سامر حيدر المجالي اذكروا هذا الاسم
ما أن بدأت قراءة كتاب الاستاذ سامر حيدر المجالي: «شياطين في حضرة الموت» حتى وجدتني امام قامة فكرية سيكون لها شأن في حياة الفكر والادب في بلدنا الاردن وفي الوطن العربي بوجه عام.
اننا هنا امام كتابة مختلفة عن هذا السائد الذي ينتظمه ايقاع متثائب استنامت اليه العقول وذائقه ورخوة لا قوام لها.
نحن امام عقل مستوفز تجاه معطيات العلم والفلسفة, ذي همة تريد لتحيط بمتباعد الافاق, وأن تخلص من ذلك الى حكمة ممهورة بتوقيع صاحبها. وإن مجرد نظرة (ولو طائرة) الى الكتب او المؤلفين الذين يتلبث عندهم الاستاذ سامر حيدر المجالي (واذكروا هذا الاسم جيدا) قليلاً او كثيراً امثال الجاحظ والغزالي وابن رشد ومونتسكيو وابن عربي واينشتاين وفرويد والشيخ الشعراوي وولتر ستيس وباشلار وهيزنبرغ, وكثير غيرهم, ليظهرنا على تراحب رؤية الكاتب وعلى انه مشمّر عن ساعد الجد في ابتنائها.
ولقد اشار الدكتور حسن المبيضين في تقديمه للكتاب الى الاسلوب الادبي الممتع لمؤلفه. وانا استذكر هنا الدكتور زكي نجيب محمود الذي قال فيه عباس محمود العقاد إنه فيلسوف الادباء واديب الفلاسفة, واقول ان كاتبنا ليس اقل شغفاً بعلوم العصر وفلسفاته (ولا سيما العلمية) من الفيلسوف المصري الكبير, وإن ما يظهرنا عليه كتابه من ترسل مُونِقٍ ومن تماسك منطقي، وما يتراءى فيه من قوة الهاجس المعرفي ومن لطائف التفكّر الذكي.. كل اولئك كفيل إن توافرت له الاسباب بتحقيق ما نرجوه له من مكانة فكريةٍ–هو كفؤ لها بكل مقياس–في الاردن والعالم العربي.
وإذا كان المقامُ لا يسمح بالوقوف المليّ ازاء هذا الكتاب القيم للاستاذ سامر المجالي (وهو مجموع من مقالات منجّمة كتبت خلال عام ونيّف) وكان ايفاؤه حقّه يتطلب قراءة طويلة نجاذبه الرأي فيها على مهل في كثير من اطاريحه، فإن مما نجتزئ به هنا القول بان هذا الكتاب الذي يقع في باب التصوف العلمي او العلم المتصوف او الفلسفة الكونية او ما قارب ذلك كله وجرى فيه اشواطاً هو إيذان مؤكد بميلاد فيلسوف اردني يحق لنا الاحتفاء به على نحو ما كان يحتفي اسلافنا العظام بنوابغ الشعراء.
تحيةً للاستاذ سامر حيدر المجالي.
وعسى الله ان يمتّعه بالصفاءِ، وبما نتوقّعه منه في قادمات الايام من موفور العطاء.