أنين جنين ..
كنت مضغة ثم علقة فاذا بي جنين ، وعدوني أن أولد يوم النصر ..فاذا به بعيد بعيد ، كل يوم كنت أكبر ويكبر شعوري بالخوف ، تلك الأحشاء التي ضمتني كانت دائماً ترتجف مع بزوغ فجر كل يوم من شدة الخوف ، ومما ستحمله الساعات القادمة من أحداث.
كانت أمي تضع يديها الحنونتين علي لتطمئنني وتدعو لي ولها بالخلاص ، كنت أسمع كل ما يجري حولي ، كل يوم خبر جديد بمجزرة جديدة في مناطق قريبة ، أصوات البكاء كانت ترن في أذني والصلوات تتعالى للخلاص الى أن جاءت ساعتنا ، فاذا بأشباه آدم تدك مضاجعنا ، تأخذنا الى الساحات ، تحرق رجالنا وتذبح أطفالنا ولكن قبل هذا وذاك تحرق قلوبنا بما تفعله بنسائنا وبناتنا .
رجالٌ يطلبون الموت ، ولكن لا .... ترد عليهم تلك المخلوقات وتقول ؛ ليس الآن فلتروا أولاً ثم تموتوا..
أمي .. حبيبتي تضع يديها علي كما فعلت دائماً وهي عارية وسط هذا البرد القارس ، تعتذر مني لأن وعدها بولادتي يوم النصر غدى مستحيل ، لتقول لي أنها ذاهبة ..راحلة ، وأني سأرافقها ولكن بعد حين ....
أحسست بالبرد ينتشر في أطرافها شيئاً فشيئاً، بدأت أركل في كل الجهات ، أبحث عن غذاء .. أبحث عن هواء ولكن لا فائدة فقد رحلت ...
رحلت وتركتني وحيداً ضعيفاً أتلقى الضربات من كل الجهات ، فلم يشبعوا بعد من نشوة الاغتصاب والقتل بل يريدون المزيد ، حتى الجثث لم تسلم منهم !.
بدأت أختنق فاذا بملك الموت يحملني مسرعاً فوق السحاب يضعني فوق جناحيه لأطير معه للقاء أمي ، ولولادة أخرى ... لكن هذه المرة في السماء..