"توزير" النواب .. الشعب في "جيب الحكومة"!
نشأت الحلبي
جو 24 :
أتذكر أيام حكومة عبدالكريم الكياريتي، أن الحكومة كانت نيابية بإمتياز، وإذا لم تخني الذاكرة، فقد كانت تلك حكومة موسعة وتضم نحو 30 وزيرا أو يزيد، وفي إحدى جلسات مجلس النواب التي حضرتها، طرح قرار حكومي للتصويت بعد مناقشته من قبل المجلس، وكانت المناقشات حادة والهجوم النيابي على القرار لافت لدرجة أن أحدا من المراقبين والصحفيين من على الشرفة لم يتوقع مروره، لكن، وما أن طرح القرار على التصويت، حتى مر بسهولة غير متوقعة، كيف لا و"فتحة عداد" الحكومة تفوق الثلاثين صوتا وهم "النواب الوزراء" في مجلس عدد مقاعده حينها كان ثمانون مقعدا فقط!!
ما جعلني أسرد هذه القصة المحاولات التي تجري الآن لإعادة إنتاج فكرة "توزير النواب"، وهي الفكرة التي كانت تختصر بوصف أن الحكومة وضعت مجلس النواب بجيبها، فكيف يمكن لوزير أن يعارض، أو حتى ينتقد قرارا لحكومته !!
الترويج للفكرة الآن يأتي على أرضية أنها خطوة على طريق الإصلاح السياسي، وهنا أقول أن نائبا قد يساعد في تمرير قرار حكومي بحجم قانون ضريبة الدخل مثلا مقابل تعبيد "طريق" في منطقته الانتخابية، فهل يمكن هذا أن يكون "طريقا" للإصلاح السياسي في بلادنا؟!
في استطلاع سريع على صفحتي الشخصية على "الفيسبوك"، سألت الأصدقاء عن هذه الخطوة واذا ما كانت خطوة حقيقية للإصلاح السياسي أو مفسدة سياسية، وفي استعراض للإجابات تمنيت أن يناقش أحدهم الفكرة، لكنهم، وعلى فورهم، إنبروا للتأكيد على أنها "مفسدة" ولن تكون في صالح الوطن.
وددت أن أقول هنا أن الوطن لم يعد يحتمل أية أفكار إعتباطية وغير مدروسة وتزيد من معاناتنا، بل نحتاج إلى قرارات تأتي من صميم هذه المعاناة وتنطلق من وعي الناس وتلامس أفكارهم وأحلامهم بواقع ومستقبل أفضل.
Nashat2000@hotmail.com