طوف وشوف
أجد من الضرورة بمكان أن نستفيد من برامج شهر "المسابقات" و"الأسئلة في المقاهي والردهات وتحت الخيمات" وعلى هامش "الموائد والبوفيهات" في إعادة كتابة وصياغة تاريخنا بالاستفادة من الإضافات النوعية التي يهدينا إياها مقدمو ومعدّو هذه البرامج؛ فالمتابع والطائف بين هذه البرامج سيتزود بمعلومات لم تكن بمتناول يديه ونطاق تفكيره، فما أعظم تلك "المذيعة" التي صحّحت للمتسابق الإجابة عن سؤالها حول صاحب لقب "الفاروء" والذي اتضح لي بعد زمن أنها تقصد (الفاروق) والذي ذكره المتسابق بأنه (عمرو بن الخطاب)!!!.
وفي سؤال على رصيف الشارع يجيب أحد الشباب عن سؤال "المذيع" حول معركة اليرموك بأنها سمّيت بهذا الاسم نسبةً إلى شارع اليرموك، وأن هذه المعركة وقعت بين المسلمين والروم الارثوذكس في "دير غبار" أو "الفحيص" على حد ظنه، وأن الخندق الذي حفره المسلمون في غزوة الأحزاب لا زال موجوداً في "السلط" حتى يومنا هذا.
واعلم عزيزي القارئ أن مؤلف كتاب "الأغاني" لأبي فرج الأصفهاني هو "تامر حسني" ومؤلف كتاب "الاقتصاد في الاعتقاد" هو "بيل جيتس" سنة 782 هـ.
وما أجمل أن تعرف أن خيار المتسابق قد وقع على رقم (38) في الإجابة عن سؤال كم عدد الدول العربية! وكأنه يستشرف مستقبل ربيعنا العربي القادم، وهل يُعقل أن يكون "وصفي التل" هو من رعى حفل افتتاح "ستاربكس" في عمّان، وأن "عمر المختار" توفي بالذبحة الصدرية و"الشيخ أحمد ياسين" برصاصة طائشة في عرس غزاوي مهيب، وأن الخليل سميت بهذا الاسم نسبةً إلى "الخليلي للمشروبات وكرابيج الحلب" وأن ضريح "ابن خلدون" في عبدون!!!
وما أبرع فرسان التغيير حين تسمع إجاباتهم الدقيقة والسريعة عن أسئلة أبطال الدوري الإسباني، وقصات الشعر، والمطربين والمطربات الأحياء منهم والأموات، وأحذية "ميسّي" و"تيشيرتات مهند" والبناطيل "الساحلة" و"الجالاكسي والآي باد والآي فون والآيس كريم".
كل هذه الإجابات جاءت من فرسان التغيير بلا خيارات ولا مساعدات ولا تسهيلات وبدون إدانة واستنكار واستياء.. أما الإجابة عن أسئلة الوطنية والعروبة والإسلام فعلى الرغم من الاستعانة بصديق، وحذف إجابتين وسؤال الجمهور لم نفلح في معرفة من سيغسل هموم البليون؟!
اسمعوا نشيد الثورة والنهضة على لسان أم كلثوم وهي تقول: "طوف وشوف آثار أجيال ملوا الدنيا حضارة وابتكار... كل دي كانت كنوز الماضي شوف حاضر بلادي".
د. قيس جمال الخلفات
qkhalafat@yahoo.com