومي جديد ، فالأمر هين وبسيط بالنسبة لمتخذ القرار في أن يلغي وزارة قديمة ، أو يستحدث وزارة جديدة ، أو أن يغير مسؤول عامل وقديم بمسؤول جديد وهكذا دواليك لتدخل الموازنة في قصص جديدة من الإستنزاف والمشكلة الأبرز هنا أن كل مسؤول جديد له رؤية جديدة تختلف عن القديم لتدخل السياسات والخطط والبرامج الخاصة بالمؤسسة في حالة من التخبط والفوضى وقصص أخرى طويلة وحزينة يطول شرحها إلا انها بإختصار تعطينا مؤشر للمنطق الغريب السائد والذي ما زال يكتنف متخذ القرار في عملنا المؤسسي العام يقوم على حفر ( جورة ) عميقة جدا ندفن فيها أهم نظريات العمل الإداري المؤسسي ، فإلى كل مسؤول في البلد أتقوا الله فيه فقد سئمنا من ( حفركم ) أما آن لكم أن تعودوا لرشدكم ...!!!!

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير