العقاد بدون مناسبة
ابراهيم العجلوني
جو 24 : كان يختلف الى صالون العقاد الادبي اساتذة كبار مثل الدكتور عثمان الامين
صاحب كتاب: «ديكارت» وكتاب «رواد المدرسة المثالية» والدكتور زكي نجيب
محمود صاحب كتابي: «جنة العبيط» و»المنطق الوضعي» والدكتورة سهير القلماوي,
والكاتب الصحفي انيس منصور وغير هؤلاء كثير من طلبة العلم واساتذته, ومن
المهتمين بالفكر والفلسفة من عرب ومصريين. وكان قد انعقد له لواء الفكر في
مصر والعالم العربي نصف قرن أو اكثر, باعتراف خصومه قبل محبيه. وكان يعيش,
على الرغم من ارستقراطيته الفكرية, عيشة فقيرة, معتصماً بكرامته وكبريائه
المعرفي, ولكنه كان في غنى من نفسه الكبيرة وفي وفرة من سجاياها. ولم يؤثر
عنه انه استخذى لظالم أو لعالم حتى توفاه الله عن اكثر من مئة كتاب هي مورد
اصحاب المطالب العالية في الفكر والفلسفة والادب, رحمه الله رحمة واسعة
تكون كفاء ما قدم فأوفى لأمته ولبلاده.
لقد خاض العقاد معترك السياسة والفكر, وعرف الحياة حلوها ومرها وكانت له التجارب الطوال فلم يكن بمعزل عن الواقع الذي كان مستراداً لعقله الفذ. ولكنه كان «قارئاً» في اول صفاته وتجلياته. كان يقرأ ثماني ساعات من يومه الى أن ضعف بصره. وكانت تأتيه ملازم الكتب الجديدة في الموضوعات التي تهمه قبل ان تصل الى المكتبات, وكان غزير المعارف في تراث العرب والمسلمين. وإن مما جاء في محاضره له عن الامام الغزالي انه ظل يقرأ للغزالي وعنه اكثر من ثلاثين عاما, توطئة لتأليف كتاب عنه. ولكن الله سبحانه قضى بأن يغادر العقاد الدنيا قبل انجاز هذا الكتاب.
وبقدر ما عكف العقاد على التراث العربي الاسلامي فقد كانت له جولات مقتدرة في الفكر الغربي قديمه وحديثه, وكان من اوائل من دحض المادية الديالكتيكية, بمنطق وعلم وقوة عارضة, ناهيك به مقارعاً للصهيونية ومن يأخذ بناصرها من القوى الاستعمارية.
ولقد كان للعقاد خصوم كبار في الادب والنقد مثل مصطفى صادق الرافعي وطه حسين ومحمد مندور, ولكن هؤلاء جميعاً كانوا يقدرونه حق قدره ويقرون له بالسبق, وكان له خصوم في السياسة لا يقلون اعترافاً بألمعيته عن السابقين. ولما قررت الدولة المصرية منحه الجائزة التقديرية في الاداب, كان مما قاله انه يحمد الله على أن هيّأ الاسباب لاعتراف الدول بالكتّاب الذين يمثلون وعي الامة ووجدانها. فلا منة لأحد, اذن, سوى ما تحققه الشعوب لروادها من مكانة وتقدير.
ولا ادري ان كان ثمة مناسبة نستذكر العقاد بها, ولكن المؤكد لدينا أن سوانح ذكراه لا تنقطع لدينا, وانه الغائب الحاضر في وجداننا, رحمه الله. الرأي
لقد خاض العقاد معترك السياسة والفكر, وعرف الحياة حلوها ومرها وكانت له التجارب الطوال فلم يكن بمعزل عن الواقع الذي كان مستراداً لعقله الفذ. ولكنه كان «قارئاً» في اول صفاته وتجلياته. كان يقرأ ثماني ساعات من يومه الى أن ضعف بصره. وكانت تأتيه ملازم الكتب الجديدة في الموضوعات التي تهمه قبل ان تصل الى المكتبات, وكان غزير المعارف في تراث العرب والمسلمين. وإن مما جاء في محاضره له عن الامام الغزالي انه ظل يقرأ للغزالي وعنه اكثر من ثلاثين عاما, توطئة لتأليف كتاب عنه. ولكن الله سبحانه قضى بأن يغادر العقاد الدنيا قبل انجاز هذا الكتاب.
وبقدر ما عكف العقاد على التراث العربي الاسلامي فقد كانت له جولات مقتدرة في الفكر الغربي قديمه وحديثه, وكان من اوائل من دحض المادية الديالكتيكية, بمنطق وعلم وقوة عارضة, ناهيك به مقارعاً للصهيونية ومن يأخذ بناصرها من القوى الاستعمارية.
ولقد كان للعقاد خصوم كبار في الادب والنقد مثل مصطفى صادق الرافعي وطه حسين ومحمد مندور, ولكن هؤلاء جميعاً كانوا يقدرونه حق قدره ويقرون له بالسبق, وكان له خصوم في السياسة لا يقلون اعترافاً بألمعيته عن السابقين. ولما قررت الدولة المصرية منحه الجائزة التقديرية في الاداب, كان مما قاله انه يحمد الله على أن هيّأ الاسباب لاعتراف الدول بالكتّاب الذين يمثلون وعي الامة ووجدانها. فلا منة لأحد, اذن, سوى ما تحققه الشعوب لروادها من مكانة وتقدير.
ولا ادري ان كان ثمة مناسبة نستذكر العقاد بها, ولكن المؤكد لدينا أن سوانح ذكراه لا تنقطع لدينا, وانه الغائب الحاضر في وجداننا, رحمه الله. الرأي