"ارفع رأسك عاليا.. أنت غزي"
ديما الكردي
جو 24 : في كل مرة عندما أبدأ فيها كتابة بعض السطور حول حادثة معينة او قصة واقعية او متخيلة أحاول أن أعيش مع بطلها أو بطلتها ان اتقمص تلك الشخصية بكل جوارحي ، أشاركها حزنها وفرحها ، أضحك و أبكي معها حتى إنني في بعض الأحيان أفكر وأقرر معها اوعنها . هذه المرة الأمر مختلف تماما فمن عظم المأساة وكثرة الآهات وعمق الجراح عجزت عن تحمل الكمد والأسى وأنين الروح. حاولت جاهدة أن أحيا ان اعيش ان اتقمص أبطال قصتي ففشلت فهم كثر !
أأحيا قصة العروس التي أجّل زفافها مرات عده مرة بسبب الحصار، وأخرى بسبب الحرب، وبعدها استشهاد العريس، وأخيرا وليس آخرا لحاقها به ليتموا مراسم الزفاف هناك في أعلى سماء. أم قصة الأم الحامل التي لم تستطع أن تنقذ نفسها ومن حولها من أطفالها فأبى ذلك المقاوم في أحشائها إلا الصمود، ليثأر لأمه وأخوته. وذلك المسعف الذي كان منهمكا في تطبيب جراح المصابين ولم يستطع أحد أن يطبب جراحه عند رؤيته لأفراد أسرته مضرجين بدمائهم، وأجسادهم الساكنة التي تبحث عن مأوى أخير. أم ذلك المنادي على أمه سيدة الجنة بصوته الخجول "يما وينك؟!" سامحيني يا حبيبتي.. سامحيني يا من انبسطت الجنة تحت أقدامك وبارك الله أعمالك.. سامحيني فلم أكن معك. وتلك السيدة التي استغلت توقف القصف لتهرب من بيتها إلى مكان آمن أو هكذا ظنت لتستهدفها رصاصات الغدر من كل صوب.
ما زلت أذكر ملامح ذلك الرجل الهائم الباحث عن أطفاله وزوجته الذي أبى أن يذرف الدموع وهو يناشد العالم... يناشد الإنسانية المفقودة، والعشيرة الخائنة أن تحرك ساكنا لوقف المجازر. لم يسمح للحزن أن يصرخ أو يستجدي بالعبرات حتى لا يفسح المجال لأي ضعيف نفس وخلق أن يقول أو حتى يظن أنهم ضعفاء. موقف اجلال واكبار للأم التي زفت ابنتها وأحفادها للسماء محتسبة إياهم أحياء عند ربهم يرزقون... صامدة بأنفة وعزه تقول: "إبنتي ليست أغلى علي من زوجها الذي يحمل روحه على كتفه ويقاوم المحتل" يدرك كل يوم أنه كتب له عمر جديد ليقدم المزيد لغزة العزة وللأحرار من شعبه... لم تبكها، بل قدمتها وأحفادها هدية لرحمة الله! وأخيرا وليس آخرا مشهد يستنزف كل مشاعر الحزن والأسى من أي شخص يدعي أنه إنسان... طفل لا يريد أن يسلم بموت أمه.. يحضن رأسها الشريف المسجى بغطاء العفة، المزين بقطرات الورد الأحمر ... يطلب منها بخجل أن لا تتركه وحيدا بعد ذهاب جميع أفراد عائلته... يهمس في أذنها ويرجوها أن تصحو وروحها تطوف فوق رأسه معتذرة راجية الصمود !
لم يبق حجر على حجر في غزة. لم تسلم دور عبادة، ولا مساكن، ولا مستشفيات، ولا حتى مدارس من قنابل الغدر. لم يسلم كهل أو إمرأة أو طفل... إنها إبادة عن سبق إصرار لأي جيل غزي جديد. يعتقد العدو بغبائه أن القتل هو الحل الوحيد للتخلص من هؤلاء المقاومين المرابطين! لم يدركوا بعد بأن غزه تلد كل يوم عشرات المقاومين. أشعر بالفخر، وبالخجل. بالفخر لأنني أنتمي لملة الشهداء والمقاومين هناك جعلني الله ومن أحب منهم. وبالخجل لدمائي العربية التي تلوث بعضها بقذارة الخيانة والحقد. أعمى الشيطان أبصارهم وبصيرتهم حتى باتوا يقتلون إخوتهم بدافع لا أستطيع أن اسميه سوى النذالة!
يا من أغلقوا عليكم حدود الأرض حتى ترضخوا فألهمكم الباري بشق ما تحت الارض لتصمدوا وتقاتلوا. يا من حاصروكم من البحر لتجوعوا و تفنوا فأهداكم الله سمكاً راقصاً فرحاً بالقدوم إليكم. يا من غزا سماءكم فحاربته أرواح شهدائكم، وحاصرته من كل صوب حتى فر كالفئران النتنه. لستم بحاجة لأحد فالله معكم، بل نحن من نحتاج إليكم لنتعلم الكثير من دروس الشرف والمقاومة والزهد في الحياة. نرفع القبعة احتراماً واجلالاً وخجلاً لأرواح من رحلوا، ومن صمدوا وما زالوا يذودون عن أرضهم وعرضهم رافعين الصوت ملء حناجرنا "إرفع رأسك عاليا.. أنت غزي"!
أأحيا قصة العروس التي أجّل زفافها مرات عده مرة بسبب الحصار، وأخرى بسبب الحرب، وبعدها استشهاد العريس، وأخيرا وليس آخرا لحاقها به ليتموا مراسم الزفاف هناك في أعلى سماء. أم قصة الأم الحامل التي لم تستطع أن تنقذ نفسها ومن حولها من أطفالها فأبى ذلك المقاوم في أحشائها إلا الصمود، ليثأر لأمه وأخوته. وذلك المسعف الذي كان منهمكا في تطبيب جراح المصابين ولم يستطع أحد أن يطبب جراحه عند رؤيته لأفراد أسرته مضرجين بدمائهم، وأجسادهم الساكنة التي تبحث عن مأوى أخير. أم ذلك المنادي على أمه سيدة الجنة بصوته الخجول "يما وينك؟!" سامحيني يا حبيبتي.. سامحيني يا من انبسطت الجنة تحت أقدامك وبارك الله أعمالك.. سامحيني فلم أكن معك. وتلك السيدة التي استغلت توقف القصف لتهرب من بيتها إلى مكان آمن أو هكذا ظنت لتستهدفها رصاصات الغدر من كل صوب.
ما زلت أذكر ملامح ذلك الرجل الهائم الباحث عن أطفاله وزوجته الذي أبى أن يذرف الدموع وهو يناشد العالم... يناشد الإنسانية المفقودة، والعشيرة الخائنة أن تحرك ساكنا لوقف المجازر. لم يسمح للحزن أن يصرخ أو يستجدي بالعبرات حتى لا يفسح المجال لأي ضعيف نفس وخلق أن يقول أو حتى يظن أنهم ضعفاء. موقف اجلال واكبار للأم التي زفت ابنتها وأحفادها للسماء محتسبة إياهم أحياء عند ربهم يرزقون... صامدة بأنفة وعزه تقول: "إبنتي ليست أغلى علي من زوجها الذي يحمل روحه على كتفه ويقاوم المحتل" يدرك كل يوم أنه كتب له عمر جديد ليقدم المزيد لغزة العزة وللأحرار من شعبه... لم تبكها، بل قدمتها وأحفادها هدية لرحمة الله! وأخيرا وليس آخرا مشهد يستنزف كل مشاعر الحزن والأسى من أي شخص يدعي أنه إنسان... طفل لا يريد أن يسلم بموت أمه.. يحضن رأسها الشريف المسجى بغطاء العفة، المزين بقطرات الورد الأحمر ... يطلب منها بخجل أن لا تتركه وحيدا بعد ذهاب جميع أفراد عائلته... يهمس في أذنها ويرجوها أن تصحو وروحها تطوف فوق رأسه معتذرة راجية الصمود !
لم يبق حجر على حجر في غزة. لم تسلم دور عبادة، ولا مساكن، ولا مستشفيات، ولا حتى مدارس من قنابل الغدر. لم يسلم كهل أو إمرأة أو طفل... إنها إبادة عن سبق إصرار لأي جيل غزي جديد. يعتقد العدو بغبائه أن القتل هو الحل الوحيد للتخلص من هؤلاء المقاومين المرابطين! لم يدركوا بعد بأن غزه تلد كل يوم عشرات المقاومين. أشعر بالفخر، وبالخجل. بالفخر لأنني أنتمي لملة الشهداء والمقاومين هناك جعلني الله ومن أحب منهم. وبالخجل لدمائي العربية التي تلوث بعضها بقذارة الخيانة والحقد. أعمى الشيطان أبصارهم وبصيرتهم حتى باتوا يقتلون إخوتهم بدافع لا أستطيع أن اسميه سوى النذالة!
يا من أغلقوا عليكم حدود الأرض حتى ترضخوا فألهمكم الباري بشق ما تحت الارض لتصمدوا وتقاتلوا. يا من حاصروكم من البحر لتجوعوا و تفنوا فأهداكم الله سمكاً راقصاً فرحاً بالقدوم إليكم. يا من غزا سماءكم فحاربته أرواح شهدائكم، وحاصرته من كل صوب حتى فر كالفئران النتنه. لستم بحاجة لأحد فالله معكم، بل نحن من نحتاج إليكم لنتعلم الكثير من دروس الشرف والمقاومة والزهد في الحياة. نرفع القبعة احتراماً واجلالاً وخجلاً لأرواح من رحلوا، ومن صمدوا وما زالوا يذودون عن أرضهم وعرضهم رافعين الصوت ملء حناجرنا "إرفع رأسك عاليا.. أنت غزي"!