مشروع الحكومة للانتخاب: الأصعب لم يأت بعد!
ماجد توبة
الثابت أن مراهنة العديد من القوى على إمكانية إدخال تعديلات جوهرية على مشروع القانون في غرفتي التشريع، هي ما يفرمل اندفاع هذه القوى، تحديدا المصنفة ضمن المعارضة والحراكات الشعبية والإسلاميين، في رفض المشروع نهائيا. وما يزال الباب مفتوحا لتطويرات وتوافقات وتعديلات على النظام الانتخابي والقانون في محطة النواب، حيث يتوقع أن ينتهى منه في دورة استثنائية قادمة.
وبخلاف ما كان يأمل رئيس الوزراء عون الخصاونة وحكومته، من اعتماد نظام انتخابي أقرب إلى نظام 1989، مع تطعيمه بقائمة مغلقة على مستوى الوطن، جاء مشروع القانون أقرب إلى رؤية مراكز قرار أخرى في الدولة، بحسب سياسيين مطلعين؛ إذ تقلصت حصة الناخب من ثلاثة أصوات على مستوى الدائرة/ المحافظة إلى صوتين، فيما ذهب الصوت الثالث إلى القائمة النسبية.
كما تقلصت حصة القائمة النسبية على مستوى الوطن من 20–30 مقعدا، إلى 15 مقعدا فقط، بخلاف وجهة نظر الحكومة الأولية، حسب سيناريوهات مسربة سابقا، رغم أن الباب سيبقى مفتوحا أمام النواب والحكومة لرفع حصة القائمة الوطنية إلى 20 مقعداً.
المفاجئ الأكبر في مشروع القانون كان اعتماد ما سمي "المقعد التعويضي"، الذي سيخصص للواء يصبح جزءا من دائرة انتخابية أوسع، بدون أن يتمكن أبناؤه من الحصول على مقعد. هذا المبدأ سيترك عدد مقاعد النواب مفتوحا على الزيادة، ويبدو أنه جاء لمراعاة أبعاد اجتماعية وعشائرية، وحقوق مكتسبة لبعض الألوية والمناطق.
وحسب التوقعات الحكومية، فإن "المقعد التعويضي" قد يرفع عدد أعضاء مجلس النواب من 138 إلى 145 مقعدا، أو أكثر بقليل.
أما في موضوع القائمة النسبية أو الحزبية، على مستوى الوطن، فتبدو حصتها (15 مقعدا) متواضعة، نسبة إلى طموح ورؤى العديد من القوى الحزبية والسياسية، التي ترنو إلى تجاوز حقيقي لتركة قانون الصوت الواحد والدوائر الوهمية، وسلسلة طويلة من التجاوزات والتزوير، المباشر وغير المباشر، في محطات الانتخابات النيابية الماضية، والتي شوهت الحياة السياسية عميقا، بضرب الحياة النيابية والحزبية.
قد تبدو العقبة الرئيسة أمام تمرير "آمن" لقانون الانتخاب الجديد، وتحقيقه لتوافق وطني في الحد الأدنى المقبول الذي يثمر مشاركة واسعة في الانتخابات المقبلة، هي أن مشروع القانون، الذي يعد حجر الرحى لمعادلة الإصلاح السياسي، "سُلق" في الأسبوعين الأخيرين، بعد أن بدا واضحا أن تنازعا حادا للصلاحيات أخذ مداه في أروقة صناعة القرار، لوضع البصمة النهائية على مشروع القانون.
ومع ذلك، فثمة متسع من وقت وفرصة لتحقيق توافق وطني بالحد الأدنى على القانون والنظام، بعد أن تلتقط مجسات الحكومة والدولة ردود الفعل والآراء المختلفة تجاه القانون، في الطريق إلى الدورة الاستثنائية للنواب. فيما قد لا يقل أهمية عن التوافق على قانون الانتخاب الحرص على تبريد الجبهات "الداخلية" مع القوى السياسية والحراكات، وتهيئة الأجواء المحلية والسياسية لتحقيق هذه التوافقات، بعيدا عن التشنجات والاستفزازات، وسياسات التأزيم والتحشيد!