jo24_banner
jo24_banner

امرأة واحدة لا تكفي!

ديما الكردي
جو 24 :

اتصل بها قائلا أريدك أن ترتدي الليلة أجمل ما عندك، وأن تجدي جليسة للأطفال لنخرج سوياً للعشاء فمنذ زمن لم نقض وقتاً كافياً وحدنا. طارت من الفرح فقد ظنت أنه قد نسي أنها حبيبته وأن هموم الحياة غمرته وأرهقته.

قرع جرس الباب.. ركضت مسرعة مشتاقة كعادتها، ولكن هذه المرة بلهفة أكبر لأنهما سيخرجان معاً. فتحت الباب لتراه باسم الثغر خلف باقة من الورد..غمرها بحنان وانطلقا.

للحظة، أحست أن هذه المرة غير كل مرة.. تذكرت ذلك الشعور عندما كانا يلتقيان وهما مجرد خطيبين.. تلك المشاعر البكر الرقيقة التي لم تكن بعد قد أثقلتها المسؤوليات والهموم.

أوقف سيارته أمام مطعم لطالما التقيا فيه.. ابتسمت وشكرته لأنه لا يزال يتذكر مكانها المفضل. جلسا ينظران إلى بعضهما.. كانت نظراتها دافئة مليئة بالحب الصادق، أما هو فكان يهرب بعينيه منها.. يتكلم مرة عن ديكور المطعم الذي تغير، وأخرى عن العمل بينما هي سارحة في حبه.

بعد ان تناولا طبقهما المفضل قال لها: "أريد أن أطلعك على أمر هام". قالت: "قل حبيبي.. كلي آذان". بدأ بالقاء محاضرة في موقف الدين من الحياة الزوجية، والاحتياجات الانسانية. بين كل درس ودرس كان يتلفظ بكلمات ود وحب ربما لتخفيف الصدمة. أوقفته باسمة، وقالت: "بعد عمري.. قل ما تريد من دون مقدمات ولك ما تريد!". فرح بهذا الرد واستجمع قواه قائلا: " سأتزوج". ضحكت وقالت: "كفاك مزاحاً.. قل ما تريد". كرر قوله "سأتزوج من أخرى. استدرك قائلا: "ولكنك الأصل".

وقفت.. أحست بالأرض تتزلزل تحت قدميها، وأن الدنيا تدور بها، وأن الدم يغلي في عروقها. رجاها مرة أخرى أن تجلس ليتكلما بهدوء. نظرت إليه بعيون ملأتها الدموع.. لم تكن تراه.. كان يتكلم ولكنها لم تكن تسمع. كانت ترى شريط الذكريات يمر سريعاً أمام عينيها.. رأت تضحياتها التي قدمت فلم تزف ككل الفتيات. رضيت بالقليل. لم تسكن بيتاً حقيقيا كما تعودت فقد رضيت بغرفة واحدة! اعتقدت أن عش الزوجية الدافئ لا يحتاج الى أثاث فاره، فالحب يثري كل مكان. كانت هي من وفرت أبسط وأكبر مستلزمات البيت. تذكرت عدد المرات التي ترك فيها عمله لتقف بجانبه وتسانده. لم تطلب يوماً شيئاً فوق طاقته، أو حتى بمستوى طاقته. كانت إذا طلبت أمراً تطلبه على استحياء مع أنه من حقها ومن مستلزمات الحياة. أعطت، وأعطت ولم تنتظر الرد. أحبته بجنون، وقدمت له بجنون.. ربما كان هذا خطأها! استمرت بالبكاء، فرجاها أن تتوقف وتستمع إليه. قال لها إنه لا يزال يحبها ولن يتخلى عنها مهما فعلت. أصر على أنها هي الحب الأول وأم الأولاد وإنه لن يفرط بهم مهما حدث.

مسحت دموعها وقالت له: "شكراً على هذه المكافأة التي استحق.. شكراً على أيام الحرمان التي عشتها وتألمتها ولم أُشعرك بها.. قدمت لك الكثير فماذا قدمت لي؟! لم أطلب سوى حب حقيقي منك! آه من القلب أدميته!! آه من العين أبكيتها!!

ماذا فعلت بنفسي؟! فكرت في الأولاد الذين جزمت أنه لم يفكر بهم.. كيف ستخبرهم بذلك وبالذات أبنها البكر الذي ورث عن أمه المشاعر الفياضة وصدق الحديث. وعدها بأنه لن يقصر أبداً في واجباته بعد أن مَنّ الله عليه بالرزق. ضحكت وأجابته في سرها: "غريب أنت يا رجل.. عندما كنت معدماً أعطيتك الكثير، وعندما أعطاك الله لم تفكر إلا في نفسك! كم أنت أناني! أعاد عليها الكرّة، وشدد على حبه لها، وسرد على مسامعها مرة أخرى دروس الدين في تشريع النكاح، وذكرها بقوله تعالى في سورة النساء "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، فردت عليه: "فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة"، وأضافت: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم". صمت للحظات ثم نظر اليها وقال: إمرأة واحدة لا تكفي .

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير