حمارنة في كف.. وكل النواب في كف
قدرنا في الأردن أن يظهر لنا كل عقد من الزمان شخصية 'تصول وتجول' في وطن لم نعد نعرف فيه من هو صاحب القرار، ومن يدير شؤونه، وإن حاول البعض أن يظهر لنا نفسه كصاحب ولاية، باعتباره من يتخذ القرارات، خاصة تلك التي تمس أمن الوطن وهويته، ومستقبل أجياله.
قبل عقد من الزمان، ظهر لنا باسم عوض الله، فصال وجال حتى أصبح محجا لكل ذي حاجة، لا بل أكثر من ذلك، فقد كتب فيه البعض قصائد شعر ومديح حتى اعتقدنا أنه خليفة صلاح الدين، لا سمح الله، وأنه المنقذ مما نخشى، واستمر حاله حتى تبين لنا كيف استطاع أن يضعف الدولة، بعد أن جردها من معظم مقوماتها، بينما ندفع اليوم جميعا بركاته.
اليوم، يطل علينا النائب د.مصطفى الحمارنة ببركاته الجديدة، المتمثلة في مشروع أقل ما يقال فيه أنه خطوة أخيرة ومتممة لما بدأ به باسم عوض الله، لكن ليس من خلال السياسات المالية والاقتصادية، بل من بوابة التشريع ومجلس النواب، وهو الأخطر في النتائج على الوطن وهويته.
والملفت أن النائب استطاع أن يدنو من صانع القرار بطريقة غريبة، حتى قيل إن أفكار الرجل تصير أوامر لصاحب الولاية، الذي لا يملك لها رفضا أو مناقشة، بل عليه الترويج لها وإنفاذها، وربما نسبها لنفسه، من باب حفظ ماء الوجه .
لن أدخل في كيفية إقناع النائب عددا من زملائه بدعم مبادراته، فهذا أمر متوقع وطبيعي، لكن الأخطر أن يصبح النائب بوزن كل نواب المجلس، فلم يعد يتحدث الناس إلا عن الحمارنة ومبادرته ونفوذه في المجلس، وعند ذكر اسم نائب آخر، حتى من أولئك 'جهابذة المجلس'، يتندر الناس بالتذكير بباسم عوض الله حينما كان يصول ويجول، وهم يتقربون إليه، واليوم يكررون الحالة مع النائب الحمارنة.
أخيرا، أريد أن أسأل بعض النواب، ممن ملؤوا الدنيا صراخا مذ وطأت أقدامهم باحات المجلس، وشنفوا آذاننا بما رن في خطبهم من خوف على الأردن والهوية الوطنية والشعب المقهور، أولئك الذين قدموا أنفسهم كمنقذ بارع؛ أسألهم أما زلتم أحياء في مجلس النواب؟، أيجرؤ منكم أحد للتصدي لمشروع الحمارنة؟، أم أنكم أصبحتم جميعا في كف، والحمارنة في كف آخر راجح أمام صانع القرار وأمام من يدعي أنه صاحب الولاية؟.