مواطن في - ذمة الله - ..!!!
أخرج العلبة المعدنية من جيبه التي تحتوي " التتن " ولفائف الورق ليدخن " الهيشة " ، قام "بلف " السيجارة الأولى مستخدما طرف لسانه الرطب ليحكم إغلاقها ، وضعها في فمه ، أشعلها ، أمسك الصحيفة ليقرأ الأخبار ، سقطت نظرة من عيناه على خبر منشورا في زاوية الصفحة الأولى بعنوان " أزمة مياه خانقة " في هذا الصيف ، " سحب " أكثر من " نفس " دخان في لحظة واحدة ليخرج دخانا كثيفا منها تعبيرا عن امتعاضه من الخبر ، فالأزمة تعني انقطاع المياه أكثر من مرة في الأسبوع ، وزاد من السحب أكثر عندما غاص في أعماق الخبر وقرأ عن حجم الاعتداءات على المياه من قبل المتنفذين ، أنتقل إلى صفحة أخرى ليقرا عن حجم البطالة وشجونها التي بلغت 14% بين الشباب ، تذكر جيش العاطلين عن العمل من أبناءه الذين استنزفوا دخله المتهالك بالقروض البنكية ليعلمهم في الجامعات ، ليقوم " بالعج " عليها أكثر وأكثر ، شعر في زحمة الانشغال أن فمه يحترق ليدرك بعدها أن " الهيشة " أاستنزفت ليرمي ما تبقى منها ، قام " بلف " سيجارة أخرى ماضيا في القراءة ليقرأ عن سعر طبق بيض المائدة "4 " دنانير ، " ليفش غله " بالسحب منها أربع مرات طويلة ، وزاد عليها الضغط والسحب مرة أخرى حينما قرأ أيضا أن الخضروات هي الأخرى ارتفعت أسعارها ، أغلق الصحيفة مسرعا فصدره قد أحترق و " ريقه " قد نشف ، وهم لكي يشرب كوبا من الماء ، فتذكر أن المياه مقطوعة ..فأدركته الأزمة القلبية ليصبح في ذمة الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..!!
بعد فحص الأسباب المسببة لحالة وفاة هذا المواطن الشريف تبين أن الأزمة القلبية التي داهمته سببها : 1- انسداد الشريان التاجي الإنتاجي نتيجة التعيين المبني على الواسطة والمحسوبية للشلة والانتماء للصالونات السياسية المختلفة 2- ارتفاع ضغطه من عدم العدالة والمساواة بين المواطنين في السياسات الحكومية وخاصة في برامج التحول الاجتماعي والاقتصادي .3- انقطاع النفس و"نشفان الريق" بسبب كثرة المراجعات للدوائر الرسمية والبيروقراطية المتفشية فيها .4- السمنة الزائدة نتيجة كثرة تناول الخبز " الحاف ". 5- الانعزال في المنزل وعدم ممارسة رياضة المشي تجنبا لمشاهدة الأسعار المرتفعة وأسباب أخرى طويلة يطول سردها ...!!!
وحتى لا تتكرر الأزمات القلبية التي يمر فيها المواطن الأردني فان الوضع العام بحاجة لعملية جراحية حقيقية وليست تجميلية تجريها حكومة وطنية ذات نزاهة وكفاءة بعد أن تقوم بمراجعة كل السياسات التي ساهمت في تنامي هذه الظاهرة الأليمة ...فالأردن أمانة في رقبة وذمة كل مسئول وسيحاسب عن هذه الأمانة أمام الله ...!!