jo24_banner
jo24_banner

الخروج من الضباب ووضع القدم في الركاب

جميل النمري
جو 24 : لا أجد وصفا للانتخابات النيابية الأخيرة غير أنها مضطربة. فقد كانت نزيهة ودقيقة، لكن كالعادة، ثارت احتجاجات، ودارت ادعاءات لا يمكن التيقن منها. وأضفت نتائج القوائم الوطنية مزيدا من البلبلة. فانتخابات القوائم فوق أنها جديدة، فقد أجريت وفق نظام وآلية طالما حذرنا منهما (وسأفرد لهذا التجربة العجيبة حديثا خاصا)؛ فخلقت اضطرابا إضافيا شديدا، بدل أن تسهم في تحسين المشهد الانتخابي، وفتحت الباب لاتهامات بالتلاعب. وكان يمكن للمرشحين المحليين السيطرة والتيقن من سلامة العملية من خلال مندوبيهم على الصناديق، وأنا تيقنت من ذلك فعلا، لكن من أين للقوائم مندوبين في كل صناديق الأردن؟!
لقد انشغلت باحتفال الفوز، ثم باستقبال المهنئين لثلاثة أيام في الحصن، عن استطلاع المشهد الكلي. وجاءت فاجعتنا بالصديق والرفيق والزميل الحبيب والمرشح للانتخابات سامي الزبيدي، مع زوجته وأطفاله، والذين انسحقوا مع سيارتهم بالكامل تحت شاحنة، لتجعل من كل شيء في هذه الحياة الدنيا بلا معنى.
وقد كانت الحملة الانتخابية غريبة بعض الشيء؛ فقد ذهبت إليها بمشاعر من عدم الرضى والسخط على نظام انتخابي قديم معيق للتطوير (الصوت الواحد والدوائر الضيقة)، وفوجئت فوق ذلك بحملة ضارية للإساءة لي، ربما كانت مدعومة من خارج الدائرة الانتخابية، تستهدف بالذات تهشيم صورتي المعروفة والموثوقة كنائب يمثل قيم النظافة والنزاهة والاستقامة.
لكن الآن نضع كل شيء خلفنا، ونبدأ بما بين أيدينا، وهو مجلس نيابي من 150 شخصا، ما يقرب من ثلثيهم من النواب الجدد، ومعظمهم بلا خبرة سياسية، مع أنني أتلقى معلومات مشجعة عن عدد منهم. وأتخيل أي جهد هائل يجب أن نقوم به، ولا نستطيع إلا أن نطمح إلى أن يضطلع هذا المجلس بالمهمة العتيدة لإصلاح الدولة وتطوير المجتمع. وينتابني القلق كيف يمكن أن يبدأ المجلس مباشرة بالمهمة الفريدة الجديدة، وهي تطبيق مبدأ الحكومات البرلمانية المنتخبة. ولهذه الغاية، قد يكون من الأفضل تأجيل الأمر لأسابيع كافية حتى يستقر المجلس، وتتبلور الكتل، ويتغير النظام الداخلي بما يلائم الدور الجديد.
الأقطاب التقليديون سيحاولون العودة إلى اللعبة القديمة والحلقة المفرغة التي تديم التخلف، وتساهم في شد البلاد إلى الوراء. وسيبدأون على الفور بزج المجلس في استقطابات معركة الرئاسة وانتخابات المكتب الدائم واللجان، وهي عملية يجب أن تجري، مع الأسف، قبل أن يبدأ المجلس أي عمل له. وقد كنا حاولنا إنجاز عملية إصلاح النظام الداخلي من المجلس السابق، لكن تم بإصرار إعاقة محاولتنا، حتى رحل المجلس بدونها. فنبدأ الآن بدون أن تتغير قواعد اللعبة بالنسبة لتشكيل المكتب الدائم واللجان وبدون آليات عمل حديثة تمكن المجلس من تفعيل دوره والارتقاء بأدائه. وإنني لأرجو الله أن نجد عددا كافيا، أو حتى غالبا من النواب لديهم الإرادة والعزيمة لتجنب المستنقع القديم.
يمكن لهذا المجلس أن يتيه في الضباب، فيصبح عمره قصيرا لا يتجاوز دورته الأولى بسبب سخط الأردنيين ومطالبتهم بالخلاص منه، أو أن يضع القدم في الركاب وينطلق ببرنامج إصلاحي شامل يديمه لأربع سنوات.الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير