jo24_banner
jo24_banner

ماذا بعد حل مجلس النواب؟

عمر ابو رصاع
جو 24 :

تذهلني حالة الهوس التي يعيشها بعض الكتاب والساسة، وتخصصهم وانشغالهم الغريب في اختلاق طرق وسيناريوهات لتمكين الملك من الالتفاف على قراره بحل المجلس النيابي لتمرير قانون انتخابي بديل قد يفضي لمشاركة الاخوان المسلمين والحراك الشعبي.


ويطيلون الطرح والنقاش حول التصورات الممكنة، كتمكين البرلمان السابق من العودة أو اعلان حالة الطوارئ، لتمرير قانون انتخابي جديد، وأنا فقط أريد أن افهم هل اعلن الملك لهم ما لم يعلنه لنا؟ كأن يقول بأنه تورط بحل المجلس ويحتاج الآن إلى مخرج ليمرر به القانون الجديد؟!

الملك كان واضحاً تماماً، وحل المجلس يوم الخميس قبيل فعالية الجمعة مسألة لا تحتاج إلى توضيح، فهو يقول لمن يقاطعون الانتخابات أنها ستجري وفق القانون الحالي، وأنه يحل المجلس حتى يغلق الباب نهائياً على أي امكانية للتراجع، الملك هنا واضح تماماً واختار، وطلب منا أن نختار كذلك إما ان نشارك وفق هذا الترتيب وإما فلنبقى في الشارع.

منذ بداية الحراك الشعبي وأنا اعارض بشدة طريقة تفكير عجيبة غريبة تهيمن على ساستنا بشكل عام، وهي انهم يحاولون أن يجدوا حلولاً ومخارج للملك ويفكرون نيابة عنه ويختارون له، فيما الأولى أن يختاروا لانفسهم، مشروعنا الوطني واضح ويتمحور بشكل اساسي حول "استرداد الشعب لدولته سلطة وموارداً" أما أين يكون الملك من هذا المشروع؟ فمسألة تخص الملك، هو من يحدد لنفسه أين تماماً يريد الوقوف من هذا المشروع، أما شاغلنا الوطني فينبغي أن يتكرس بوضوح حول نقطة المركز في المشروع وهي: كيف ننفذ مشروعنا؟

ولست أدري كذلك من الذي ستتعمق ازمته وتهتز شرعيته أكثر، القوى التي اختارت المقاطعة ورفضت المسرحية الانتخابية الهزيلة والتي لا تضمن أن يكون الشعب مصدراً حقيقياً للسلطات، أم النظام الذاهب لانتخابات فاقدة للشرعية من حيث المبدأ لأنها لا تستند إلى حالة من التوافق الوطني حولها؟!

النظام اليوم سيدفع بأكثر من ألف مرشح محسوب بالضرورة على القوى التقليدية واغلبها سيدفعه التمثيل العشائري ووجاهة المنصب وتحقيق المكاسب والمصالح، وهي القوى التي يظن النظام أنها محسوبة عليه فيما هي محسوبة على مصالحها وحساباتها التي لا تتعارض صراحة مع النظام واستبداده بل تسعى لاشباعها وتحقيقفها من خلاله، هؤلاء سينفقون الملايين وسيجيشون مئات الآلاف من الأصوات، وسيعملون بكل جهد لرفع نسبة التصويت، لكن يبقى السؤال هنا عن هؤلاء بالذات الذين سيخسر معظمهم بالضرورة الانتخابات، وهم يعتقدون بأن النظام هو من دفعهم إليها وجعلهم يخسرون ما سيخسروه من أموال، ترى أين سيكون هؤلاء عشية تلك الانتخابات؟ وماذا سيكون موقفهم؟

النظام السياسي الذي يذهب لانتخابات ليس عليها توافق وطني حتى وإن كانت نزيهة، سيكون هو الخاسر الأكبر فيها ومن رصيد شرعيته، خصوصاً وأن الانتخابات عادة تراد لتكون الوسيلة المثالية لحسم النزاع والخلاف بين طرفي معادلة أو أكثر، ذلك هو جوهر اللعبة الديمقراطية، ولكن عندما تتحول الانتخابات وسيلة نظام مستبد لاضفاء الشرعية على نفسه فإنها تصبح وبالاً عليه هو، لأنه يصنع من خلالها معركة بين القوى التي استجابة لطريقته في التجييش أو قبلت أن تحسب عليه، وهو الخاسر الأكبر ببساطة لأنه لن يتمكن من ارضاء تلك القوى التي حشدها من أجل تلك الانتخابات، وكلما كان حشده أكبر كلما كانت خسارته أكبر، لأنه سيوسع دائرة المتضررين وسيجعل تلك القوى المحسوبة عليه تقليدياً تنفصل عن مداره لتنحاز باتجاه مركز القوة المعارضة.

الذين اختاروا الشارع كانت وستبقى خياراتهم مشرعة على كل الاحتمالات، وليس لهم أن يستعجلوا النتائج أو ترجمة المكاسب الشعبية التي حققوها، فالمعركة مع النظام واستبداده لازالت في بدايتها، وهم يربحون المزيد مع كل مفصل من مفاصل المعركة، ولا يقبل منهم الآن أن يشتركوا في العملية الانتخابية وهم يعون جيداً أن ذلك ضرب من اضفاء الشرعية على عملية غير شرعية من الأساس، ومنطق أن الاخوان والحراك يستجيبون للعنف والضغط والابتزاز السياسي لا يجوز أن يجد له نطاقاً للفعالية هنا، بل يجب أن يتحول كل فعل في ذلك الاتجاه إلى عبء جديد يضاف إلى كاهل النظام، وإلى قوى جديدة تنخرط في حراك الشارع لتمكنه مع الوقت من أن يربح معركته بشكل حاسم ونهائي بحيث يسترد الشعب دولته سلطة وموارداً. 

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير