نتائج "التوجيهي" والسؤال المفتوح
ماجد توبة
جو 24 : نضم صوتنا إلى حملة "ذبحتونا" التي طالبت أمس وزارة التربية والتعليم بتقديم تفسير منطقي وعلمي للارتفاع الكبير واللافت لمعدلات الطلبة في امتحان الثانوية العامة "التوجيهي" في دورته الأخيرة، وتحديدا فيما يتعلق بمعدلات ما فوق الـ90 %؛ رغم أنني قد اختلف مع الحملة بشأن بعض التلميحات والاستنتاجات في تفسيرها لهذه القضية.
ارتفاع المعدلات وأعداد الطلبة المبرزين و"الشاطرين كثير" في الدورة الأخيرة من "التوجيهي"، يثير الفضول والجدل على أقل تقدير؛ فيما يثير لدى آخرين، خاصة من بعض أصحاب الاختصاص والاهتمام المهني، التساؤل والاستغراب الجديين، ويفتح لديهم على أسئلة وقراءات عديدة، ليس هنا مكان نقاشها.
بحسب الأرقام المعلنة لنتائج "التوجيهي"، فإن ظاهرة الارتفاع الكبير تبرز بوضوح أكثر في الفرع العلمي؛ إذ ارتفع عدد الطلبة الحاصلين على معدل 95 % فما فوق إلى 3003 طالب وطالبة، مقارنة بـ 1042 في العام 2010. كما ارتفع عدد الحاصلين على 90 % فأكثر في ذات الفرع إلى 7966 طالباً وطالبة، فيما لم يتجاوز العدد العام 2010 الـ4176. أما عدد الحاصلين على معدل 80 % فما فوق للفرع العلمي، فبلغ أخيراً 15970 طالبا وطالبة، في وقت لم يتجاوز العدد في العام 2010 الـ11578.
وزير التربية والتعليم، جمعة الوحش، رفض في تصريحات لـ"الغد"، نشرت أمس، ما اعتبره "انطباعا مغلوطا" عن ارتفاع معدلات النجاح والناجحين في مناطق ومدن محددة، كانت شهدت عمليات غش واسعة خلال الامتحان. واستند الوزير في تفنيده لهذا "الانطباع" إلى أن أغلب الحاصلين على معدلات عالية يتركزون في العاصمة عمان، وبين طلبة المدارس الخاصة.
قد يبدو تبرير الوزير الوحش منطقيا في هذه الجزئية، لكنه أغفل أن النتائج والمؤشرات الإحصائية للمعدلات، والتي أعلنتها الوزارة، جاءت على مستوى المملكة؛ بدون تفصيل وتصنيف حسب المحافظات والمناطق، ما ترك الباب واسعا لنشر أنباء غير رسمية، وتخمينات و"تسريبات" تؤيد ما يذهب إليه المشككون بتأثير عمليات الغش الواسعة على النتائج بصورة فاقعة.
ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي، والتعليقات على أخبار المواقع الإخبارية الإلكترونية، هذه الأيام، تستوقفه "إعلانات" وتعليقات لمواطنين يشيرون فيها إلى أن هذه العشيرة أو تلك حصد عدد كبير نسبيا من أبنائها، يصل لدى بعضها إلى العشرات، معدلات فوق التسعين. هذا فضلا عن أحاديث، غير مؤكدة أيضا، تتعلق بثلاث مدارس في إحدى المحافظات، بل في مركزها، حصد العشرات من طلبتها "تسعينات" كثيرة! الأمر الذي يشير، لدى المشككين طبعا، إلى أن ذلك قد يعكس نتائج اتساع عمليات الغش في بعض المناطق!
ورغم الحاجة الماسة إلى تقديم تفسيرات منطقية وعلمية للتزايد الإحصائي الفاقع لمعدلات "التوجيهي" لهذا العام، والذي قد يكون طبيعيا، إلا أن الراهن اليوم هو أن الأهم من تحليل النتائج وتفسيرها هو الاعتراف بكل شفافية ومسؤولية بأن الغش قد مورس بشكل فاضح وجماعي في العديد من المناطق، مشكّلا تحديا خطيرا لسلامة الامتحان الأهم أردنيا، من جهة، ولهيبة الدولة والقانون ودولة المؤسسات، من جهة أخرى!
فحتى لو جاءت نتائج الامتحان ومعدلات الطلبة لهذا العام ضمن المعدل الطبيعي، وفي السياق المعتاد، فإن ذلك لا يقلل من أهمية وخطورة استباحة هيبتي التوجيهي والقانون في العامين الماضيين، تحديدا في بعض المناطق؛ وضرب هذه الظاهرة لما هو أبعد من قصة علامة، ونجاح أو رسوب في امتحان!
التحدي اليوم هو استعادة الدولة لحرمة وهيبة التوجيهي والقانون، وعدم التهاون أو التواطؤ بشأنهما.
(الغد)
ارتفاع المعدلات وأعداد الطلبة المبرزين و"الشاطرين كثير" في الدورة الأخيرة من "التوجيهي"، يثير الفضول والجدل على أقل تقدير؛ فيما يثير لدى آخرين، خاصة من بعض أصحاب الاختصاص والاهتمام المهني، التساؤل والاستغراب الجديين، ويفتح لديهم على أسئلة وقراءات عديدة، ليس هنا مكان نقاشها.
بحسب الأرقام المعلنة لنتائج "التوجيهي"، فإن ظاهرة الارتفاع الكبير تبرز بوضوح أكثر في الفرع العلمي؛ إذ ارتفع عدد الطلبة الحاصلين على معدل 95 % فما فوق إلى 3003 طالب وطالبة، مقارنة بـ 1042 في العام 2010. كما ارتفع عدد الحاصلين على 90 % فأكثر في ذات الفرع إلى 7966 طالباً وطالبة، فيما لم يتجاوز العدد العام 2010 الـ4176. أما عدد الحاصلين على معدل 80 % فما فوق للفرع العلمي، فبلغ أخيراً 15970 طالبا وطالبة، في وقت لم يتجاوز العدد في العام 2010 الـ11578.
وزير التربية والتعليم، جمعة الوحش، رفض في تصريحات لـ"الغد"، نشرت أمس، ما اعتبره "انطباعا مغلوطا" عن ارتفاع معدلات النجاح والناجحين في مناطق ومدن محددة، كانت شهدت عمليات غش واسعة خلال الامتحان. واستند الوزير في تفنيده لهذا "الانطباع" إلى أن أغلب الحاصلين على معدلات عالية يتركزون في العاصمة عمان، وبين طلبة المدارس الخاصة.
قد يبدو تبرير الوزير الوحش منطقيا في هذه الجزئية، لكنه أغفل أن النتائج والمؤشرات الإحصائية للمعدلات، والتي أعلنتها الوزارة، جاءت على مستوى المملكة؛ بدون تفصيل وتصنيف حسب المحافظات والمناطق، ما ترك الباب واسعا لنشر أنباء غير رسمية، وتخمينات و"تسريبات" تؤيد ما يذهب إليه المشككون بتأثير عمليات الغش الواسعة على النتائج بصورة فاقعة.
ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي، والتعليقات على أخبار المواقع الإخبارية الإلكترونية، هذه الأيام، تستوقفه "إعلانات" وتعليقات لمواطنين يشيرون فيها إلى أن هذه العشيرة أو تلك حصد عدد كبير نسبيا من أبنائها، يصل لدى بعضها إلى العشرات، معدلات فوق التسعين. هذا فضلا عن أحاديث، غير مؤكدة أيضا، تتعلق بثلاث مدارس في إحدى المحافظات، بل في مركزها، حصد العشرات من طلبتها "تسعينات" كثيرة! الأمر الذي يشير، لدى المشككين طبعا، إلى أن ذلك قد يعكس نتائج اتساع عمليات الغش في بعض المناطق!
ورغم الحاجة الماسة إلى تقديم تفسيرات منطقية وعلمية للتزايد الإحصائي الفاقع لمعدلات "التوجيهي" لهذا العام، والذي قد يكون طبيعيا، إلا أن الراهن اليوم هو أن الأهم من تحليل النتائج وتفسيرها هو الاعتراف بكل شفافية ومسؤولية بأن الغش قد مورس بشكل فاضح وجماعي في العديد من المناطق، مشكّلا تحديا خطيرا لسلامة الامتحان الأهم أردنيا، من جهة، ولهيبة الدولة والقانون ودولة المؤسسات، من جهة أخرى!
فحتى لو جاءت نتائج الامتحان ومعدلات الطلبة لهذا العام ضمن المعدل الطبيعي، وفي السياق المعتاد، فإن ذلك لا يقلل من أهمية وخطورة استباحة هيبتي التوجيهي والقانون في العامين الماضيين، تحديدا في بعض المناطق؛ وضرب هذه الظاهرة لما هو أبعد من قصة علامة، ونجاح أو رسوب في امتحان!
التحدي اليوم هو استعادة الدولة لحرمة وهيبة التوجيهي والقانون، وعدم التهاون أو التواطؤ بشأنهما.
(الغد)