jo24_banner
jo24_banner

علياء !

ديما الكردي
جو 24 :

منذ أن كانت في عمر الزهور أحبت الأطفال ورجت الله أن تكون يوماً أماً. نضجت تلك الزهره وتزوجت وانتظرت أن ينعم الله عليها بزينة الحياة الدنيا من البنين.
مرت السنون حتى غدت عشراً.. لم يتركا طبيباً الا واستشاراهحتى إنهما حاولا في بلد آخر ولكن بلا جدوى. ما أقسى تلك الكلمة..عاقر. شعرت أنها أرض بور لن تثمر يوما.
في أحد الأيام بعد أن تناولا طعام الغداء أتته بكوب من الشاي..نظرت إليه بعينين مغرورقتين وقالت والكلمات ترتجف على شفتيها: "أنا أحبك، ولأنني أحبك لن أحرمك نعمة الأبوة. سأزوجك.. نعم سأزوجك". كان قلبها يخفق بشدة.. بترقب.. بمنى، وكان عقلها الباطن يطمئنها ويقول لها: "سيرفض طلبك لأنه يحبك.. أنت فقطمن يريد".
ظل ينظر في كوبه وساد هدوء قاتل. هي تنتظر الرد الذي تخشى،وهو يفكر في كلمات الانصياع لرغبتها التي ظلت تراوده ردحا من الزمن. لكن الأمر لم يكن سهلا بالنسبة إليه أيضا فكيف يبوح لها بما كان قد كتم؟
قدم لها ملخصاً للسنين العشر التي مضت، وأكد لها حبهواسترسل بالحديث، أما هي فيكاد قلبها يقفز من بين ضلوعها من شدة الخفقان لأنها تعلم الجواب النهائي وما ستؤول إليه تلك المقدمة، حتى وصل أخيرا إلى بيت القصيد وقالها: "ستظلين أنت الأصل وستكوني أمهم الثانية!
تركته وركضت مسرعة بين أشجار الزيتون الرومي التي عاشتمعها سنوات الطفولة وكبرت معها. ظلت تركض ودموعها تسقي تلك الأرض الخصبة المعطاء التي ذكرتها بعقمها وقلة حيلتها.ركضت حتى وصلت إلى سفح الجبل المطل على واد كبير وصرخت بأعلى صوتها: "لماذا؟"
مرت شهور قليلة قبل أن يتزوج في حفل بسيط كانت أغرب حضوره. تمنت أن تبتلعها الأرض حتى تتخلص من صورة العروسالجالسة قرب حبيبها، ومن نظرات الإشفاق في عيون باقي من حضر.
بعد سنة فقط تحقق المراد وجاء الإبن البكر لزوجها الذي كان يحاول جاهداً أن يشعرها بأن مكانتها مميزة. قال لها إنه من الصعب على أخرى أن تحل مكانها، لكن مجرد العيش معا تحت سقف واحد كان كفيلاً بأن يقتلها في اليوم ألف مرة !
أحبت ذلك الطفل حباً جماً ورعته برموش العين قبل أن يلحقه أخوةوأخوات كانوا بالنسبة لها أولادها التي لم تنجب بكل ما يجلبه الولد من سعادة وشقاء. عاشت الأمومة دون انجاب.. أعطتهم الكثير، وقدمت بحبها وحنانها ما لم تستطع في بعض الأحيان من أنجبتهمتقديمه، فالنقص الذي كان يشعرها به العقم عوضته في رعاية الأبناء والحدب عليهم.
بعد حين أصبحت أكثر نساء عائلتها الممتدة أمومة فالكل يناديها أمي.. لها فضل على الجميع فقد كانت عونا لكل أم.. أثبتت بعواطفها أن الام هي من تربي وتحب.. من تقدم بلا حدود أو مقابل.. ومن تؤثر الولد على النفس.
يحبها الجميع، وأحبها أنا على الرغم من قصر مدة تعارفنا، ولكنها من أولئك الذين تشعر نحوهم بعاطفة جارفة.. بحب دافىء دفء قبلاتها وضمتها الحنون.
أطال الله بقاءك ومتعك بالصحة والسعادة والرضا.
إبنتك في واشنطن.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير