حاسة فئة سادسة
د. قيس جمال الخلفات
جو 24 : إذا سألت أحداً عن واقعةٍ معينة تستمزج رأيه فيها لا حُكمَهُ عليها ولديك اليقين بأنه لم يعايش تلك الواقعة فيجيبك إجابة الواثق بمعلومةٍ طويلةٍ عريضة، الأمر الذي يدفعك لا شعورياً لسؤاله: كيف عرفت؟ لتأتيك الإجابة بـ: حاسة سادسة، فتقول: معقول حاسة سادسة؟ ليأتي التأكيد على الإجابة مرة أخرى: وحياتك حاسة سادسة. وإذا كنتُ جالساً إلى أحدهم في مطعم وجلست إلى جوارنا فتاة تراه وبعد أن يمعن النظر فيها من أبعادٍ ثلاثة (3D) يقول: أكيد إنها مش متزوجة، فأندهش لهذا التأكيد وأبادره السؤال: كيف عرفت؟! فيجيب: الحاسة السادسة يا حبيبي.
خلال عام 2012 حصلت على ما يزيد عن مائة إجابة كانت جميعها حول الحاسة السادسة حتى أن بعض السائقين قال لي عند سؤالي له عن إمكانية اختراع شاحنة تسير على الماء بدلاً من الوقود، فقال لي: "صدقني السنة الجاي رح تسمع عن شاحنة بتمشي ع الميّه"، ولمّا سألته عن سبب وثوقه وتأكده من ذلك أجاب: حاسّة سادسة يا معلّم. هنا اعتقدت اعتقاد المشعوذين بأن الحاسة السادسة مرتبطة بحملة رخصة القيادة من الفئة السادسة، إلا أن هذه التعويذة لم تعش طويلاً لأني وجدت أن عدد الحواس لا يرتبط بفئات رخصة القيادة، إنما بتوزيع عشوائي بين كل بشر الأردن.
وعلى ضفةٍ أخرى من مشهدنا الحياتي تسمع أحباءنا الصحفيين يذكّروننا دائماً بأنهم سلطة (بضمّ السين) رابعة، وعندما نُدعى إلى فعاليات المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني نسمعهم يقولون: "إحنا السُّلطة الخامسة". وعندما نلتقي بإخواننا المزارعين وأصحاب محلات السوق المركزي للخضار والفواكه يقولون نحن سلطة (بفتح السين واللام) الفواكه، واصدقاؤنا أصحاب مطاعم الأسماك والأطعمة البحرية يقولون: نحن أصحاب السلطة البحرية Sea Food Authority.
وحيث أنّ العدد في الحواس قد وصل الستّ وفي السُّلطات الخمس، وتحقيقاً للمساواة والعدالة في تكافؤ الفرص، وصوناً للحريات، وحفاظاً على السلطات قمت بالبحث عن السُّلطة السادسة وقد استعنت في البحث عنها بالحاسة السادسة إلا أنها لم تقدني إليها، فجربت الخامسة ولم أفلح، والرابعة، والثالثة، والثانية، فالأولى بدون جدوى عندها أدركتُ أن السلطة السادسة لا تدركها الحواسّ إنما تدركها العقول فسألتُ أنشُد الإجابة فقيل لي: بأن السُلطة السادسة هي الشارع، فقلت: كلّ من على الشارع هم من المارّة فكيف يكون للمارّة سُلطة؟ فلم أجد تعليقاً على ما رددت به على تلك الإجابة إلا عجوزاً في الغابرين تدرّج في السلطات من "الكول سلو" إلى "السيزر" قال لي: إذا تيقنت من أن أصداء الشارع هي بوحٌ لأسرار البيوت وليست حلبةً للنقض والرفض والضغوط، فاعلم أنك قد امتلكت حاسة سادسة تقودك إلى وجود مستودعٍ لنُخَب "السلطة السادسة".
qkhalafat@yahoo.com
خلال عام 2012 حصلت على ما يزيد عن مائة إجابة كانت جميعها حول الحاسة السادسة حتى أن بعض السائقين قال لي عند سؤالي له عن إمكانية اختراع شاحنة تسير على الماء بدلاً من الوقود، فقال لي: "صدقني السنة الجاي رح تسمع عن شاحنة بتمشي ع الميّه"، ولمّا سألته عن سبب وثوقه وتأكده من ذلك أجاب: حاسّة سادسة يا معلّم. هنا اعتقدت اعتقاد المشعوذين بأن الحاسة السادسة مرتبطة بحملة رخصة القيادة من الفئة السادسة، إلا أن هذه التعويذة لم تعش طويلاً لأني وجدت أن عدد الحواس لا يرتبط بفئات رخصة القيادة، إنما بتوزيع عشوائي بين كل بشر الأردن.
وعلى ضفةٍ أخرى من مشهدنا الحياتي تسمع أحباءنا الصحفيين يذكّروننا دائماً بأنهم سلطة (بضمّ السين) رابعة، وعندما نُدعى إلى فعاليات المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني نسمعهم يقولون: "إحنا السُّلطة الخامسة". وعندما نلتقي بإخواننا المزارعين وأصحاب محلات السوق المركزي للخضار والفواكه يقولون نحن سلطة (بفتح السين واللام) الفواكه، واصدقاؤنا أصحاب مطاعم الأسماك والأطعمة البحرية يقولون: نحن أصحاب السلطة البحرية Sea Food Authority.
وحيث أنّ العدد في الحواس قد وصل الستّ وفي السُّلطات الخمس، وتحقيقاً للمساواة والعدالة في تكافؤ الفرص، وصوناً للحريات، وحفاظاً على السلطات قمت بالبحث عن السُّلطة السادسة وقد استعنت في البحث عنها بالحاسة السادسة إلا أنها لم تقدني إليها، فجربت الخامسة ولم أفلح، والرابعة، والثالثة، والثانية، فالأولى بدون جدوى عندها أدركتُ أن السلطة السادسة لا تدركها الحواسّ إنما تدركها العقول فسألتُ أنشُد الإجابة فقيل لي: بأن السُلطة السادسة هي الشارع، فقلت: كلّ من على الشارع هم من المارّة فكيف يكون للمارّة سُلطة؟ فلم أجد تعليقاً على ما رددت به على تلك الإجابة إلا عجوزاً في الغابرين تدرّج في السلطات من "الكول سلو" إلى "السيزر" قال لي: إذا تيقنت من أن أصداء الشارع هي بوحٌ لأسرار البيوت وليست حلبةً للنقض والرفض والضغوط، فاعلم أنك قد امتلكت حاسة سادسة تقودك إلى وجود مستودعٍ لنُخَب "السلطة السادسة".
qkhalafat@yahoo.com