2024-03-19 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

التعديل "البرلماني"

جميل النمري
جو 24 : اشتعلت المواقع الإخبارية، أمس، بأنباء التعديل الوزاري. وبعضها توقع إعلانه خلال ساعات! وسنقول وجهة نظرنا في كل الأحوال، حتى لو كانت متأخرة. وألخصها بعبارة واحدة، وهي أن التعديل في سياق التوجه نحو الحكومات البرلمانية يجب أن يسبقه تشاور نيابي.
أعرف أن وجهة النظر هذه لا تحظى بكثير من التأييد، ولا يقتنع بها حتى نواب يسارعون بعد حصول التعديل إلى انتقاد رئيس الوزراء بشدّة لتجاهلهم. وهو ما حصل في السابق؛ حين استنكف نواب عن طلب التشاور في أسماء الوزراء بطريقة كتلوية مؤسسية، ثم هاجموا الرئيس بشدّة واتهموه بأنه ضحك على النواب بالوعود، ثم أدار الظهر لهم.
والحقيقة أن الرئيس وعد بالفعل، في مناقشات الثقة، بتعديل موسع بعد الثقة، يحقق مبدأ الحكومة البرلمانية، لكن ذلك لم يحصل. والحجة، مجددا، هي حال الكتل، والخشية عليها من التشظي. والكتل بالفعل لم تجرب طرح الأمر بجدية، واقتراح آلية مؤسسية للتشاور وطرح الأسماء. ولعل ما أراده البعض من فكرة الحكومة البرلمانية هو أن يتم استمزاجهم شخصيا بالمشاركة، أو تزكية من يريدون.
الحكومة البرلمانية لا تعني، بالضرورة، مشاركة النواب في الحكومة، بل مشاركتهم في تداول الخيارات والتفاهم عليها. والرئيس ظل يكرر تأييده الحار للحكومة البرلمانية، لكنه لم يحاول أن يمتحن بالتطبيق هذه الفرصة. والتعديل الجديد من دون مشاورة برلمانية، سيضر بمصداقية الرئيس، ويعطي لخصومه مبررا قويا لهجمة جديدة، قد تجد صدى أوسع بين متذمرين جدد زاد عددهم رغم تجاوز امتحان الموازنة العامة، ونجاح الرئيس في استقطاب الرأي العام بصبره وتحمله اللامحدود للتجريح والهجومات الشخصية القاسية.
قد يكون صحيحا أن وضع الكتل لا يتيح تفاوضا مؤسسيا حول الأسماء؛ من داخل المجلس أو خارجه. لكن ليس للرئيس أن يدير الظهر سلفا للتشاور بهذه الحجّة. وحتى الساعة، ليس هناك اتفاق نيابي حول المسؤولية عما جرى في السابق؛ هل أن مجلس النواب فشل في تطبيق مشروع الحكومة البرلمانية، أم أن الرئيس تنكر للمشروع؟! أنا أقول كشاهد عيان، إن الطرفين استنكفا عن المشروع؛ لا الكتل النيابية طلبت بجد أن تلتقي الرئيس وتتشاور معه حول الأسماء، ولا الرئيس عرض ذلك.
هناك رأي سائد بأنه يستحيل تطبيق مفهوم الحكومة البرلمانية من دون أحزاب. وهو شبيه بالرأي الذي يقول باستحالة تطبيق نظام التمثيل النسبي الانتخابي من دون أحزاب. وبوجهة النظر هذه، بقينا عقدين ننتظر معجزة ظهور الأحزاب، من دون جدوى؛ بينما من وجهة نظري، أن التغيير في النظام الانتخابي وفي آلية تشكيل الحكومات، هو ما سيساعد على التحول في الساحة السياسية، وظهور أحزاب برلمانية. وقد لا يتم هذا بضربة واحدة، لكنه سيفتح المجرى للتحول. وبالعكس؛ فبقاء النظام الانتخابي القديم والآلية القديمة لتشكيل الحكومات، سيبقي الحالة الحزبية محجوزة. ولا يمكن امتحان صحة الفرضيات من دون تجريب. ونحن شبعنا من النظام القديم، وأشبعناه نقدا، ولن نخسر بتجريب الآليات الجديدة.
أعود بذلك إلى التعديل الوزاري، لأقول إنه ليس خطأ لو تجرأ الرئيس على التجريب بدل اللجوء إلى الطريقة التقليدية؛ فهو وعد بذلك أولا؛ كما سيظهر إخلاصا للمشروع لو امتحن فرصة التعديل "البرلماني" باللقاء مع الكتل، حتى لو لم يصل الأمر إلى التفاهم على الأسماء. إذ هو سيخبر النواب بنيته إجراء تعديل (يجب أن يكون موسعا وذا مغزى)، وسوف يسألهم عن الوزارات التي يعتقدون أنها بحاجة إلى تعديل، ويستمع إذا كان لدى البعض مقترحات محددة بشأن هذه الحقيبة أو تلك.
تابعو الأردن 24 على google news