jo24_banner
jo24_banner

إحذروا مُدعي الخبرة لأجل الشهرة

د. قيس جمال الخلفات
جو 24 : تحتل الأوضاع الاقتصادية الحيز الأكبر من حديث الناس ومداولاتهم هذه الأيام سواء أكانت في المجالس الخاصة أو عبر وسائل الإعلام المختلفة وتجد ثـُـلّة من هؤلاء الذين يمتطون صهوة المنابر الإعلامية ويركبون سرج الإثارة - وأحياناً "الزعبرة"- وهم يقذفون التهم وعبارات اللوم والتأنيب تجاه الحكومة بوصفها "المجرم" الذي يكيد للأردنيين ويحيك ضدهم المؤامرات مع سبق الإصرار والترصد. ثم يولجون في طرح حلولهم الإبداعية السهلة والسريعة التي ستخرجنا منتصرين من الأزمة واهمين من يستمع إليهم بأن الحكومة عاجزة عن الارتقاء لمستوى نضجهم الفكري وتعيش خارج الزمان والمكان ولا يعمل فيها من يملك من العلم والخبرة والحكمة شيئاً.

فما أن تضع ما يدعون إليه تحت مجهر البحث والفحص تتلاشى أفكارهم وطروحاتهم وتذهب أدراج الرياح -إلا ما رحم ربي- بسبب انعدام قابلية ما يدعون إليه للتطبيق، أو تعارضه مع سياسات مهمة أخرى، أو تعاظم آثاره الجانبية السلبية على إيجابية جدواه في موضع التأثير المنشود، أو أن يكون المدى الزمني للنتائج المرجوة غير منظور.

لقد تصدرنا كل الشعوب في إصدار الأحكام القيمية في كل شأن من شؤون الحياة غير مبالين بحصائد ألسنتنا التي قد تهوي بنا إلى قاعٍ سحيق، فسعينا إلى إظهار الذات طمعاً في لفت النظر وجذب الاهتمام ودخول معترك العمل العام غير آبهين لما يصدر عنا من آراء ومواقف وتحليلات وخطابات. وأصبحنا نملك الحجة على كل شيء، ونحتكر الحقيقة في كل مضمار، ونفتي بلا علم وبحث رصين.

تعود موجة الانفتاح على وسائل الإعلام -غثها وسمينها- خلال السنوات الثلاث الماضية إلى غياب المعايير المهنية لدى هذه " المؤسسات الإعلامية" فهي لا تعتمد معايير لانتقاء فريقها الفني، ولا تعتمد معايير لانتقاء من يصلح لطرح أفكاره من خلالها، فتجد في الصفحة الواحدة من الجريدة فرقاً واضحاً بين مستوى المقالات المنشورة، وتجد تبايناً حضارياً بين البرامج الإذاعية والتلفزيونية على مستوى مقدم البرنامج، ومستوى المعدّ، ومستوى الضيوف الذين تقوم حلقات البرنامج على التحاور معهم، ناهيك عن غياب منهجيات وتقنيات وآداب الحوار عن كثير من هذه البرامج.

إن الإبقاء على وسائل الإعلام التي تقدم ما لا يصلح للطرح أصلاً وكيفما يحلو لها على أيدي بعض الهواة وغير المختصين ومدعي الخبرة لأجل الشهرة والسلطة سينفر المستثمرين من الأردن، ويرسخ لدى المواطن المتلقي فكرة المؤامرة الحكومية على مصيره وقوته وماله، واستفحال الفساد في كل مناحي الحياة الأمر الذي سيعظم من حجم التشنجات المجتمعية، والانقسامات الفئوية، ويؤلب الناس، ويولد ردود أفعال شعبية غير محمودة جراء إصدارهم الأحكام جزافاً وبدون الاستناد إلى دراسة محكمة، ومصادر موثوقة، والحصول على تغذية راجعة من عينة تجريبية يجري نقاشها حول الموضوع قبل تعميمه على الملأ خصوصاً إذا ما كان الأمر متعلقاً بالاقتصاد والمال والأعمال والاستثمار.


qkhalafat@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير