المواطنة: كإطار مفاهيمي للمشروع الحضاري
المحامي صدام ابو عزام
جو 24 : في الادبيات السياسية والاجتماعية والثقافية نقف على أرصفة العديد من الافكار التي رافقت تطور ونشوء مصطلح المواطنة، الى أن تبلور المضمون المعياري لهذا المصطلح وغدى أحد أدوات ومحددات تنظيم المجتمع لاسيما منها السياسية والاجتماعية والثقافية وحتى الاقتصادية منها.
لم يكن الموضوع سهلاً ويسيراً على المجتمعات التي سلكت طريق المواطنة كخيار بل تطلب ذلك بلورة رؤيا ورسالة واهداف بل وتطلعات وأمال مشتركة شكلت هاجساً لها ، نحن هنا لسنا بصدد إستدعاء الاحتياط المنهجي والتاريخي لتفكيك وإعادة بناء تلك التجارب أو استلهام تجربة وتتبع خط سيرها دون غيرها، اذ لاشك أن الحد المسموح فيه في المناقلة الحضارية في هذا المضمار استحضار المبادئ العامة والقيم والضوابط كأطر عامة أثبتت التجارب نجاعتها كأفضل الممارسات.
وينطلق أول مرتكز في تحديد الاطار المفاهيمي للمواطنة في أن المجتمع المدني المؤمن بسيادة القانون لدية القدرة والمكنة الذاتية لصياغة الأنموذج الحضاري الذي يتفق وتطلعاته وبالتالي الركوب في قطار السعي الحضاري والانخراط فيه بكافة أعمالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ضمن محددات المواطنة.
إذن في التحليلي الانثروبولوجي تعتبر المواطنة صيرورة مرتبطة إرتباط عضوي بالثقافة التي يجب أن لا تبدي أي مقاومة عند محاولة التشكيل الايجابي لصالح المجتمع، وأدوات ذلك هم النخب والعلماء والخبراء حتى لا يعيق التوجس والإنكفاء المشروع الحضاري، ولعل عين التحليل التاريخي تطلعنا على التحول المتراكم في المجتمعات : من مجتمع الرعية الى مجتمع المواطنين ، ومن ثم ، من مجتمع المواطن الى مجتمع المواطنة الاجتماعية " المشاركة" ويلوح في الأفق مشروع المواطنة العالمية الذي يشكل الحد الأدنى من الجوامع الانسانية المشتركة إطاره العلمي مثل الكرامة الانسانية ومناهضة التعذيب والمحاكمة العادلة والحق والواجب.
وفي ذات السياق ، لابد من الاشارة الى أن المجتمعات التي شرعت في توطين أدبيات وقيم المواطنة محلياً إبان الثورة التكنولوجية تراخت تحت وطأة تحولات دلالة المفهوم في عالم متغير لايزال البعض يبحث فيه عن إجابات لبعض الظواهر الحضارية والتي عكست تطور حضارة دون غيرها التي شكلت مداً حضارياً إستلب و أعاق بعض الجهود وأفشل الأخر.
في بعض المناطق الجغرافية لعدة أسباب بنيوية لم تستطع إمتطاء عجلة الركب الحضاري والسير في حركة نديَة مبنية على التفاعل والتأثُر والتأثير الايجابي الحضاري، مما ظهرت فيه بؤر وكيانات سوداء تشكل خطراً على المشروع الحضاري العالمي برمته، الأمر الذي حتم عليها دون تشخيص وتمحيص الانسياق والانطلاق في الغوص على الضفاف دون امتلاك أي أداة قياس ثقافية أو حضارية ، والابتعاد عن الاعماق كقفزات حضارية مشوهة تؤكد دون شك فقر مدقع في استخدام الادوات ولا حتى المهارات بإعتبار أن الارتطام في القعر كان النتيجة المحتومة.
في المنطقة العربية، لا أدل على حالة عدم تجذر الاستقرار المفاهيمي أن النزاعات المسلحة الاثنية والطائفية والعقائدية أصبحت تشكل العناوين الرئيسة في المشهد الاجتماعي والسياسي، وفي حالة فريدة من نوعها طالت البناء النخوبي للمجتمع السياسي وانقسامه على ضوء تلك المشاهد ما يؤكد حقيقة لا مفر منها أن اللاعبين السياسين لم يأخذوا على عاتقهم أداة العمل السياسي والرضا بنتائج الديمقراطية كوسيلة سلمية ، واللجوء والانحياز نحو سياسة الاصطفاف والتجييش، مما زاد من تصاعد حالة الفوضى وتعكير الجو العام.
كل المؤشرات تؤكد أن إتخاذ مشروع المواطنة منهجاً يحتاج الى إرادة حقيقية يلمس صدقها جميع الاطراف وليس بالضرورة الانخراط في صوغ وبناء أركانها وإنما يجب ضمان عدم التأثير على إثناء الارادة العامة عن المضي قدماً نحو بلوغ الهدف المنشود " المواطنة "، وهذا يتطلب الاعلاء من القيم المشتركة التي يستوعبها جميع الاطراف والتدرج غير المتسرع في إدماج المبادئ والمفاهيم المستقرة في الضمير الانساني من مثل العدالة وتكافوء الفرص وسيادة القانون وعدم التمييز، لكن يقتضي هنا حالة يقضة مركبة في تبني المفاهيم وتركيز وتكريس كافة الجهود في إنضاج حالة مثلى وتطبيقها عملياً ليلمس الجميع نتائجها وأثارها، قد نحتاج الى العمل القطاعي هنا.
على الرغم من حالة السواد العام التي تلف المنطقة وتلقي بظلالها على جميع المشاريع الوطنية وانعكاساتها ، الا انه يمكن بنظرة شمولية رؤية فرصة مواتيه اذا ما التقطتها تيارات التحديث السياسي التي بدأت تتضاعف أرصدتها في الشارع على ضوء تعثر المشروع العربي المشترك بكافة نماذجة الاشتراكي والديني والقومي. الامر هنا ، لا يتعلق بسلسلة من الدوائر المغلقة بل جملة من الاليات المتفاعلة والمتكاملة اذا ما شكلت حالة أولوية لدى صناع القرار.
ربما أتاح لنا البسط المختزل للمفهوم والواقع تبديد المخاوف نحو الفهم المغلوط للخصوصية، حيث اننا معنيوين بتحقيق مطالب الاصلاح ومعنيون في الان نفسه بالعولمة وتداعياتها ومعنيون ثالثاً بتكريس قيم وعناصر المواطنة كنهج عام في الادارة العامة والمال العام ، وبناء مرجعيات مؤسسية منظمة لكافة العلاقات العامة في المجتمع . مما يقضي حالة يقظة إستثنائية وخطوات ومواقف حازمة اذ لا مجال للتردد والانتظار في ظل إنعدام الخيارات والبدائل، الأمر الذي يحتاج الى قيادات ورموز وطنية ونخب سياسية لديها القدرة على تجاوز التنظير العام والقدرة على تشخيص وتحليل الواقع بكل كفاية وإقتدار.
المعيقات التربوية والدينية والثقافية والاجتماعية لن يتم إذابتها الا بوسائل ومكائن حضارية وفكرية قائمة على إدراك أسئلة مجتمعاتنا بأبعادها المختلفة ، وإحلال عناصر المواطنة المادية القائمة على ثنائية الحق والواجب والمشاركة بإعتبار أن حسم العديد من إشكاليات العناصر الوجدانية يتلاشى تدريجياً بالإعمال الحقيقي للعناصر المادية .
وعليه فإن المواطنة كمنظومة مركبة بأبعادها السياسية والاجتماعية والثقافية تشكل الملجاء والمنجاء على ضوء إنتعاش تطلعات الشعوب نحو الديمقراطية وحقوق الانسان وسيادة القانون، كمشروع نهضوي وطني شمولي عام، وكشرط قبلي لابد من أن يحمل لواء هذا المشروع شخوص مشهود لهم بالحيدة والنزاهة والموضوعية والعمل الدؤوب وبأدوات غير تقليدية تخلق حالة مشاركة عامة صادقة بعيداً عن المسلسلات والتمثيليات الديمقراطية وخلق الاقنعة في حالة التشخيص .
لم يكن الموضوع سهلاً ويسيراً على المجتمعات التي سلكت طريق المواطنة كخيار بل تطلب ذلك بلورة رؤيا ورسالة واهداف بل وتطلعات وأمال مشتركة شكلت هاجساً لها ، نحن هنا لسنا بصدد إستدعاء الاحتياط المنهجي والتاريخي لتفكيك وإعادة بناء تلك التجارب أو استلهام تجربة وتتبع خط سيرها دون غيرها، اذ لاشك أن الحد المسموح فيه في المناقلة الحضارية في هذا المضمار استحضار المبادئ العامة والقيم والضوابط كأطر عامة أثبتت التجارب نجاعتها كأفضل الممارسات.
وينطلق أول مرتكز في تحديد الاطار المفاهيمي للمواطنة في أن المجتمع المدني المؤمن بسيادة القانون لدية القدرة والمكنة الذاتية لصياغة الأنموذج الحضاري الذي يتفق وتطلعاته وبالتالي الركوب في قطار السعي الحضاري والانخراط فيه بكافة أعمالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ضمن محددات المواطنة.
إذن في التحليلي الانثروبولوجي تعتبر المواطنة صيرورة مرتبطة إرتباط عضوي بالثقافة التي يجب أن لا تبدي أي مقاومة عند محاولة التشكيل الايجابي لصالح المجتمع، وأدوات ذلك هم النخب والعلماء والخبراء حتى لا يعيق التوجس والإنكفاء المشروع الحضاري، ولعل عين التحليل التاريخي تطلعنا على التحول المتراكم في المجتمعات : من مجتمع الرعية الى مجتمع المواطنين ، ومن ثم ، من مجتمع المواطن الى مجتمع المواطنة الاجتماعية " المشاركة" ويلوح في الأفق مشروع المواطنة العالمية الذي يشكل الحد الأدنى من الجوامع الانسانية المشتركة إطاره العلمي مثل الكرامة الانسانية ومناهضة التعذيب والمحاكمة العادلة والحق والواجب.
وفي ذات السياق ، لابد من الاشارة الى أن المجتمعات التي شرعت في توطين أدبيات وقيم المواطنة محلياً إبان الثورة التكنولوجية تراخت تحت وطأة تحولات دلالة المفهوم في عالم متغير لايزال البعض يبحث فيه عن إجابات لبعض الظواهر الحضارية والتي عكست تطور حضارة دون غيرها التي شكلت مداً حضارياً إستلب و أعاق بعض الجهود وأفشل الأخر.
في بعض المناطق الجغرافية لعدة أسباب بنيوية لم تستطع إمتطاء عجلة الركب الحضاري والسير في حركة نديَة مبنية على التفاعل والتأثُر والتأثير الايجابي الحضاري، مما ظهرت فيه بؤر وكيانات سوداء تشكل خطراً على المشروع الحضاري العالمي برمته، الأمر الذي حتم عليها دون تشخيص وتمحيص الانسياق والانطلاق في الغوص على الضفاف دون امتلاك أي أداة قياس ثقافية أو حضارية ، والابتعاد عن الاعماق كقفزات حضارية مشوهة تؤكد دون شك فقر مدقع في استخدام الادوات ولا حتى المهارات بإعتبار أن الارتطام في القعر كان النتيجة المحتومة.
في المنطقة العربية، لا أدل على حالة عدم تجذر الاستقرار المفاهيمي أن النزاعات المسلحة الاثنية والطائفية والعقائدية أصبحت تشكل العناوين الرئيسة في المشهد الاجتماعي والسياسي، وفي حالة فريدة من نوعها طالت البناء النخوبي للمجتمع السياسي وانقسامه على ضوء تلك المشاهد ما يؤكد حقيقة لا مفر منها أن اللاعبين السياسين لم يأخذوا على عاتقهم أداة العمل السياسي والرضا بنتائج الديمقراطية كوسيلة سلمية ، واللجوء والانحياز نحو سياسة الاصطفاف والتجييش، مما زاد من تصاعد حالة الفوضى وتعكير الجو العام.
كل المؤشرات تؤكد أن إتخاذ مشروع المواطنة منهجاً يحتاج الى إرادة حقيقية يلمس صدقها جميع الاطراف وليس بالضرورة الانخراط في صوغ وبناء أركانها وإنما يجب ضمان عدم التأثير على إثناء الارادة العامة عن المضي قدماً نحو بلوغ الهدف المنشود " المواطنة "، وهذا يتطلب الاعلاء من القيم المشتركة التي يستوعبها جميع الاطراف والتدرج غير المتسرع في إدماج المبادئ والمفاهيم المستقرة في الضمير الانساني من مثل العدالة وتكافوء الفرص وسيادة القانون وعدم التمييز، لكن يقتضي هنا حالة يقضة مركبة في تبني المفاهيم وتركيز وتكريس كافة الجهود في إنضاج حالة مثلى وتطبيقها عملياً ليلمس الجميع نتائجها وأثارها، قد نحتاج الى العمل القطاعي هنا.
على الرغم من حالة السواد العام التي تلف المنطقة وتلقي بظلالها على جميع المشاريع الوطنية وانعكاساتها ، الا انه يمكن بنظرة شمولية رؤية فرصة مواتيه اذا ما التقطتها تيارات التحديث السياسي التي بدأت تتضاعف أرصدتها في الشارع على ضوء تعثر المشروع العربي المشترك بكافة نماذجة الاشتراكي والديني والقومي. الامر هنا ، لا يتعلق بسلسلة من الدوائر المغلقة بل جملة من الاليات المتفاعلة والمتكاملة اذا ما شكلت حالة أولوية لدى صناع القرار.
ربما أتاح لنا البسط المختزل للمفهوم والواقع تبديد المخاوف نحو الفهم المغلوط للخصوصية، حيث اننا معنيوين بتحقيق مطالب الاصلاح ومعنيون في الان نفسه بالعولمة وتداعياتها ومعنيون ثالثاً بتكريس قيم وعناصر المواطنة كنهج عام في الادارة العامة والمال العام ، وبناء مرجعيات مؤسسية منظمة لكافة العلاقات العامة في المجتمع . مما يقضي حالة يقظة إستثنائية وخطوات ومواقف حازمة اذ لا مجال للتردد والانتظار في ظل إنعدام الخيارات والبدائل، الأمر الذي يحتاج الى قيادات ورموز وطنية ونخب سياسية لديها القدرة على تجاوز التنظير العام والقدرة على تشخيص وتحليل الواقع بكل كفاية وإقتدار.
المعيقات التربوية والدينية والثقافية والاجتماعية لن يتم إذابتها الا بوسائل ومكائن حضارية وفكرية قائمة على إدراك أسئلة مجتمعاتنا بأبعادها المختلفة ، وإحلال عناصر المواطنة المادية القائمة على ثنائية الحق والواجب والمشاركة بإعتبار أن حسم العديد من إشكاليات العناصر الوجدانية يتلاشى تدريجياً بالإعمال الحقيقي للعناصر المادية .
وعليه فإن المواطنة كمنظومة مركبة بأبعادها السياسية والاجتماعية والثقافية تشكل الملجاء والمنجاء على ضوء إنتعاش تطلعات الشعوب نحو الديمقراطية وحقوق الانسان وسيادة القانون، كمشروع نهضوي وطني شمولي عام، وكشرط قبلي لابد من أن يحمل لواء هذا المشروع شخوص مشهود لهم بالحيدة والنزاهة والموضوعية والعمل الدؤوب وبأدوات غير تقليدية تخلق حالة مشاركة عامة صادقة بعيداً عن المسلسلات والتمثيليات الديمقراطية وخلق الاقنعة في حالة التشخيص .