المتلاعبون بالعقول..الحقائق و الأساليب الخمسة
( 1/5 ) قلة قليلة من المنتفذين تقوم بتشكيل وتعليب وعي المواطنين.
سمعت بمصطلح (المتلاعبون بالعقول ) أول مرة ,في منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي , أيام الدراسة الجامعية الأولى لمادة (علم اجتماع المعرفة) , وقد خرجنا من هذا المساق الدراسي , بقاعدة عامة تتشابه بها كل المجتمعات البشرية , وهى وجود قلة قليلة من المتنفذين اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا و إعلاميا , تقوم بتشكيل وتعليب وعي المواطنين.
( 2/5)نفس الخطاب الإعلامي , الكل يتحدث نفس اللغة عن دولته .
قبيل انتشار القنوات الفضائية العربية ,كنت وقتها وعندما أشاهد شاشة تلفازنا الأردني , كنت اعتقد وقتها , أننا الدولة الوحيدة المفترى عليها , حيث يريد الأعداء وبعضا من أبناء العمومة , أن يغتالوا مشروعنا الوطني , لكنني عندما بدأت بالأنكباب على مشاهدة باقي القنوات الفضائية العربية الأخرى , كنت اسمع نفس الخطاب الإعلامي , الكل يتحدث نفس اللغة عن دولته , عن انجازاتها الوطنية ,وعن التحديات التي تواجهها , أن هذا الأسلوب , وتحت عنوان التهديد الخارجي المبالغ فيه أحيانا كثيرة , أو التهديد الخارجي الحقيقي لنا في أحيان أخرى , والذي نقف اليوم عاجزين أمام الرد عليه , قد ساهم في إرجاء الشعب لقضية أساسية , هي واقع الاختلال الطبقي الظالم , فهل يعقل أن يستحوذ (10 % ) من الشعب على (90% ) من مقدرات الوطن ؟.
(3/5 )التضليل الإعلامي من اجل استمرار التغطية على قبح سوءاتهم وعيوب السياسات الاقتصادية التي اقترحوها على دوائر صنع القرار.
لقد سعى (المتلاعبون بالعقول) في كل مجتمع وفي كل دولة , أن يكونوا هم وحدهم القريبين من رأس الهرم , ولتحقيق هذا الهدف , قاموا بالإساءة إلى صورة الشعب , و العديد من نشطائه , بل وتعدى الأمر ذلك نحو الإساءة إلى مدن بعينها , كي تصبح صورتها سوداء , ويؤخذ الحذر منها ؟, بالمقابل يشقى ( المتلاعبون بالعقول ) في تزين صورة شخصيات ومدن وعشائر أخرى , وتسويقها على أنها الأكثر ولاء , وتستهلك لذلك كميات كبيرة من مساحيق التجميل لإيصال هذه الفكرة ،كما يستخدم( المتلاعبون بالعقول ) التضليل الإعلامي من اجل استمرار التغطية على قبح سوءاتهم وعيوب السياسات الاقتصادية التي اقترحوها على دوائر صنع القرار , وجني (المتلاعبون بالعقول ) وحدهم حلوها, وجني الشعب مرها و ثمنها القاسي .
(4/5 ) سياسية إغراق الشعب في قضايا متتالية تنهك قواه , و تعمق الخلافات بين فئات الشعب الواحد.
بعد ثورة الإعلام، و التي كشفت أساليب تضليل كثيرة , ابتكر ( المتلاعبون بالعقول ) أساليب جديدة , فكان الأسلوب الجديد هو سياسية إغراق الشعب في قضايا متتالية تنهك قواه , وتعمق الخلافات بين فئات الشعب الواحد , في الأغلب الأعم تكون هذه القضايا مفتعلة , في أحيان أخرى تكون بسيطة فتضخم , وهكذا من أزمة لأزمة ؟ ,من الأمثلة القريبة على ذلك الأسلوب , إشغال الرأي العام بمناكفه وزير معين ،و فتح الباب على مصراعيه امام الشعب كي ينتقد شخص الوزير( ديمقراطية موجهه )، لقد خدم ذاك التوجيه الاعلامي في اغفال الأعين عن وزير أخر , ومشاريع وقرارات معينة تمر دون أن يتنبه لها احد ،تبقى الأزمة مشتعلة ،ويحرض التابعون لهذه الوزارة على الوزير ، في المقابل يقر مجلس الوزراء قانونا هاما ولا يقل لاحد شيئا عنه ،نسينا الموضوع الأساس , و بتنا نتابع تفاصيل الاعتصامات؟.
(5/5 ) أيهام الشعب بوجود حالة من الانقسام في بعض درجات السلم .
الأسلوب الأخير الذي أود تسليط الضوء عليه، والذي يقوم به (المتلاعبون بالعقول ) , هو أيهام الشعب بوجود حالة من الانقسام في الاعلى وفي المنتصف العلوي في درجات السلم , وهى لعمري مصيدة وقع اغلبنا فيها ,بل أننا صدقنا ذلك , فنبدأ بالتحزب إلى (أ) أو نهاجم ( ب) , هنا تتكشف الولاءات, و يتوزع اغلبنا هنا أو هنالك , ثم بعدها نكتشف أن أصابع اليد الواحدة متحدة، , و أننا كنا على ضلال .اشير هنا الى قصة رمزية من قبيل السخرية , تقول القصة وقع رجل مفكر من طائرة ركاب على أحدى ضفاف نهر معين , وقتها التقطه عدد من حراسها مشهرين حرابهم في وجهه ,سألوه مباشرة , آنت مع من ؟ معنا أم معهم ؟ , أجاب المفكر مباشرة ,طبعا معكم انتم , ظانا انه بجوابه هذا قد نجي بنفسه ، لكنهم قرروا أن يقتلوه , , سألهم لماذا ؟, قالوا لأننا نحن معهم , في إشارة إلى الحراس على الضفة الأخرى ؟.
ختاما،نحن مثلك أيها المفكر المخدوع , سألونا عبر الوسطاء قلنا لهم نحن معكم ؟، بعدها اكتشفنا أنهم هم أنفسهم مع الطرف الأخر , وللأسف فقد جاهد الطرفان فينا ؟ ، بكفي ضغط بطلنا نتحمل .
• دكتور في علم الأجتماع السياسي .