عقوبة الاعدام جدل مستمر
المحامي صدام ابو عزام
جو 24 : لا تزال مسألة عقوبة الاعدام محل جدل مستمر ومحتدم بين كافة الاوساط الدينية والثقافية والقانونية الرسمية وغير الرسمية منها، في الاردن المسألة مركبة وتحتاج الى تحليل لتبيان النهج الرسمي والمؤسساتي في التعامل مع هذه المسألة، من جهة أخرى طالعتنا الاخبار بتنفيذ عقوبة الاعدام بحق ( 11) محكوم في مركز إصلاح وتأهيل سواقة فجراً .
توالت التغطيات الاعلامية والاخبارية في تسليط الضوء على تحليل ودراسة هذا الموضوع بعمق ولا مراء بأنه شكل حالة إنشغال للرأي العام، تمركزت الغالبية العظمى من التغطيات على فتح باب النقاش بين مؤيد ومعارض للعقوبة، واللافت قبل ذلك كله بروز حركة إعلامية كبيرة تطالب وتنادي بتفعيل عقوبة الاعدام مردها التعاطف مع ذوي المجني عليهم في بعض الجرائم التي أرقت الشارع الاردني في حينه.
بادئ ذي بدئ لا بد من التذكير بأن الوقوف على أعتاب إجابة حقيقة قائمة على ركائز ومعايير موضوعية ينطلق من تفكيك البنى الفكرية التي تتداخل في الموضوع ، ويمكن الحديث هنا عن ثلاث مقاربات الاولى المقاربة الدينية ، والثقافية ، والقانونية ، ففي الجانب الديني يجب عدم التذرع وإقحام نصوص الشرع الحنيف في مثل هذا الجدل بإعتبار قواعد الشرع الحنيف قواعد كلية أصولية لا تقبل التجزئة ويتم تطبيق العقوبات المفروضة على كافة الجرائم سواء حدود أو تعزيز حين إتباع أحكام الشرع في المجتمع ، اما على صعيد المقاربة الثقافية وأساسها ماهو مستقر ومتعارف عليه في القضاء العشائري ايضا له أحكام خاصة يتم اللجوء اليها وتطبيقها في ظروف أملتها أوضاع إجتماعية وثقافية لها مبرراتها وقواعدها وأحكامها وهي ايضا مستبعده عن أي تبرير يستند اليها.
أما المقاربة الثالثة وهي قانونية صرفة تعنى بأسس وقواعد علم القانون الجنائي والمدارس القانونية المستقرة والاحكام التي توجبها هذه الافتراضات القانونية، إذن مفتاح النقاش يجب أن ينطلق من محددات مفاهيمية رئيسة لا يجوز تجاوزها أو تخطيها وهي المؤطر العلمي والنظري لأي نقاش حيال هذه المسألة ، وإن إقحام المقاربة الدينية والثقافية وتقديم مبررات على اساسها يلحق بالغ الضرر بهذه القواعد وكلياتها.
وعليه وبالتأسيس على المقاربة القانونية العالمية والتي تنطلق من تحليل نظريات الاجرام وأسبابها الكامنة في المجتمع أم في النفس البشرية ، ومدى تأثير وتفاعل تلك العوامل لتحفيز الذات البشرية للمضي قدماً بإرتكاب الجريمة ، حيث دار حيال ذلك جدل فقهي ونظري عميق لا نستطيع حتى الوقوف على أعتابه في هذا التشخيص ، لكن يمكننا القول بضرورة التفريق بين جاهزية المجتمع ككل بإعتباره الوعاء والحاضنة الحقيقية للفرد من حيث الصلاح من عدمة ، وهل المجتمع صالح لإستيعاب الفرد وتحفيز مدركاته العقلية والحسية ايجابياً لإستكمال بناء الفرد الصالح. وهل الجهة الراعية أي الدولة بمؤسساتها وكيانها الكبير وفر وهيئ كافة الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية كتبيئة أولى لوجود الفرد فيه من عدمة.
الجانب الأخر في ذات السياق ينطلق من أن هناك اسباب كامنة في النفس البشرية نتاج العديد من العوامل الداخلية والخارجية ما عبر عنها بتراكمات النفس البشرية وميل الشخص الى الاجرام واعتبار إرادته هي المسؤول الاول والأخير عن أي جرائم يرتكبها وهذا النوع من البشر عادة ما ينتهي به الامر الى إستمراء الاجرام والتمتع به من حيث اعداد العدة لإرتكاب الجرائم.
حيال كل ذلك تنبهت النظريات القانونية وصار الى التفريق بين القصد الخاص وهو الباعث على إرتكاب الجريمة الكامن في النفس البشرية ويمثل النوع الثاني من اسباب شخصية ذاتية مثل القتل مع سبق الاصرار والترصد وتعذيب المقتول بشراسه السرقة المقصودة والجرائم المنظمة والاتجار بالبشر وغير ذلك ، والقصد العام وهو إرادة ارتكاب الجريمة المتمثلة بالعلم والارداة كأركان عامة تمثل النوع الاول الناتج عن عوامل خارجية كحوادث السير والمشاجرات والسرقات غير المقصودة وغير ذلك من جرائم.
بل وزاد الامر في التحليل والتشخيص قانوناً الى أعمق من النظر الى الجانب الشخصي والذهاب الى طبيعة الجرمية وتم تصنيف الجرائم الى مقصودة وغير مقصودة ، واشتراط القصد الخاص في بعضها وعدم اشتراطة في الاخر .
إذن العملية قانونية تحتاج دراسة متأنية وتحليل إجتماعي ونفسي وتفكيك بنى المجتمع برمته بالايجاب والسلب ، وهنا نكشف زيف المسألة من أنها مسألة تصويت أنت مع أم ضد عقوبة الاعدام، او تبرير البعض بأن القرارا لاقى قبولاً شعبياً منقطع النظير، وعليه فإن ما يتم في بعض وسائل الاعلام منافي ومجافي للواقع والحقيقة، فضلاً عن القضايا القانونية والمتعلقة بأقدس وأهم حق من حقوق الانسان الحق في الحياة اذ لا يمكن بأي حال إخضاعها لمسألة تصويت وانما تحتاج الى نقاش واعٍ ومثمر مبني على معلومات وبيانات حقيقية وهذا ما عبر عنه في التقرير السنوي لمفوضية الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان والامين والذي يتناول التطورات حول مسألة الاعدام في العالم من عام 2010 لغاية عام 2011 ، بأن تتيح الدول معلومات ليمكن من الاسهام في نقاشات مستنيرة وشفافة على الصعيد الوطني.
وعليه ، فإن المؤسسات الرسمية مطالبة من حيث المبدأ بالافصاح عن جميع المعلومات المتعلقة بالسياسة الجنائية، ونسب وأرقام واحصاءات الجرائم وانواعها، واتاحة المعلومات حول الاجراءات وأليات واسباب إرتكاب الجرائم مع احترام خصوصية الجناة وذويهم، وكذلك توافر معلومات حول عدد السكان والمناطق الجغرافية التي تم ارتكاب الجرائم فيها، وكذلك تحليل النصوص القانونية من حيث طبيعة الجرائم كما أسلفنا ومدى توافر القصد العام والخاص فيها .
من جهة أخرى ، يتطلب كل ذلك مراجعة واعية ومتبصرة لضمانات المحاكمة العادلة في كافة القوانين الاجرائية في الاردن إذ الواقع يشئ بخلو هذه القوانين من بعض الضمانات المتعلقة بالمحاكمة العادلة ولا سيما المتعلقة بالجرائم المعاقب عليها بالاعدام ، فضلاً عن الابقاء على فرصة العفو والصفح واستبدال العقوبة متاحاً في القوانين ، ومدى توفر هذه الضمانات في المحاكم الخاصة وغير ذلك من امور اجرائية لا يتسع المقام لذكرها.
صفوة القول ، امام الواقع الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة والفقر والعوز وتعثر فرص الافراد في تأمين سبل العيش الملائم والمناسب للإيفاء بحاجاتهم الاساسية ليتمكنوا من الاستمرار من العيش بكرامة، كل هذه الظروف مجتمعة أدت الى تعاظم وتفاقم حالة العود والتكرار في الجرائم من جهة ، وإعتبار طريق الاجرام سبباً للكسب لغيرهم من جهة أخرى كبديل لعدم توافر الخيارات ، أما الواقع الاجتماعي المأزوم والذي يعاني من العنف والتشرد وتفكك الروابط الاجتماعية وخلو القدوة من حياة الافراد وسياسات الاغتراب والتوحد وارتفاع نسب الانتحار وانسداد الافق نحو بناء فرد صالح في بعض البيئات الاجتماعية راكم حالة الاجرام عند هولاء الاشخاص. والسؤال المركزي المطروح على تعتبر البيئة الاجتماعية على ما هي عليه وعاء ايجابي من شأنه إحتواء الافراد مما يشكل ردع مسبق نحو الدخول في غياهب الاجرام، هذه المعيطات تشكل الاطار المفاهيمي النظري والعلمي نحو المضي قدماً في بناء تصور وطني عام نحو عقوبة الاعدام بالاستناد الى تحليل علمي منهجي بعيد كل البعد عن التوجيه أو الاثارة.
توالت التغطيات الاعلامية والاخبارية في تسليط الضوء على تحليل ودراسة هذا الموضوع بعمق ولا مراء بأنه شكل حالة إنشغال للرأي العام، تمركزت الغالبية العظمى من التغطيات على فتح باب النقاش بين مؤيد ومعارض للعقوبة، واللافت قبل ذلك كله بروز حركة إعلامية كبيرة تطالب وتنادي بتفعيل عقوبة الاعدام مردها التعاطف مع ذوي المجني عليهم في بعض الجرائم التي أرقت الشارع الاردني في حينه.
بادئ ذي بدئ لا بد من التذكير بأن الوقوف على أعتاب إجابة حقيقة قائمة على ركائز ومعايير موضوعية ينطلق من تفكيك البنى الفكرية التي تتداخل في الموضوع ، ويمكن الحديث هنا عن ثلاث مقاربات الاولى المقاربة الدينية ، والثقافية ، والقانونية ، ففي الجانب الديني يجب عدم التذرع وإقحام نصوص الشرع الحنيف في مثل هذا الجدل بإعتبار قواعد الشرع الحنيف قواعد كلية أصولية لا تقبل التجزئة ويتم تطبيق العقوبات المفروضة على كافة الجرائم سواء حدود أو تعزيز حين إتباع أحكام الشرع في المجتمع ، اما على صعيد المقاربة الثقافية وأساسها ماهو مستقر ومتعارف عليه في القضاء العشائري ايضا له أحكام خاصة يتم اللجوء اليها وتطبيقها في ظروف أملتها أوضاع إجتماعية وثقافية لها مبرراتها وقواعدها وأحكامها وهي ايضا مستبعده عن أي تبرير يستند اليها.
أما المقاربة الثالثة وهي قانونية صرفة تعنى بأسس وقواعد علم القانون الجنائي والمدارس القانونية المستقرة والاحكام التي توجبها هذه الافتراضات القانونية، إذن مفتاح النقاش يجب أن ينطلق من محددات مفاهيمية رئيسة لا يجوز تجاوزها أو تخطيها وهي المؤطر العلمي والنظري لأي نقاش حيال هذه المسألة ، وإن إقحام المقاربة الدينية والثقافية وتقديم مبررات على اساسها يلحق بالغ الضرر بهذه القواعد وكلياتها.
وعليه وبالتأسيس على المقاربة القانونية العالمية والتي تنطلق من تحليل نظريات الاجرام وأسبابها الكامنة في المجتمع أم في النفس البشرية ، ومدى تأثير وتفاعل تلك العوامل لتحفيز الذات البشرية للمضي قدماً بإرتكاب الجريمة ، حيث دار حيال ذلك جدل فقهي ونظري عميق لا نستطيع حتى الوقوف على أعتابه في هذا التشخيص ، لكن يمكننا القول بضرورة التفريق بين جاهزية المجتمع ككل بإعتباره الوعاء والحاضنة الحقيقية للفرد من حيث الصلاح من عدمة ، وهل المجتمع صالح لإستيعاب الفرد وتحفيز مدركاته العقلية والحسية ايجابياً لإستكمال بناء الفرد الصالح. وهل الجهة الراعية أي الدولة بمؤسساتها وكيانها الكبير وفر وهيئ كافة الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية كتبيئة أولى لوجود الفرد فيه من عدمة.
الجانب الأخر في ذات السياق ينطلق من أن هناك اسباب كامنة في النفس البشرية نتاج العديد من العوامل الداخلية والخارجية ما عبر عنها بتراكمات النفس البشرية وميل الشخص الى الاجرام واعتبار إرادته هي المسؤول الاول والأخير عن أي جرائم يرتكبها وهذا النوع من البشر عادة ما ينتهي به الامر الى إستمراء الاجرام والتمتع به من حيث اعداد العدة لإرتكاب الجرائم.
حيال كل ذلك تنبهت النظريات القانونية وصار الى التفريق بين القصد الخاص وهو الباعث على إرتكاب الجريمة الكامن في النفس البشرية ويمثل النوع الثاني من اسباب شخصية ذاتية مثل القتل مع سبق الاصرار والترصد وتعذيب المقتول بشراسه السرقة المقصودة والجرائم المنظمة والاتجار بالبشر وغير ذلك ، والقصد العام وهو إرادة ارتكاب الجريمة المتمثلة بالعلم والارداة كأركان عامة تمثل النوع الاول الناتج عن عوامل خارجية كحوادث السير والمشاجرات والسرقات غير المقصودة وغير ذلك من جرائم.
بل وزاد الامر في التحليل والتشخيص قانوناً الى أعمق من النظر الى الجانب الشخصي والذهاب الى طبيعة الجرمية وتم تصنيف الجرائم الى مقصودة وغير مقصودة ، واشتراط القصد الخاص في بعضها وعدم اشتراطة في الاخر .
إذن العملية قانونية تحتاج دراسة متأنية وتحليل إجتماعي ونفسي وتفكيك بنى المجتمع برمته بالايجاب والسلب ، وهنا نكشف زيف المسألة من أنها مسألة تصويت أنت مع أم ضد عقوبة الاعدام، او تبرير البعض بأن القرارا لاقى قبولاً شعبياً منقطع النظير، وعليه فإن ما يتم في بعض وسائل الاعلام منافي ومجافي للواقع والحقيقة، فضلاً عن القضايا القانونية والمتعلقة بأقدس وأهم حق من حقوق الانسان الحق في الحياة اذ لا يمكن بأي حال إخضاعها لمسألة تصويت وانما تحتاج الى نقاش واعٍ ومثمر مبني على معلومات وبيانات حقيقية وهذا ما عبر عنه في التقرير السنوي لمفوضية الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان والامين والذي يتناول التطورات حول مسألة الاعدام في العالم من عام 2010 لغاية عام 2011 ، بأن تتيح الدول معلومات ليمكن من الاسهام في نقاشات مستنيرة وشفافة على الصعيد الوطني.
وعليه ، فإن المؤسسات الرسمية مطالبة من حيث المبدأ بالافصاح عن جميع المعلومات المتعلقة بالسياسة الجنائية، ونسب وأرقام واحصاءات الجرائم وانواعها، واتاحة المعلومات حول الاجراءات وأليات واسباب إرتكاب الجرائم مع احترام خصوصية الجناة وذويهم، وكذلك توافر معلومات حول عدد السكان والمناطق الجغرافية التي تم ارتكاب الجرائم فيها، وكذلك تحليل النصوص القانونية من حيث طبيعة الجرائم كما أسلفنا ومدى توافر القصد العام والخاص فيها .
من جهة أخرى ، يتطلب كل ذلك مراجعة واعية ومتبصرة لضمانات المحاكمة العادلة في كافة القوانين الاجرائية في الاردن إذ الواقع يشئ بخلو هذه القوانين من بعض الضمانات المتعلقة بالمحاكمة العادلة ولا سيما المتعلقة بالجرائم المعاقب عليها بالاعدام ، فضلاً عن الابقاء على فرصة العفو والصفح واستبدال العقوبة متاحاً في القوانين ، ومدى توفر هذه الضمانات في المحاكم الخاصة وغير ذلك من امور اجرائية لا يتسع المقام لذكرها.
صفوة القول ، امام الواقع الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة والفقر والعوز وتعثر فرص الافراد في تأمين سبل العيش الملائم والمناسب للإيفاء بحاجاتهم الاساسية ليتمكنوا من الاستمرار من العيش بكرامة، كل هذه الظروف مجتمعة أدت الى تعاظم وتفاقم حالة العود والتكرار في الجرائم من جهة ، وإعتبار طريق الاجرام سبباً للكسب لغيرهم من جهة أخرى كبديل لعدم توافر الخيارات ، أما الواقع الاجتماعي المأزوم والذي يعاني من العنف والتشرد وتفكك الروابط الاجتماعية وخلو القدوة من حياة الافراد وسياسات الاغتراب والتوحد وارتفاع نسب الانتحار وانسداد الافق نحو بناء فرد صالح في بعض البيئات الاجتماعية راكم حالة الاجرام عند هولاء الاشخاص. والسؤال المركزي المطروح على تعتبر البيئة الاجتماعية على ما هي عليه وعاء ايجابي من شأنه إحتواء الافراد مما يشكل ردع مسبق نحو الدخول في غياهب الاجرام، هذه المعيطات تشكل الاطار المفاهيمي النظري والعلمي نحو المضي قدماً في بناء تصور وطني عام نحو عقوبة الاعدام بالاستناد الى تحليل علمي منهجي بعيد كل البعد عن التوجيه أو الاثارة.