في بيتنا حكومة جديدة!
سننهمك، في الإعلام والصالونات السياسية وبعض النخب، خلال الأيام القليلة المقبلة، بمتابعة اتصالات ومشاورات رئيس الوزراء المكلف، القديم الجديد، د. عبدالله النسور، لتشكيل حكومته الجديدة، والتي يتوقع منا أن نصفها بأول حكومة برلمانية في عهد الربيع الأردني. وسنجتر مجددا حملة التكهنات والتوقعات والترشيحات بشأن أسماء أصحاب المعالي الجدد، فيما يغيب في "المعمعان"، وكالعادة، برنامج الحكومة للمرحلة المقبلة.
بات تشكيل الحكومات وتغييرها، وسط دورة حياة سريعة وقصيرة، أشبه بالمسلسلات المكسيكية الطويلة التي لا تنتهي، والتي تبهرك بجمال بطلاتها وأبطالها، كما مناظر الطبيعة الخلابة فيها، بعيدا عن الجوهر والمضمون، والحبكة الدرامية!
ما علينا! المهم اليوم أن لدينا حكومة جديدة، حتى لو كان رئيسها وجها قديما، بل وربما عادت معه أغلبية من وزراء الحكومة الراحلة. وهي مناسبة للحديث والكتابة والتحليل على مدى أسبوع أو أسبوعين، حتى تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام الملك.
ثم تأتي مرحلة ماراثون نقاشات الثقة النيابية بالحكومة. و"يا خوفي" أن نضطر إلى الاستماع لـ150 كلمة وخطابا للنواب "الجدد أيضا"، في أولى معارك الثقة النيابية التي يواجهونها. ورغم أن غالبية النواب منضوون في ست كتل نيابية، ويفترض أن تعبر كل كتلة عن نفسها ورؤيتها في قصة الثقة بالحكومة بكلمة جامعة واحدة، إلا أن ذلك أمر مستبعد، ما سنكون معه مضطرين إلى الاستماع لسيل هادر من الخطابات، و"الطخ" على المرحلة السابقة واللاحقة، لكن النسور وحكومته الجديدة سـ"يفوزان بالإبل" والثقة النيابية، والله أعلم!
النسور الذي خبر معارك الشارع واحتجاجاته الصاخبة، عندما أقدم على رفع أسعار المحروقات عشية الانتخابات النيابية الأخيرة، "يوم الرفعة الكبيرة"، سيكون على موعد -وهو يستمع لسيل من الانتقادات والاتهامات والمطالبات النيابية له ولحكومته الجديدة تحت قبة البرلمان ضمن نقاشات الثقة- مع عودة سلسلة واسعة من الاحتجاجات والتحركات المطلبية والوظيفية لشرائح متنوعة من موظفي القطاع العام، في موجة احتجاجات بدأت تطل برأسها بوضوح منذ أسابيع قليلة، وليس سهلا الاستجابة لمطالبها في ظل الأوضاع المالية المتردية للموازنة العامة.
الرئيس النسور ووزراؤه الجدد، سيسمعون من على مقاعدهم أمام منبر النواب تحت القبة خلال جلسات الثقة، صدى احتجاجات عمال وموظفين متظلمين في وزارات المياه والري والزراعة والبلديات والأشغال العامة والصحة، كما أمانة عمان والعديد من المؤسسات العامة. والآلاف من هؤلاء يطالبون بالتثبيت والتحول للمقطوع، ومثلهم يطالبون بمكافآت وعلاوات مهنية وبدل عمل إضافي، وآخرون بزيادات وتحسين الرواتب التي ضربتها زيادات أسعار المحروقات الأخيرة، ويتوقع لها المزيد من الانحدار مع الرفع المرتقب لأسعار الكهرباء في حزيران (يونيو) المقبل!
أما خلف الكواليس في البرلمان، وفي فترات الاستراحة من إلقاء كلمات النواب "الصاخبة"، فسينشغل النسور في عقد صفقات و"استرضاءات" مع هذه الكتلة النيابية وتلك، ومع هذا المفتاح النيابي وذاك، وسيضطر إلى استحداث كوتا "استرضاء" نيابية في حكومته العتيدة الثانية، سواء عبر التوزير المباشر لنواب، أو توزير محسوبين على نواب وكتل نيابية من خارج المجلس.
في خضم كل ذلك، مطلوب من النسور وحكومته "طويلة العمر"، التقدم للبرلمان والشعب ببرنامج متكامل للسنوات الأربع المقبلة، هي عمر مجلس النواب، هذا طبعا إن أمد الله في عمر الاثنين!
ويا مرحبا بالحكومة الجديدة.