هشام عزت منصور..

جو 24 : تقاومني الحروف والكلمات.. تأبى التسليم برحيلك. وجع يعتصر القلب، ودموع تحرق الوجنات. لا أدري أهي فقط حزناً على فراقك أم على وحدتي في ألمي أيضاً في هذه البلاد البعيدة!
أنت ثاني عزيز أبكيه وحدي في أقل من عام! يا الله.. يا الله عفوك.. سامحني.. ترفع عن خطاياي، وجهلي، وقلة حيلتي. لم اخترته مبكراً؟! دعوتك بقلب صادق أن ألطف به، ورده الينا. رجوتك أن تشفيه وترحمه. قالوا لي: "أنت في الغربة، ودعاؤك مستجاب"! والله قد دعوت. بكل الحواس دعوت دعوة صافية لوجهك الكريم. لا أدري لم كنت أتوقع حدوث معجزة! معجزه ترجعه لنا كما كان!
كان انساناً نشيطاً. دائم التفكير بالانجاز. مغامر لأقصى حد. صادق. مثابر. مكافح. لم يمنعه شاغل، أو مرض، أو أي شيء عن عمله. حبه لعمله وتكريسه حياته له أمر نادر! ليس مثلك مثل عمي الحبيب!
ربما كانت استجابة دعائي ان اختاره الله إلى جانبه ليريحه من عناء الحياة، وعذاب التفكير الدائم بالقادم. حكمة الله، وقضاؤه الذي لا راد له!
لكن من حقك علينا عمي الغالي أن نحكى قصتك للأجيال القادمة لتستقي منها العبر. قصة كفاح أساسها العلم والإيمان. الإيمان بالله أولا، وبقدرة النفس البشرية على تحقيق الكثير من خلال التصميم والإرادة ثانيا. إن العقبات التي تواجهنا في مشوارنا ليست سوى تحديات تشد أزرنا، وتضاعف تصميمنا على تحقيق أهدافنا.
من فرن صغير لصب المرايا في أسواق عمان القديمة إلى مصنع أردني بامتياز يعتمد الجودة والصدق في التعامل لبنات أساسية في العمل. لم يترك الخال عزت رحمه الله الملايين، ولا حتى الآلاف ليبنوا عليها وبها، لكنه سلح أبناءه بعلم نافع، وخلق دمث. لم تغيرهم الدنيا، ولا المال، ولم يحيدهم شيء عن الثوابت التي نشأوا عليها في زمن أصبح فيه المال أهم من الإنسانية نفسها!
عمان.. يا عمان.. أحبك، وأكرهك. مرة بعد مرة أغترب عنك، وتغتربين. تضمي أحبتي تحت ثراك، وتتوقعين أن نبقي الود بيننا! يا لوقاحتك حبيبتي! لا.. لست وقحة. أعذريني. ضميه برفق. حني عليه. اطلبي من الباري العظيم أن يجعل مثواه روضة من رياض الجنة. بلغيه وأنت تحتضنيه أننا نحبه، وسنبقى نحبه. سنحكيه قصة حلم جميل كبر، وكبر حتى غدا حقيقة، وسيكبر بإذن الله بمن تسلم منك الراية. حفظهم الله ليكملوا المشوار.

ابنتك المحبة