الانتخابات ونهاية مشروع الإصلاح السياسي
كنت قد توصلت إلى نتيجة ما يزال يتوجب تمحيصها أن قضية اإلصالح السياسي في الأردن قد استهلكت، ولم يعد في الجعبة ما نقدمه بشأنها، ما يستوجب التفكير بمقاربة مختلفة للتقدم بالمجتمع والدولة !
منظومة قوانين الإصلاح السياسي التي اعتمدت تجاوبا مع الربيع العربي وتم إنجازها وتطبيقها بالفعل لم تغير شيئا في الواقع. والأوراق الملكية النقاشية رسمت خريطة طريق للوصوال الى ذروة سنام المشروع وهو الحكومة البرلمانية، وكما نعلم فهذه الفكرة فشلت أيضا وتم التخلي عنها في الوقت الحالي.
كان هناك انتقادات مختلفة لتلك القوانين من القوى السياسية، وشخصيا كان لي رأي وطرحت بدائل في تفاصيل كل واحد منها وآخرها قانون الإنتخاب، لكن لو تطابقت القوانين حرفيا مع ما كنت أريد انا أو غيري فيبدو أننا كنا سنحصد نفس النتائج.
لعل التغيير في القوانين تأخر كثيرا حتى وصل الخراب الى العظم في ثقافة المجتمع وأخلاقه ولم يعد العلاج بالقوانين مجديا. لكن هناك وجهة نظر قديمة تقول إن القوانين بحد ذاتها لا تصنع التغيير السياسي الاجتماعي، فلن يصنع قانون الأحزاب الأحزاب البرلمانية الكبرى المنشودة، ولا قانون الانتخابات انتخابات متطورة سياسية وبرامجية، فهذه قضية تاريخية تتصل بتطور المجتمع وثقافته.
واقع الحال ان الانتخابات النيابية الأخيرة شهدت نفس المظاهر القديمة اضافة الى تفاقم دور المال وشراء الناخبين واعطتنا نفس المخرجات، وبتلك المخرجات تم تنحية هدف الحكومة البرلمانية الذي بدأنا به مطلع البرلمان السابع عشر.يجب الإقرار بهذه الحقيقة - أي وصول مشروع الإصلاح السياسي الى لا شيء لنستنتج وجوب توجيه الأشرعة باتجاه لرياح أخرى أكثرواقعية وانتاجية لتحقيق التقدم بالدولة والمجتمع.
أعيد التأكيد أن هذا استنتاج قيد التمحيص ومناسبة طرحه الآن الحديث هو إنتخابات الجامعة الأردنية الأخيرة التي جرت بعد انقطاع 3 سنوات بموجب نظام انتخابي جديد متطور هو نظام القوائم النسبية الى جانب ترتيبات لضمان حرية ونزاهة وشفافية الانتخابات. لكن االمشهد الانتخابي كان أكثر تقدما بإتجاه الجهوية والعشائرية وظهرت اليافطات التي تستنخي عصبية الشباب على هذه الخلفية، ورغم توجيه عمداء الكليات إلزالة تلك اليافطات فهذا لم يغير شيئا في طبيعة المنافسة التي قامت على الانحيازات القبلية والجهوية في ظل الفراغ السياسي المعروف في الساحة الطلابية.
إن القانون المتقدم الذي ثمنا كثيرا جرأة أصحاب الشأن على الأخذ به لم يحل مشكلة الفراغ السياسي والتخلف بل تم تطويعه لخدمة نفس اسلوب المنافسة بل وبصورة اقوى وأفعل من اي وقت سابق، فقد تم استخدام قوائم التمثيل النسبي لعمل تحالفات جهوية وعشائرية في مواجهة تحالفات مماثلة ( طبعا بإستثناء التيار الإسلامي الذي حصد نتائج هزيلة على كل حال).
إذا كان الشباب يمثلون نظريا الحالة الأكثر تقدما في المجتمع والتي تدل على اتجاهات المستقبل وهم يتواجدون في بيئة يفترض انها الأكثر تقدما، أي الجامعات، فخذ فكرتك عن الإصلاح السياسي والاجتماعي الذي تحقق أو قيد التحقيق حتى الآن !