زُرِعَ في غير مكانه !
ديما الكردي
جو 24 : لم يكن عمره قد تجاوز بضع سنين عندما انفصل والداه وحدث أبغض الحلال عند الله، وبما أن الأب كان ذا شخصية عنيدة جداً فقد استأثر بتربية ولده، والزوجة بدورها لم تمانع فقد كانت تبحث عن رجل آخر فتزوجت.
لم يتمكن الأب من العناية بالطفل فهي مسؤولية عظيمه لن يقوى عليها، فقرر أن يتزوج واعتقد أنه كلما بكر في الزواج كان من الأسهل على ولده تقبل فكرة زوجة الأب، ولكن هل فكر في تلك الزوجة؟؟ هل ستتقبل هي فكرة ابن الزوج؟!
تزوج إذا وأعطى تعليماته بمعاملة ولده أحسن معاملة فوالدته غائبه! ربما هذا ما جعل الزوجة الجديده تشعر بالغيرة من الطفل فقد كان يذكرها بأنه الخيار الثاني لزوجها فشيطان عقل " النساء " كان يوسوس لها بين الحين والآخر.
...تمر الأيام والسنون ويشاء الله أن تنجب البنات فقط الأمر الذي زاد نيران غيرتها اتقادا، وفي الوقت ذاته تولد لدى الطفل شعورٌ بالاهمال من قبل والده وزوجة أبيه فقد صار جل اهتمامها منصبا على أخواته، لكنها والحق يقال كانت تعتني به أيضاً ولكن ليس كمن هن من لحمها ودمها.. قد تكون هذه طبيعة الانسان!
يكبر الطفل ويتعاظم شعوره بالاهمال.. كان يعتقد أنه لا أحد يكترث بوجوده من عدمه ما دفعه للقيام بأعمال تخريبية للفت الأنظار. لم يكن والده ولا زوجة أبيه يدركان معنى تصرفاته.. ربما لم يحاولا أبدا التفكير بذلك، وربما فعلوا فاستعصى الأمر عليهم! كان سلوكه يقابل بالعنف " فالفلقة " جاهزة دوما.. يعبر من خلالها الأب عن رجولته وسيادته ويجد فيها متنفسا من احباطاته وضغوط يومه!! لم يكن أحد على استعداد للجلوس إليه ومحادثته وسؤاله عن أسباب تصرفاته تلك!
بالمقابل كانت الفتيات مطيعات لا يجرأن على قول كلمة لا "فالخيزرانة" بالمرصاد ما زاد في كره ذلك الطفل لأخواته واستمراره بالانتقام من نفسه أولا ومن زوجة أبيه وبناتها ثانياً حتى ربما من أبيه أيضاً.
في نهاية كل سنة دراسيه عند الحصول على العلامات النهائيه كان صاحبنا على موعد دائم مع "فلقة " نهاية السنة التي يتبعها حرمان من الخروج واللعب مع أولاد الحي، لكنه كأبيه عنيد لم يكن ينفذ ما يطلب منه على الرغم من معرفته بالعقوبة.. ربما كان الحي وأولاد الجيران سلوته الوحيدة.. المكان الذي وجد نفسه فيه، أو ربما كان كل ممنوع مرغوبا!!
حياته التعيسة انعكست على سلوكه ومزاجه فكبر وكبرت أخواته وتعقد شكل العلاقة بينهم.. فمن جهة لا تزال في نفسه غصة جراء تمييز والده وزوجة أبيه في التعامل معه، ومن جهة ثانية شب ولديه احساس بالمسؤولية تجاههن تفرضه تقاليد المجتمع وأدبيات الدين. بالرغم من ذلك لم يستطعن فهم أسباب اضطراب سلوكه.
لم يختر البعد عن أمه بل اجبر عليه.. لم يختر العيش مع زوجة أبيه.. حتى إنه من بعد لم يختر شريكة حياته!! كل ذلك فرض عليه فرضاً ومع كل هذا يستهجنون تصرفاته !
اقتلعوا نبتة نضرة من أرضها وزرعوها في أرض أخرى، وتوقعوا منها أن تنمو وتكبر وتبقى خضراء من دون أشواك. لم يخطر ببالهم أبداً أن هناك احتياجات أخرى لنمو تلك النبتة بالطريقة الصحيحه وأن انتزاعها من أرضها يتطلب جهداً مضاعفاً للعناية بها. ان الحصول على نبات مثمر يحتاج الى أكثر من الماء والغذاء.. يحتاج إلى حنان... إلى حب.. إلى عطف وتفهم... إلى الشعور بالامان.. القبول من الآخرين.. لم يأخذ أيا من تلك ليطالبوه بأن يكون انساناً طبيعياً محباً للآخرين، وللحياة. فكيف يكون ذلك؟!!!
لم يتمكن الأب من العناية بالطفل فهي مسؤولية عظيمه لن يقوى عليها، فقرر أن يتزوج واعتقد أنه كلما بكر في الزواج كان من الأسهل على ولده تقبل فكرة زوجة الأب، ولكن هل فكر في تلك الزوجة؟؟ هل ستتقبل هي فكرة ابن الزوج؟!
تزوج إذا وأعطى تعليماته بمعاملة ولده أحسن معاملة فوالدته غائبه! ربما هذا ما جعل الزوجة الجديده تشعر بالغيرة من الطفل فقد كان يذكرها بأنه الخيار الثاني لزوجها فشيطان عقل " النساء " كان يوسوس لها بين الحين والآخر.
...تمر الأيام والسنون ويشاء الله أن تنجب البنات فقط الأمر الذي زاد نيران غيرتها اتقادا، وفي الوقت ذاته تولد لدى الطفل شعورٌ بالاهمال من قبل والده وزوجة أبيه فقد صار جل اهتمامها منصبا على أخواته، لكنها والحق يقال كانت تعتني به أيضاً ولكن ليس كمن هن من لحمها ودمها.. قد تكون هذه طبيعة الانسان!
يكبر الطفل ويتعاظم شعوره بالاهمال.. كان يعتقد أنه لا أحد يكترث بوجوده من عدمه ما دفعه للقيام بأعمال تخريبية للفت الأنظار. لم يكن والده ولا زوجة أبيه يدركان معنى تصرفاته.. ربما لم يحاولا أبدا التفكير بذلك، وربما فعلوا فاستعصى الأمر عليهم! كان سلوكه يقابل بالعنف " فالفلقة " جاهزة دوما.. يعبر من خلالها الأب عن رجولته وسيادته ويجد فيها متنفسا من احباطاته وضغوط يومه!! لم يكن أحد على استعداد للجلوس إليه ومحادثته وسؤاله عن أسباب تصرفاته تلك!
بالمقابل كانت الفتيات مطيعات لا يجرأن على قول كلمة لا "فالخيزرانة" بالمرصاد ما زاد في كره ذلك الطفل لأخواته واستمراره بالانتقام من نفسه أولا ومن زوجة أبيه وبناتها ثانياً حتى ربما من أبيه أيضاً.
في نهاية كل سنة دراسيه عند الحصول على العلامات النهائيه كان صاحبنا على موعد دائم مع "فلقة " نهاية السنة التي يتبعها حرمان من الخروج واللعب مع أولاد الحي، لكنه كأبيه عنيد لم يكن ينفذ ما يطلب منه على الرغم من معرفته بالعقوبة.. ربما كان الحي وأولاد الجيران سلوته الوحيدة.. المكان الذي وجد نفسه فيه، أو ربما كان كل ممنوع مرغوبا!!
حياته التعيسة انعكست على سلوكه ومزاجه فكبر وكبرت أخواته وتعقد شكل العلاقة بينهم.. فمن جهة لا تزال في نفسه غصة جراء تمييز والده وزوجة أبيه في التعامل معه، ومن جهة ثانية شب ولديه احساس بالمسؤولية تجاههن تفرضه تقاليد المجتمع وأدبيات الدين. بالرغم من ذلك لم يستطعن فهم أسباب اضطراب سلوكه.
لم يختر البعد عن أمه بل اجبر عليه.. لم يختر العيش مع زوجة أبيه.. حتى إنه من بعد لم يختر شريكة حياته!! كل ذلك فرض عليه فرضاً ومع كل هذا يستهجنون تصرفاته !
اقتلعوا نبتة نضرة من أرضها وزرعوها في أرض أخرى، وتوقعوا منها أن تنمو وتكبر وتبقى خضراء من دون أشواك. لم يخطر ببالهم أبداً أن هناك احتياجات أخرى لنمو تلك النبتة بالطريقة الصحيحه وأن انتزاعها من أرضها يتطلب جهداً مضاعفاً للعناية بها. ان الحصول على نبات مثمر يحتاج الى أكثر من الماء والغذاء.. يحتاج إلى حنان... إلى حب.. إلى عطف وتفهم... إلى الشعور بالامان.. القبول من الآخرين.. لم يأخذ أيا من تلك ليطالبوه بأن يكون انساناً طبيعياً محباً للآخرين، وللحياة. فكيف يكون ذلك؟!!!