2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

هويتنا الوطنية ... و ثنائية التوسع و الانكماش

د. محمود عواد الدباس
جو 24 :

بعد قرابة التسعين عاما , من تأسيسها أصبحت الوطنيات القُطرية في العالم العربي حقيقة اجتماعية نفسية , بعد أن كانت بنظر الأغلبية نتاج التجزئة والمخططات الاستعمارية , لكنها وعلى الرغم من ذلك لا تزال هذه القطريات تواجه تحديات وجودية تسعى إلى تجاوزها .

الهوية الوطنية هي القاسم المشترك بين مواطني الدولة ثقافة ورموزا ،حديثنا هنا عن الهوية الوطنية الأردنية , أحاديث كثيرة في هذا المجال ومقالات أكثر كذلك، ودراسات متخصصة لا يعلم عن نتائجها اغلب المواطنين شيئا , تناقش حقيقة الاندماج الاجتماعي بين فئات المجتمع الأردني، وتظهر النتائج قاسية أحيانا , من حيث القول بأن حالة الاندماج الوطني قد تحققت في مجالات معينة , وهي قليلة في مجالات أخرى ؟،في هذه المقالة نرى أن مقولة (التوسع والانكماش ) تساهم إلى حد كبير في الإجابة عن هذا المأزق الوطني ؟.

كلنا يعلم أن الجغرافيا و الديمغرافيا , هما أساس تكون الوطن , في الحالة الأردنية كان لحالات التمدد و التقلص في الجغرافيا و الديمغرافيا الأردنية السبب الرئيس في هذا المأزق الوطني ،توسع الكيان الأردني نحو الجنوب في عام 1925م , فضممنا منطقة معان وسكانها , و توسعنا مرة أخرى في عام 1950م فضممنا الضفة الغربية وأهلها , وفي عام 1994م , استرجعنا أراضينا الأردنية المحتلة ,- كالباقورة- مثلا , والتي لم نكن نعلم عنها شيئا قبل ذلك التاريخ , بالمقابل انحسرنا في عام 1988م عندما أعلنا قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية وسكانها ،هكذا اذن في كل حالة تمدد أو تقلص نعيد تعريف الهوية الوطنية من جديد , وأنها أصبحت تشتمل على كذا , أو أنها حذف منها كذا ؟، انعكاسا لتطورات القضية الفلسطينية .

من جانب اخر ،اشير في هذه المقالة كي يكتمل المعنى و تتضح الرؤية , إلى الخطأ التاريخي الذي ارتكبناه , عندما ضخمنا بالأرقام الديمغرافية في أعداد اللاجئين والنازحين , لاعتبارات سياسية , وكسب الرأي العام العالمي , لكن هذه السياسة عادت بالأمور على رؤوسنا , فالحقائق التي لا مفر منها , أن كل سكان فلسطين حتى عام 1948م هم مليون واربعمئة ألف , فكيف قلنا أن عدد اللاجئين لعام 1948م مليون؟ , كما اننا نضيف -غباء واعتباطا - اعداد النازجين الى اللاجئين، مع العلم أن جزءا كبيرا من النازحين هم في الاساس من مخيمات اللجوء في الضفة الغربية وغزة ،- يمكن هنا الرجوع الى كتابات المؤرخ المرحوم سليمان الموسى - ، لقد استقرت هذه الأرقام المغلوطة في عقول المواطنين , و شكلت وعيهم , و استغلتها (إسرائيل) , فقالت أن الإخوة الأردنيين من أصول فلسطينية هم الأغلبية , وليكن الأردن وطنا بديلا لهم , علما أن الرسائل الجامعية تقدر أن أعداد اللاجئين والنازحين في عامي 1948م و 1967م بقرابة 650000 مواطن فلسطينيي ,وأن نصف هؤلاء لا يزالون على ضفتي النهر الخالد و المقدس , والنصف الآخر هم في سوريا و لبنان و دول الخليج والدول الأجنبية الأخرى.

في المجال نفسه وتحت عنوان البعد الإنساني , تُستغل المرأة الأردنية جسرا للعبور إلى الجنسية الأردنية , تخيلوا أن تتساوى المرأة مع الرجل في حق منح الجنسية لزوجها وأبنائها في هذا الوقت بالذات , فهذا كلام أو مطلب حق أريد به باطل , إذ تشير الإحصاءات -غير الرسمية- إن ذلك لو تم فسوف يؤدي إلى إدخال قرابة 60000 ألف أردني جديد إلى سجلاتنا الوطنية , ضربة أخرى للأردن و فلسطين , وخلال عشر سنين يصبح هؤلاء قرابة 300000 مواطن ، ايضا وفي السياق ذاته ، يدخل آلاف المواطنين إلى سجلات الهيئة العامة للدولة الأردنية منذ عقود وعقود وهم ليسوا من أصول فلسطينية , بل من الأقطار العربية المجاورة وغيرها , ترى هل نريد بذلك أن نخلق مجتمعا عربيا مصغرا في الأردن ؟, نفتح العيون بكامل حدقاتها على تجنيس الفلسطينيين لاعتبارات القضية بأبعادها الدينية و القومية والوطنية , ولا يتنبه الشعب الأردني إلى الإضافات على السجل الوطني من الأبواب الديمغرافية الأخرى , منذ فترة الإمارة , تجنس واستقر في الأردن العاملون المعارون من حكومة فلسطين والتي كانت تحت الانتداب البريطاني , وفي الحرب الأهلية اللبنانية , منحنا الجنسية الكاملة لأعداد منهم , وعندما قصف نظام البعث في سوريا مساجد حماة , و فر الأخوان السوريون إلينا , منحنا كذلك الجنسية لأعداد منهم , ومنذ بداية التسعينات ونحن لا ندري كم عدد العراقيين الذين تم منحهم الجنسية الأردنية وأقصد الكاملة وليس المؤقتة التي يقتضيها البعد القومي للتسهيل على أبناء القومية الواحدة .

أسأل مرة أخرى , هل ندرك أن حالات التجنيس هي كنقاط متتابعة ستشكل يوما ما كتلا اجتماعية , وأننا سنضطر لإعادة تعريف الهوية الوطنية من جديد , تحت عنوان العدالة , وإعطاء الحقوق السياسية وغيرها , وضرورة الإنتباه إلى كل فئات المجتمع ؟، هل ندرك مخاطر التحول للتركيبة الاجتماعية للدولة الأردنية من حالة التعددية المتجانسة نحو الحالة الفسيفسائية ، تخيلوا مرة أخرى الصورة كاملة ، وهذا الانهيار الوطني .

عودة مرة أخرى إلى الحالة القائمة، الأردنيون من أصول فلسطينية – الجنسية الكاملة - , فإن الحقيقة أن أعدادهم في أحسن الأحوال هي 33 % ، كما أن نصفهم على الأقل مغتربون في دول الخليج العربي ، وحيث أننا أمة لن تحارب مهما قيل غير ذلك فإنه للاستهلاك المحلي , فإن السياسية الواقعية أن نستمر بالنضال الوطني حتى تقوم الدولة الفلسطينية القابلة للحياة , - حتى لو بقيت الأمور معلقة - , احتراما ووفاء لسجل التضحيات الكبيرة التي قدمت في سبيلها حيث الشهداء والسجناء والأرامل و الأيتام ،ألا يستحق ذلك كله أن نستمر برفض أطروحات الوطن البديل , و التجنيس للفلسطينيين حتى قيام الدولة الفلسطينية والتي ستحدث يوما ما نهضة اقتصادية , وسيعود إلى ترابها الطاهر , اقلها نصف إخوتنا هنا , و قتها وحتما، تسترد الهوية الوطنية الأردنية عافيتها ،ويصبح الأردنيون من أصول فلسطينية قرابة 20% و تلك تعددية طبيعية , و تكتمل الهوية الوطنية الفلسطينية بالدولة والعلم.

ختاما إن الأمانة الوطنية تجاه وطني الأردن , هو ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع , الحل لأزمة الهوية الوطنية الأردنية , يتم عبر إيقاف التجنيس نهائيا، والتصدي لمن يقولون بغير ذلك ،واختم بشعر الزهاوي عندما قال: ( أنني في طلاب حق بلادي طالب ما أراده الجمهور....لا تخون العقول أصحابها و قد يخون الضمير).

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير