بعد أن يمر هذا اليوم على خير
جميل النمري
جو 24 : لا نملك إلا الرجاء أن يمر هذا اليوم على خير. ومن وجهة نظري، فلم يكن هناك، موضوعيا، ما يدعو إلى القلق من مسيرة الإخوان لولا الإعلان عن مسيرة أخرى معاكسة، مع أجواء التحدي والتحريض والتحشيد والتهديد المستمرة، ما رفع مستوى التوتر إلى الحد الأقصى، مع أن مسيرة هذه الجمعة الإخوانية يمكن أن تمر كغيرها.
ثم ماذا لو حشد الإخوان خمسين ألفا؟! في التسعينيات كانوا يحشدون الخمسينيات بطرفة عين. والرقم ليس مهولا لتظاهرة وطنية. ويفترض بأي حزب سياسي -لو كان لدينا أحزاب "محرزة"- أن يحشد مثل هذا الرقم بالنسبة لبلد من ستة ملايين نسمة.
وإذ ليس بيد حزب سياسي مقابل الإخوان حشد مثل هذا الرقم، على شكوكنا بقدرتهم على حشده، فقد تولت "الموالاة" حشد أضعاف الرقم (تحدثوا عن ثلاثمائة ألف مشارك، وهذا بالفعل رقم هائل)! لكن ماذا يعني أن "الموالاة" تستطيع ذلك بدون جميع الأحزاب الموالية؟ ومن هي "الموالاة" على وجه الدقة، لكي تستطيع حشد هذا الرقم؟ من المفهوم ضمنا أن "الدولة" هي التي تستطيع رمي ثقلها كله لحشد هذا الرقم، لكن لماذا تدخل الدولة في مبارزة تحشيدية مع الإخوان في نفس الساعة والميدان، وفي ظل أجواء متوترة وموتورة تنذر بما لا تحمد عقباه، خصوصا وأن البلطجية متوفرون وينتظرون هكذا مناسبات، والأخطر أن يكون هناك مندسون ومبعوثون من جهات خارجية لديها مخططات شريرة بحق البلد، وتجد فرصة مثالية في هذه الحالة لتدفيعنا الثمن؟!
بعد أن هالنا ما نقل على لسان مدير الأمن العام من نيته سحب أو التهديد بسحب الأمن العام من المنطقة، طمأنتنا تأكيداته اللاحقة على حضور الأمن ومسؤوليته التي لا يتخلى عنها. وسعدنا كثيرا بطلبه أو مناشدته لـ"الموالاة" بتغيير مكان وزمان تظاهرتهم. وهو طلب محق وعادل، لأن الإخوان هم من أعلن أولا عن مشروع التجمع في ساحة النخيل، وسلوك "الموالاة" بدا كأنه ملاحقة وتحرش بطرف سياسي بدون وجه حق. وإذا ما كان الهدف سياسيا بإظهار أن الرأي الآخر مقابل الإخوان هو أكبر وأكثر تمثيلا للشعب، فما المانع من القيام بتظاهرة كبرى وبالموازاة في مكان آخر؟
ومع تقديرنا أن رقم ثلاثمائة ألف هو أيضاً رقم مبالغ فيه جداً (فلم يخرج مثل هذا العدد في تاريخ الأردن إلا لاستقبال جلالة المرحوم الحسين بعد عودته من مرضته الأولى)، فإن الحشد لتظاهرة أيا كان اتجاهها هو أمر مشروع ما دام سلميا، ولا يضمر أي نوايا عنيفة أو عدوانية تجاه أي طرف آخر.
نكتب فيما آخر الأخبار تقول إن هناك خلافا حول القيام بالمظاهرة وسط "الموالاة"، مع احتمالات غض النظر عنها أو تأجيلها. ولكننا مع ذلك لا نطمئن إلى الموقف، ويكفي أن يركب بضع عشرات رأسهم لتقع أحداث عنف قد تخرج عن السيطرة في مكان كهذا، ويكفي وجود مشبوه يطلق النار خلسة من مكان ما ليحدث ما لا تحمد عقباه. وبهذا الصدد، أود أن أقترح على الإخوان لو أنهم يعكسون مسار مسيرتهم مباشرة باتجاه راس العين، حيث الساحات الواسعة والمكشوفة لأمانة عمان، ويمكن أن يتمتعوا بحماية أمنية أفضل.
المهم أن تمر هذه الجمعة على خير، ثم نستأنف الحوار السياسي حول المستقبل.
jamil.nimri@alghad.jo
(الغد)
ثم ماذا لو حشد الإخوان خمسين ألفا؟! في التسعينيات كانوا يحشدون الخمسينيات بطرفة عين. والرقم ليس مهولا لتظاهرة وطنية. ويفترض بأي حزب سياسي -لو كان لدينا أحزاب "محرزة"- أن يحشد مثل هذا الرقم بالنسبة لبلد من ستة ملايين نسمة.
وإذ ليس بيد حزب سياسي مقابل الإخوان حشد مثل هذا الرقم، على شكوكنا بقدرتهم على حشده، فقد تولت "الموالاة" حشد أضعاف الرقم (تحدثوا عن ثلاثمائة ألف مشارك، وهذا بالفعل رقم هائل)! لكن ماذا يعني أن "الموالاة" تستطيع ذلك بدون جميع الأحزاب الموالية؟ ومن هي "الموالاة" على وجه الدقة، لكي تستطيع حشد هذا الرقم؟ من المفهوم ضمنا أن "الدولة" هي التي تستطيع رمي ثقلها كله لحشد هذا الرقم، لكن لماذا تدخل الدولة في مبارزة تحشيدية مع الإخوان في نفس الساعة والميدان، وفي ظل أجواء متوترة وموتورة تنذر بما لا تحمد عقباه، خصوصا وأن البلطجية متوفرون وينتظرون هكذا مناسبات، والأخطر أن يكون هناك مندسون ومبعوثون من جهات خارجية لديها مخططات شريرة بحق البلد، وتجد فرصة مثالية في هذه الحالة لتدفيعنا الثمن؟!
بعد أن هالنا ما نقل على لسان مدير الأمن العام من نيته سحب أو التهديد بسحب الأمن العام من المنطقة، طمأنتنا تأكيداته اللاحقة على حضور الأمن ومسؤوليته التي لا يتخلى عنها. وسعدنا كثيرا بطلبه أو مناشدته لـ"الموالاة" بتغيير مكان وزمان تظاهرتهم. وهو طلب محق وعادل، لأن الإخوان هم من أعلن أولا عن مشروع التجمع في ساحة النخيل، وسلوك "الموالاة" بدا كأنه ملاحقة وتحرش بطرف سياسي بدون وجه حق. وإذا ما كان الهدف سياسيا بإظهار أن الرأي الآخر مقابل الإخوان هو أكبر وأكثر تمثيلا للشعب، فما المانع من القيام بتظاهرة كبرى وبالموازاة في مكان آخر؟
ومع تقديرنا أن رقم ثلاثمائة ألف هو أيضاً رقم مبالغ فيه جداً (فلم يخرج مثل هذا العدد في تاريخ الأردن إلا لاستقبال جلالة المرحوم الحسين بعد عودته من مرضته الأولى)، فإن الحشد لتظاهرة أيا كان اتجاهها هو أمر مشروع ما دام سلميا، ولا يضمر أي نوايا عنيفة أو عدوانية تجاه أي طرف آخر.
نكتب فيما آخر الأخبار تقول إن هناك خلافا حول القيام بالمظاهرة وسط "الموالاة"، مع احتمالات غض النظر عنها أو تأجيلها. ولكننا مع ذلك لا نطمئن إلى الموقف، ويكفي أن يركب بضع عشرات رأسهم لتقع أحداث عنف قد تخرج عن السيطرة في مكان كهذا، ويكفي وجود مشبوه يطلق النار خلسة من مكان ما ليحدث ما لا تحمد عقباه. وبهذا الصدد، أود أن أقترح على الإخوان لو أنهم يعكسون مسار مسيرتهم مباشرة باتجاه راس العين، حيث الساحات الواسعة والمكشوفة لأمانة عمان، ويمكن أن يتمتعوا بحماية أمنية أفضل.
المهم أن تمر هذه الجمعة على خير، ثم نستأنف الحوار السياسي حول المستقبل.
jamil.nimri@alghad.jo
(الغد)