الحكومة خرقت كل السقوف
فاجأتنا الحكومة برفع جديد لأسعار المحروقات، خرقت به كل السقوف.
وما تزال الحكومة تدعي أنها تدعم سعر المحروقات، وأنها مضطرة إلى تقليص الدعم بفعل عجز الموازنة. ويوشك الدعم للبنزين، بعد الرفع الأخير، أن يصبح صفرا وفق ما قال وزير الطاقة صباح أمس في اتصال على الهواء مع الزميل هاني البدري. وواقع الحال أن سعر البنزين عندنا أعلى من دول مثل لبنان لا تملك النفط ولا تدعم المحروقات (سعر تنكة البنزين أوكتان 95 هناك بلغت بعد آخر رفع قبل أيام 17 دينارا، مقابل عشرين دينارا عندنا). ويزيد السعر عندنا عن بلد مثل الولايات المتحدة بنسبة الثلث تقريبا، وهناك الأسعار حرة تماما، وتخضع للعرض والطلب. لكن الوزير ردّ على ملاحظتي قائلا إن لكل بلد وضعا خاصا، وأن الأسعار في المغرب، مثلا، أعلى، وأن إجمالي الضرائب والرسوم على البنزين عندنا تصل إلى 40 %. أي إن اختلاف الأمر هو في الرسوم والضرائب التي تفرض على المحروقات.
وإننا نتساءل لو أن الأسعار عندنا حرة تماما؛ تخضع للمنافسة ولا يوجد احتكار، ويحق للشركات استيراد وبيع المشتقات النفطية مباشرة في السوق، وتتقاضى الحكومة فقط ضريبة المبيعات المقررة بنسبة 16 %، فماذا سيكون عليه وضع الأسعار؟!
استراتيجية الطاقة كانت تفترض حصول ذلك منذ العام 2010، لكن تم تعطيل الخطة مع ظهور مشروع توسعة وتحديث المصفاة، حيث كان شرط الممولين استمرار الاحتكار عشر سنوات أخرى. إلا أن الاتفاق كان مع شركة وهمية وراءها خالد شاهين، مع روائح فساد تفوح منه؛ فطار المشروع وبقي الاحتكار الذي سيستمر بانتظار مشروع آخر للتوسعة العتيدة!
نرجح أن المشتقات النفطية تشكل مصدر دخل عال يتجاوز ضريبة المبيعات، كما هو حال السجائر والمشروبات الروحية. وترفع الحكومة الأسعار مع صعود أسعار النفط لتحافظ على دخلها من هذا القطاع. وفي كل الأحوال، فإن الشفافية تغيب تماما، وتقدم الحكومة حسبة غامضة لا يمكن التوثق منها ومقارنتها إلا إذا حررت سوق النفط، وسمح للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية وبيعها بصورة حرة.
وعلى كل حال، فالمواطن لا تعنيه حساباتنا المعقدة، بل حقيقة أن قدرته على التحمل وصلت الخطوط الحمراء. ولا يخفف من وطأة الأمر استخدام وسائل الإعلام الرسمية لتعبير "التعديل" بدل الرفع! وموجة ارتفاع الأسعار ستجتاح، مثل تسونامي، كل شيء، ابتداء بالنقل. وتحلف الحكومة أنها لا تحب رفع الأسعار، لكنها مضطرة لذلك. ونحن بالطبع لا نوافقها الرأي، ونقول بل هناك بديل في السياسات والبرامج والأشخاص. وهنا نصل إلى لب القضية، وهو: هل من حق الشعب أن يضع البديل في مواقع القرار؟! رئيس الحكومة وكل دوائر القرار تقول.. كلا! وهل الصوت الواحد و"الانتخابات بمن حضر" تعني غير ذلك؟!
(الغد)