فوضى حواس واضطراب امعاء
ابراهيم العجلوني
جو 24 : حين ينوء الوعي بالمعطى المعرفي. حين لا يملك لدركه الموازين. حين تمتلئ به الافواه دون البصائر. حين تحتقن الذوات بما لا تملك له صرفاً ولا تحويلاً, حين تضيق الذاكرة بما تراكم من صور وانفعالات فيها..
الذي لا ريب فيه أن هذه كلها شروط كافية للثرثرة, ولكنها تعجز عن أن تقيم بنياناً ادبياً أو أن تقدم فناً معتبراً, أو أن تقترب من معنى الفلسفة او النقد أو أي ابداع على أي نحو كان..
إنها امعاء تضطرب بما حوت ثم يكون لها ما يكون من ضرورات ولا شأن للابداع الفكري أو الادبي بذلك, لأن الابداع لا يكون الا خياراً قصدياً مستكمل الادوات. ولا يكون الا باعادة بناء المعطيات في انساق, وعلى بصيرة, وذلك ما لا نجده اليوم في معظم ما نقرأ. إذ هو لا يخرج عن ثنائية الامتلاء والتفريغ, أو من ميكانيكية الداخل والخارج, وكم هي الشقة بعيدة بين ذلك وبين حقيقة الادب أو الفن أو الفلسفة وهيهات لما يوعدون..
إن من حق صاحب الوعي القاصر والذائقة المضطربة المريضة أن يمارس وجده الخاص خلف جدران ذاته بحيث يأمن الآخرون ما يكون من عقابيل ازمته و»مخرجات» حالته.
هذا امر متعلق به دون غيره, وهو حر في اتيانه على النحو الذي يرضيه, أما أن يخرج علينا بصفة كونه شاعراً أو ناقداً أو فيلسوفاً أو فناناً, فذلك لا نحمله منه الا على محمل خداع الذات والاخرين, أو على محمل استغفال الذوق العام, أو على محمل استغلال واقع التخلف. وكل ذلك مما ينبغي كشفه والتنديد به وتشديد النكير عليه, لا أن نسمح له بالتسلل الى حياتنا الثقافية ليزيدها فساداً على فساد كما لا يخفى على اذكياء العباد.
وتعالوا نتخيل – وكم للخيال من فوائد – أن فينا اكاديميين من نوع عبدالرحمن بدوي وشوقي ضيف, وكتاباً من نوع الرافعي ومحمود محمد شاكر وطه حسين والعقاد, ومحرري مجلات مثل الزيات صاحب الرسالة او اسماعيل مظهر صاحب العصور أو شعراء مثل احمد شوقي وعلي محمود طه ومحمود حسن اسماعيل وعمر ابو ريشة واضرابهم.
تعالوا نتخيل هؤلاء بيننا, يقرأون مجلاتنا وصحفنا ويشاهدون ندواتنا التلفزيونية, ويحضرون مؤتمراتنا.. ثم تخيلوا ما سيكون من تقييمهم لما نحن فيه, وأي أسى اسيان سيعصر قلوبهم, وأي أسف اسيف سينتهون إليه..
إن ثمة بوناً بعيداً بين البلاغة والفهاهة. بين العقل والجنون. بين الذائقة الصناع ذات المعايير وبين ما يتخبط به, الضعفة والمزورون.
وكم ذا نعيش من المضحكات
ولكنه ضحك كالبكاء. (الرأي)
الذي لا ريب فيه أن هذه كلها شروط كافية للثرثرة, ولكنها تعجز عن أن تقيم بنياناً ادبياً أو أن تقدم فناً معتبراً, أو أن تقترب من معنى الفلسفة او النقد أو أي ابداع على أي نحو كان..
إنها امعاء تضطرب بما حوت ثم يكون لها ما يكون من ضرورات ولا شأن للابداع الفكري أو الادبي بذلك, لأن الابداع لا يكون الا خياراً قصدياً مستكمل الادوات. ولا يكون الا باعادة بناء المعطيات في انساق, وعلى بصيرة, وذلك ما لا نجده اليوم في معظم ما نقرأ. إذ هو لا يخرج عن ثنائية الامتلاء والتفريغ, أو من ميكانيكية الداخل والخارج, وكم هي الشقة بعيدة بين ذلك وبين حقيقة الادب أو الفن أو الفلسفة وهيهات لما يوعدون..
إن من حق صاحب الوعي القاصر والذائقة المضطربة المريضة أن يمارس وجده الخاص خلف جدران ذاته بحيث يأمن الآخرون ما يكون من عقابيل ازمته و»مخرجات» حالته.
هذا امر متعلق به دون غيره, وهو حر في اتيانه على النحو الذي يرضيه, أما أن يخرج علينا بصفة كونه شاعراً أو ناقداً أو فيلسوفاً أو فناناً, فذلك لا نحمله منه الا على محمل خداع الذات والاخرين, أو على محمل استغفال الذوق العام, أو على محمل استغلال واقع التخلف. وكل ذلك مما ينبغي كشفه والتنديد به وتشديد النكير عليه, لا أن نسمح له بالتسلل الى حياتنا الثقافية ليزيدها فساداً على فساد كما لا يخفى على اذكياء العباد.
وتعالوا نتخيل – وكم للخيال من فوائد – أن فينا اكاديميين من نوع عبدالرحمن بدوي وشوقي ضيف, وكتاباً من نوع الرافعي ومحمود محمد شاكر وطه حسين والعقاد, ومحرري مجلات مثل الزيات صاحب الرسالة او اسماعيل مظهر صاحب العصور أو شعراء مثل احمد شوقي وعلي محمود طه ومحمود حسن اسماعيل وعمر ابو ريشة واضرابهم.
تعالوا نتخيل هؤلاء بيننا, يقرأون مجلاتنا وصحفنا ويشاهدون ندواتنا التلفزيونية, ويحضرون مؤتمراتنا.. ثم تخيلوا ما سيكون من تقييمهم لما نحن فيه, وأي أسى اسيان سيعصر قلوبهم, وأي أسف اسيف سينتهون إليه..
إن ثمة بوناً بعيداً بين البلاغة والفهاهة. بين العقل والجنون. بين الذائقة الصناع ذات المعايير وبين ما يتخبط به, الضعفة والمزورون.
وكم ذا نعيش من المضحكات
ولكنه ضحك كالبكاء. (الرأي)