jo24_banner
jo24_banner

من واقع المأساة السوريه

ديما الكردي
جو 24 :

كان له ثلاث حرائر وزوجة قرروا جميعاً الفرار من ويلات الحرب التي بدت عصية على الحسم. حزموا أمتعتهم وشدوا الرحال الى الأردن بحثا عن ملاذ لطالما وفره لكل ملهوف.

وصلوا الحدود وقلوبهم تخفق بشدة فالرهبة والخوف من رؤية الضباط السوريين دائماً في محلها لأنك لا تدري ماذا يكن لك ذلك الخبيث وراء بزته العسكرية. توقفوا عند ضابط نقطة التفتيش.. استلم جوازات سفرهم ثم ألقى نظرة داخل الحافلة التي كانت تقل عدة عائلات.

التفت إلى والد البنات وقال له: "الى أين العزم؟"


أجابه الرجل: "إلى عمان فأنت تعرف يا سيدي أن الأوضاع باتت سيئه للغاية.

رد الضابط: "وستأخذ البنات الثلاث معك وتتمتع بهن وحدك؟!"

بدأ العرق يتصبب من الشيخ قبل أن يقول للضابط بصوت مرتعش: "هؤلاء بناتي!"

قال الضابط: لا لا لا .. لن تأخذهن جميعاً.. ستترك واحدة".

وقعت كلماته كالزلزال في آذان الركاب وحضن كلٌ أطفاله، أما صاحبنا فقد كان مصعوقاً بما سمع، وقال: "أرجوك سيدي.. أرجوك.. أقبل حذاءك.. أستحلفك بالله أن تدعنا وشأننا". نزل من المركبة وجثى على الأرض يقبل حذاء الضابط باكيا كطفل صغير ولكن دون جدوى. نزلت الأم وبدأت هي الأخرى تقبل حذاء الضابط المسعور تستعطفه ترك العائلة وشأنها. ظل الضابط ينظر إليهما باستعلاء وبسمة الذئب ترتسم على وجهه الملعون. انكمشت الفتيات على بعضهن وبدأن بالبكاء والرجاء، ولكن الضابط ظل يطالعهن بشهوة حيوان ليختار إحداهن.

بينما أجهش جميع من في الحافلة بالبكاء أمر الضابط إحدى الفتيات بالترجل. صرخت وقالت: "أرجوك.. دعني وشأني". صرخ في وجهها، وشدها رغماً عنها. نزلت إلى الأرض وقبّلت حذاءه ورجته أن يرحمها، ولكن كيف لمن لا يعرف الرحيم أن يرحم؟! كيف لمن لا يعرف الرحمن أن يرحم؟! أمر والديها بالانصراف، وأمر السائق بالتحرك. انهار الوالدان، وتحت تهديد السلاح تحركوا وصراخ ابنتهم يمزق آذانهم.. قلوبهم تعتصر ألماً وحزنا والصدمة تلجم ألسنتهم. أهؤلاء من يصفهم إعلام بلادهم بحماة الديار؟! لا.. لستم أبناء سوريا! لستم من بني البشر!

وصلوا الحدود الأردنيه في حالة انهيار.. لم يستطيعوا استيعاب ما حدث.. أصابتهم حالة هستيرية! كيف تركوا فلذة كبدهم خلفهم ؟كيف؟! كيف سيعيشون عقدة التخلي عنها؟ كيف وهم يعرفون مصيرها؟!!


إنها واحدة من قصص المآسي التي ألمت بالسوريين.. هذا الشعب المحافظ الذي كان الشرف هو السلاح الأول الذي حورب فيه ويبدو أنه لن يكون الأخير! كم من "وا معتصماه" يجب أن تطلق حتى يتحرك الضمير العربي النائم؟!

رب وا معتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم صادفت أسماعهم لكنها لم تجد نخوة المعتصم

سامحونا أهل الشام فقد ماتت المروءة! ماتت النخوة والشهامة!

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير