التل عمل بعقلية الجمهورية تحت مظلة الملكية
د. محمود عواد الدباس
جو 24 : قال الدكتور محمود عواد الدباس ، أن المتابع الدقيق لكافة المنجزات التي قام بها الشهيد (وصفي التل)عبرالحكومات الثلاث التي شكلها (1962م،1965م،1970م)، يجد أنها تصب كلها مجتمعة في تأكيد فرضية سياسية مفاداها، أن (التل) كان ينشىء مؤسسات الدولة المتعددة على طريقة الأنظمة الجهمورية ، لكنها تحت مظلة (التاج الملكي) ، دليلنا في ذاك ، تعزيزه للهوية الاردنية كعصبية سياسية، واهتمامه بالأعلام الموجّه عبرالاذاعة الاردنية ،والبدء بأنشاء مشروع التلفزيون الأردنيّ ، ثم تأسيس جريدة الرأي كصحيفة ناطقة بأسم الدولة الأردنية 1971م، وقد توج (التل) ذاك كله عبر تأسيس التنظيم السياسي الأوحد في الدولة الأردنية، و هو(الاتحاد الوطني الاردني )، والذي عقد مؤتمره الأول في( 25/11/1971م )، نعم أن (التل) كان أكبر من حجم رئيس وزراء ، ألا انه كان ملكيّا مئة بالمئه ، جاء ذاك في الندوة الاستذكارية التي اقامها (ائتلاف شباب السلط) بالتعاون مع بلدية السلط الكبرى في قاعة الاستقلال مساء الجمعة الماضي في قاعة الاستقلال التابعة للبلدية ، بحضور العديد من المهتمين ، يتقدمهم جمع من ال (التل ).
تناول (الدباس) في ورقته الاستذكارية ،و التي جاءت بعنوان ( الشهيد وصفي التل ... رجل النظام الأقوى الذي لم يتكرر) ، العوامل الرئيسية التي ساهمت في صياغة شخصية (التل)، والطبائع الشخصية له، وابرزالمفاهيم الرئيسية في فكر(التل) السياسي ، والتهم التي وجهت اليه ، والتقصير الرسمي تجاه تضحيات الشهيد (وصفي)، وتسائل عن ماذا بقى من فكر (وصفي) السياسي ،علما بأن الورقة التي قدمها ارتكزت على مسلّمة رئيسية ، مفاداها ، المنزلة السياسيه الرفيعه للشهيد (وصفي التل ) في الوجدان الوطني الأردني، و العائدة لحجم منجزاته الكبيرة ، وانه (البطل ) الذي استطاع أن يحمى الأردن من حالة الفوضى والأنفلات الأمني .
العوامل التي ساهمت في صياغة شخصية(التل)
اشار(الدباس) بحسب المراجع التي اطلع عليها ، الى جملة من العوامل التي ساهمت في صياغة شخصية (وصفي التل ) ، والتي تبدأ من كونه من فئة (ثنائي الدم العرقي)، اذ انه قد تأثر بالسمات والطباع القومية لأخوله (الأكراد) وابرزها الصلابة و العناد، عزز ذاك أنه عاش بينهم السنوات الست الأولى من عمره ، بعد ذاك كان تأثره بحالة التقلب في المزاج السياسي لوالده الشاعرالكبيرمصطفى وهبي التل ( عرار ) ، فقد كانت حياة ( عرار ) تترواح بين الموالاة والمنصب ، و بين المعارضة والسجن ، ثم جاءت مدينة السلط وثانويتها الأولى ،والتي درس ودرّس فيها ( وصفي) ،والتي ساهمت في بناء الوعي الوطني لـ(التل) ، بعدها كانت بيروت والجامعة الأمريكية فيها ، والتي ساهمت في بناء الوعي القومي لـ(وصفي ) ، كما كان لالتحاق ( وصفي ) بالكلية العسكرية البريطانية منذ العام (1942م)، وتخرجه منها برتبة ملازم ثان الى أن وصل الى رتبه (نقيب) ، أن ساهمت في صقل شخصية الذاتية بالطباع العسكرية، وكان العامل الأخير في التأثر في تشكيل شخصية (التل)هو القضية الفلسطينية ،حيث عمل في (المكتب العربي) في القدس و لندن من اجل نصرتها، ومن ثم تطوعه في جيش الأنقاذ لمنع احتلالها وتقاسمها مع (اليهود) 1947/1948م .
الطبائع الشخصية لـ(التل)
كان لتجارب (التل)السابقة في حياته ،كبير الأثرعلى طباعه الشخصية ، من نظراليه ، ومن تعايش معه ، قال أن تقاطيع وجه كانت صارمة ، تعطى الأنطباع أنه رجل شرس عنيف جاف لا يعرف ألا الجد، لم يكن سهلا عليه اظهار فرحه أو حزنه ، عرف عنه الوضوح ، وكان يعبّر عن رأيه بأسلوب مباشر دون مواربة ، ثقته بنفسه كانت عالية جدا، خاصة في لحظات الأزمات ، كان قادرا على ضبط اعصابه ، وتصفيه ذهنه، هذه الصفات ، جعلته مؤهلا للقيادة ، وجعلت ممن حوله يقدمونه لقيادتهم ، كما كان يتمتع بطاقة تحمل عالية ، جعلته يستطيع العمل لساعات طويلة متواصلة .
المفاهيم الرئيسية في الفكر السياسي لـ(التل)
1- ثلاثية : ( الولاء الوطني)، و ( الخصوصية الوطنية ) و ( الاستقلالية الوطنية)
كان (التل) يؤمن بالولاءات الصغيرة ،والتي تعتبرالأساس الثابت للولاءات الكبيرة ، كان يؤمن أن الولاء للوطن الصغير (الأردن) ، و العمل على بنائه و تقويته ، هو من صميم الولاء للوطن العربي الكبير، كان يؤمن بأن الأردن دولة ذات سيادة ، ولايجوزأن يخضع سياسته الخارجية لأهواء زعماء اقطارعربية أخرى، فالأردن حر في اتخاذ القرارات التي تلائمه ، والمواقف التي يقتنع بها ، لا أن يكون ظلا لهذا الدولة أو تلك ، كان (التل ) يردّ عبارة (اهل مكة ادرى بشعابها ) قناعة منه أن الاردن ادرى بمصلحته من ساسه بعض رؤساء الدول العربية ، لذلك كان تحديدا يرفض سياسه الهيمنة التي كانت تنتهجها مصر ، ومن الامثلة على ذاك قوله للتلفازاللبناني في ايار 1971م ، (نحن غير معنيين بتغيير سياستنا لتخفيف درجة الحساسيات ، فالأردنيون يقولون ما يؤمنون به و يغعلون ذاك علنا ).
2- الاعلام في خدمة الدولة الأردنية
كان(التل) يؤمن بدور الأعلام في التعبير عن وجه نظر الدولة و ايضاح سياستها ، و مخاطبة الرأي العام مباشرة ، و الرد على حملات الدول الأخرى ، ترجمة لذلك كانت له بصمات واضحة في عمل الاذاعة الاردنية وبرامجها، والبدء بمشروع التلفاز، و أنشاء صحيفة الرأي الاردنية 1971م .
3- (الأيمان بالمعارضة البرلمانية القوية)
كان (التل )يؤمن بوجود مجلس نيابي قوي ، و بالمعارضة السياسية داخل المجلس ، كان يقول لا بارك الله في مجلس يخلو من معارضة ومعارضيين ، مع اصراره في الوقت ذاته على سياسه حكومته ، كان يقول (نحن ثابتون على سياستنا فمن شاء أن يوافق عليها فرحبا ، و من شاء أن يعارض فليبط البحر ، لقد عرضت عليكم سياسة وزراتي ، فليعط الثقة من يشاء ، و ليحجبها من يشاء عنا) .
4- (حيادية الاجهزة الامنية) بدلا من مقولة ( في البلد حكومتين )
كان(التل) يؤمن أن الفرد في الجيش أو في أي جهاز من أجهزة الدولة يشترط فيه التجرد ، حتى يتمكن من تأديه واجبه، ويسجل لـ(وصفي) ، انه اول القائلين بمصطلح ( في البلد حكومتين ) ، وكان ذاك في العام (1962م )، عندما كان يتوسط وهو رئيس للوزراء لدى الأجهزة الأمنية للكف عن اعتقال احد المعارضين .
5- (فرصة اخرى للمعارضة و المعارضيين)
في التعامل مع المعارضة السياسية ، عمل (وصفي) في الحكومات الثلاث التي شكلها على استصدار قانون العفوالعام لاطلاق سراح المعارضين، والمعتقلين السياسين ،واللاجئين السياسين في الخارج، لمنحهم فرصة أخرى ، وقد استفاد الالاف من تلك الخطوة السياسية ، والتي احدثت انفراجا سياسيا داخل الاردن .
6- محاربة (الوراثة السياسية )
كان( التل) ، يحارب مبدأ (الوراثة السياسية ) ، عبرعن تلك القناعة في تشكيل حكومته الأولى 1962م، لم يكن فيها وزيرا سابقا ، او ابنا لوزير سابقا ، لكنه لم يلتزم بذلك في حكومته الثانية 1965م و الثالثة 1970م.
7- النظام العام
كان (وصفي) يؤمن بالعمل الفدائي ، الهادف الى ارباك العدو، على أن يكون منضبطا ، و لا يؤدي الى الفوضى ، كان يريد للعمل الفدائي ان يتجه الى داخل الاراضي المحتلة ، و أن تتركز المقاومة فيها، وفي الوقت نفسه كان يأخذ على المنظمات الفدائية تراجعها الى داخل المدن الاردنية ، وتدخلها في الحياة المعيشية للمواطنين، وشؤون ومهام الدولة ،كان يأخذ عليهم ايضا تعدد منظماتهم السياسية وتبعيتهم الى اكثر من دولة ، لذلك جاءت حكومته الثالثة في تشرين الاول (1970م )، من اجل اعادة النظام و القانون الى داخل الاردن ، فمن دونهما لا يمكن لأي مجتمع أن يؤمن لمواطنيه أمنا حقيقيا ، كان (التل) مقتنعا أن السيادة الاردنية لا يمكن تجزئتها ،وفي السياق ذاته كان موافقا على السماح لـ(الفدائيين) بالتواجد في اماكن محددة ، لكن بالتنسيق مع القوات المسلحة كحال باقي الدول العربية ، بحيث يمكنهم التسلل الى (اسرائيل ) والقيام بعملياتهم ، و العودة الى الأمكنة المخصصة لهم ، نتيجة لأراء (التل ) ومواقفه وقراراته ،لم يقبل (الفدائيون) ان يشكل (التل) حكومة جديدة ، وعندما شكلها ، طالبوا بأقالته ، ولم ينجحوا في مطلبهم ، لأن (التل) وقتها كان رجل الملك في اعادة النظام العام الى الدولة الاردنية ، يعزز ذاك حالة التأييد الكبير التي كان( التل) يتمتع ببها داخل المؤسستين العسكرية والسياسية .
8- التنظيم السياسي الجماهيري الوحيد
كان ذاك في العام (1971م) ، وكان الهدف من ذاك تطوير بنية الحكم ، عبر خلق قاعدة اضافية للنظام من المثقفين، تضاف الى قواعد النظام المتمثلة بالتكتلات العشائرية والاجهزة الامنية ،كان (التل) يريد من الاتحاد ان يكون التنظيم السياسي الجماهيري الوحيد ،في السياق ذاته تضمن ميثاق الاتحاد المبادىء والافكار السياسية التي يؤمن بها التل ، والتي تبلوت خلال السنوات الماضية ،عقد المؤتمرالأول للأتحاد في (25/11/1971م) ، غير أنه حل بعد خمس سنوات من اغتيال (التل)، و قد يكون السبب عدم الحاجة اليه بعد عودة الاستقرار.
تهمته السياسية ( الأقليمية)
لم يكن (التل ) اقليما، كانت تلك هي التهمة التي حاول خصومه الصاقها به ، لكنه لم يكن كذلك بالمعنى المتدوال ، و انما كانت اقليمية سياسية و ليس جغرافية ، لا ادل على ذاك من أن عدنان ابو عوده و مروان دودين ، كانا معه في كتابه ميثاق الاتحاد الوطني الاردني، والتي تؤكد على الديمقراطية الثابتة وليس السائبة ، والتي تتضمن الاشارة الضمنية الى المنظمات الفدائية ،كان (التل) ينظرالى الكيان الوطني بلغته الاستيعابية لكنه يرفض ازدواجية الولاء السياسي.
التقصيرالرسمي لتضحيات (التل)
في لحظة انفاعية من الدولة ،وهي تبكي شهيدها(1971م) ، تم التعهد بالعديد من المكارم التي تخص الشهيد،لكن بعضها تم التراجع عنه بمضي السنوات ، لقد تراجعت الدولة عن المنح الدراسية الجامعية السنوية التي تحمل اسم الشهيد وصفي التل.
اعادة قراءة الفكر السياسي للشهيد (وصفي التل)
لا شك أن الفكر السياسي للشهيد (وصفي التل )، هو نتاج عوامل كثيرة ، يتداخل فيها ، المكان و الزمان، من هنا لا بد من اعادة قراءة ذاك الفكر السياسي ، لمعرفة ما يصلح منه لانه يتبع في الوقت الحاضر، و تحديد ما اصبح منه تاريخا مضى و انقضى .
تناول (الدباس) في ورقته الاستذكارية ،و التي جاءت بعنوان ( الشهيد وصفي التل ... رجل النظام الأقوى الذي لم يتكرر) ، العوامل الرئيسية التي ساهمت في صياغة شخصية (التل)، والطبائع الشخصية له، وابرزالمفاهيم الرئيسية في فكر(التل) السياسي ، والتهم التي وجهت اليه ، والتقصير الرسمي تجاه تضحيات الشهيد (وصفي)، وتسائل عن ماذا بقى من فكر (وصفي) السياسي ،علما بأن الورقة التي قدمها ارتكزت على مسلّمة رئيسية ، مفاداها ، المنزلة السياسيه الرفيعه للشهيد (وصفي التل ) في الوجدان الوطني الأردني، و العائدة لحجم منجزاته الكبيرة ، وانه (البطل ) الذي استطاع أن يحمى الأردن من حالة الفوضى والأنفلات الأمني .
العوامل التي ساهمت في صياغة شخصية(التل)
اشار(الدباس) بحسب المراجع التي اطلع عليها ، الى جملة من العوامل التي ساهمت في صياغة شخصية (وصفي التل ) ، والتي تبدأ من كونه من فئة (ثنائي الدم العرقي)، اذ انه قد تأثر بالسمات والطباع القومية لأخوله (الأكراد) وابرزها الصلابة و العناد، عزز ذاك أنه عاش بينهم السنوات الست الأولى من عمره ، بعد ذاك كان تأثره بحالة التقلب في المزاج السياسي لوالده الشاعرالكبيرمصطفى وهبي التل ( عرار ) ، فقد كانت حياة ( عرار ) تترواح بين الموالاة والمنصب ، و بين المعارضة والسجن ، ثم جاءت مدينة السلط وثانويتها الأولى ،والتي درس ودرّس فيها ( وصفي) ،والتي ساهمت في بناء الوعي الوطني لـ(التل) ، بعدها كانت بيروت والجامعة الأمريكية فيها ، والتي ساهمت في بناء الوعي القومي لـ(وصفي ) ، كما كان لالتحاق ( وصفي ) بالكلية العسكرية البريطانية منذ العام (1942م)، وتخرجه منها برتبة ملازم ثان الى أن وصل الى رتبه (نقيب) ، أن ساهمت في صقل شخصية الذاتية بالطباع العسكرية، وكان العامل الأخير في التأثر في تشكيل شخصية (التل)هو القضية الفلسطينية ،حيث عمل في (المكتب العربي) في القدس و لندن من اجل نصرتها، ومن ثم تطوعه في جيش الأنقاذ لمنع احتلالها وتقاسمها مع (اليهود) 1947/1948م .
الطبائع الشخصية لـ(التل)
كان لتجارب (التل)السابقة في حياته ،كبير الأثرعلى طباعه الشخصية ، من نظراليه ، ومن تعايش معه ، قال أن تقاطيع وجه كانت صارمة ، تعطى الأنطباع أنه رجل شرس عنيف جاف لا يعرف ألا الجد، لم يكن سهلا عليه اظهار فرحه أو حزنه ، عرف عنه الوضوح ، وكان يعبّر عن رأيه بأسلوب مباشر دون مواربة ، ثقته بنفسه كانت عالية جدا، خاصة في لحظات الأزمات ، كان قادرا على ضبط اعصابه ، وتصفيه ذهنه، هذه الصفات ، جعلته مؤهلا للقيادة ، وجعلت ممن حوله يقدمونه لقيادتهم ، كما كان يتمتع بطاقة تحمل عالية ، جعلته يستطيع العمل لساعات طويلة متواصلة .
المفاهيم الرئيسية في الفكر السياسي لـ(التل)
1- ثلاثية : ( الولاء الوطني)، و ( الخصوصية الوطنية ) و ( الاستقلالية الوطنية)
كان (التل) يؤمن بالولاءات الصغيرة ،والتي تعتبرالأساس الثابت للولاءات الكبيرة ، كان يؤمن أن الولاء للوطن الصغير (الأردن) ، و العمل على بنائه و تقويته ، هو من صميم الولاء للوطن العربي الكبير، كان يؤمن بأن الأردن دولة ذات سيادة ، ولايجوزأن يخضع سياسته الخارجية لأهواء زعماء اقطارعربية أخرى، فالأردن حر في اتخاذ القرارات التي تلائمه ، والمواقف التي يقتنع بها ، لا أن يكون ظلا لهذا الدولة أو تلك ، كان (التل ) يردّ عبارة (اهل مكة ادرى بشعابها ) قناعة منه أن الاردن ادرى بمصلحته من ساسه بعض رؤساء الدول العربية ، لذلك كان تحديدا يرفض سياسه الهيمنة التي كانت تنتهجها مصر ، ومن الامثلة على ذاك قوله للتلفازاللبناني في ايار 1971م ، (نحن غير معنيين بتغيير سياستنا لتخفيف درجة الحساسيات ، فالأردنيون يقولون ما يؤمنون به و يغعلون ذاك علنا ).
2- الاعلام في خدمة الدولة الأردنية
كان(التل) يؤمن بدور الأعلام في التعبير عن وجه نظر الدولة و ايضاح سياستها ، و مخاطبة الرأي العام مباشرة ، و الرد على حملات الدول الأخرى ، ترجمة لذلك كانت له بصمات واضحة في عمل الاذاعة الاردنية وبرامجها، والبدء بمشروع التلفاز، و أنشاء صحيفة الرأي الاردنية 1971م .
3- (الأيمان بالمعارضة البرلمانية القوية)
كان (التل )يؤمن بوجود مجلس نيابي قوي ، و بالمعارضة السياسية داخل المجلس ، كان يقول لا بارك الله في مجلس يخلو من معارضة ومعارضيين ، مع اصراره في الوقت ذاته على سياسه حكومته ، كان يقول (نحن ثابتون على سياستنا فمن شاء أن يوافق عليها فرحبا ، و من شاء أن يعارض فليبط البحر ، لقد عرضت عليكم سياسة وزراتي ، فليعط الثقة من يشاء ، و ليحجبها من يشاء عنا) .
4- (حيادية الاجهزة الامنية) بدلا من مقولة ( في البلد حكومتين )
كان(التل) يؤمن أن الفرد في الجيش أو في أي جهاز من أجهزة الدولة يشترط فيه التجرد ، حتى يتمكن من تأديه واجبه، ويسجل لـ(وصفي) ، انه اول القائلين بمصطلح ( في البلد حكومتين ) ، وكان ذاك في العام (1962م )، عندما كان يتوسط وهو رئيس للوزراء لدى الأجهزة الأمنية للكف عن اعتقال احد المعارضين .
5- (فرصة اخرى للمعارضة و المعارضيين)
في التعامل مع المعارضة السياسية ، عمل (وصفي) في الحكومات الثلاث التي شكلها على استصدار قانون العفوالعام لاطلاق سراح المعارضين، والمعتقلين السياسين ،واللاجئين السياسين في الخارج، لمنحهم فرصة أخرى ، وقد استفاد الالاف من تلك الخطوة السياسية ، والتي احدثت انفراجا سياسيا داخل الاردن .
6- محاربة (الوراثة السياسية )
كان( التل) ، يحارب مبدأ (الوراثة السياسية ) ، عبرعن تلك القناعة في تشكيل حكومته الأولى 1962م، لم يكن فيها وزيرا سابقا ، او ابنا لوزير سابقا ، لكنه لم يلتزم بذلك في حكومته الثانية 1965م و الثالثة 1970م.
7- النظام العام
كان (وصفي) يؤمن بالعمل الفدائي ، الهادف الى ارباك العدو، على أن يكون منضبطا ، و لا يؤدي الى الفوضى ، كان يريد للعمل الفدائي ان يتجه الى داخل الاراضي المحتلة ، و أن تتركز المقاومة فيها، وفي الوقت نفسه كان يأخذ على المنظمات الفدائية تراجعها الى داخل المدن الاردنية ، وتدخلها في الحياة المعيشية للمواطنين، وشؤون ومهام الدولة ،كان يأخذ عليهم ايضا تعدد منظماتهم السياسية وتبعيتهم الى اكثر من دولة ، لذلك جاءت حكومته الثالثة في تشرين الاول (1970م )، من اجل اعادة النظام و القانون الى داخل الاردن ، فمن دونهما لا يمكن لأي مجتمع أن يؤمن لمواطنيه أمنا حقيقيا ، كان (التل) مقتنعا أن السيادة الاردنية لا يمكن تجزئتها ،وفي السياق ذاته كان موافقا على السماح لـ(الفدائيين) بالتواجد في اماكن محددة ، لكن بالتنسيق مع القوات المسلحة كحال باقي الدول العربية ، بحيث يمكنهم التسلل الى (اسرائيل ) والقيام بعملياتهم ، و العودة الى الأمكنة المخصصة لهم ، نتيجة لأراء (التل ) ومواقفه وقراراته ،لم يقبل (الفدائيون) ان يشكل (التل) حكومة جديدة ، وعندما شكلها ، طالبوا بأقالته ، ولم ينجحوا في مطلبهم ، لأن (التل) وقتها كان رجل الملك في اعادة النظام العام الى الدولة الاردنية ، يعزز ذاك حالة التأييد الكبير التي كان( التل) يتمتع ببها داخل المؤسستين العسكرية والسياسية .
8- التنظيم السياسي الجماهيري الوحيد
كان ذاك في العام (1971م) ، وكان الهدف من ذاك تطوير بنية الحكم ، عبر خلق قاعدة اضافية للنظام من المثقفين، تضاف الى قواعد النظام المتمثلة بالتكتلات العشائرية والاجهزة الامنية ،كان (التل) يريد من الاتحاد ان يكون التنظيم السياسي الجماهيري الوحيد ،في السياق ذاته تضمن ميثاق الاتحاد المبادىء والافكار السياسية التي يؤمن بها التل ، والتي تبلوت خلال السنوات الماضية ،عقد المؤتمرالأول للأتحاد في (25/11/1971م) ، غير أنه حل بعد خمس سنوات من اغتيال (التل)، و قد يكون السبب عدم الحاجة اليه بعد عودة الاستقرار.
تهمته السياسية ( الأقليمية)
لم يكن (التل ) اقليما، كانت تلك هي التهمة التي حاول خصومه الصاقها به ، لكنه لم يكن كذلك بالمعنى المتدوال ، و انما كانت اقليمية سياسية و ليس جغرافية ، لا ادل على ذاك من أن عدنان ابو عوده و مروان دودين ، كانا معه في كتابه ميثاق الاتحاد الوطني الاردني، والتي تؤكد على الديمقراطية الثابتة وليس السائبة ، والتي تتضمن الاشارة الضمنية الى المنظمات الفدائية ،كان (التل) ينظرالى الكيان الوطني بلغته الاستيعابية لكنه يرفض ازدواجية الولاء السياسي.
التقصيرالرسمي لتضحيات (التل)
في لحظة انفاعية من الدولة ،وهي تبكي شهيدها(1971م) ، تم التعهد بالعديد من المكارم التي تخص الشهيد،لكن بعضها تم التراجع عنه بمضي السنوات ، لقد تراجعت الدولة عن المنح الدراسية الجامعية السنوية التي تحمل اسم الشهيد وصفي التل.
اعادة قراءة الفكر السياسي للشهيد (وصفي التل)
لا شك أن الفكر السياسي للشهيد (وصفي التل )، هو نتاج عوامل كثيرة ، يتداخل فيها ، المكان و الزمان، من هنا لا بد من اعادة قراءة ذاك الفكر السياسي ، لمعرفة ما يصلح منه لانه يتبع في الوقت الحاضر، و تحديد ما اصبح منه تاريخا مضى و انقضى .