حلول تحت "الحراب" .. والرسالة الأمريكية : نحن هنا !
نشأت الحلبي
جو 24 :
لا يمكن قراءة ما يجري في منطقتنا الآن بسطحية، بل يبدو أن في العمق أكثر بكثير مما يتداوله ابن الشارع العربي والمحصور فقط بما بات يعرف بصفقة القرن، بل من الواضح أن الرئيس الأميركي وفريق إدارته يذهبون إلى أبعد من ذلك أيضا، وأنهم بصدد إعادة ترتيب كل أوراق المنطقة وتنفيذ ما طبخ من بنود وأواويات في البيت الأبيض بشأن الشرق الأوسط برمته.
ويبدو الإصرار الأميركي بالذهاب بعيدا في الحلول مع إرسال ذلك الجيش الجرار إلى المنطقة بذريعة إيران التي انتهت، أي الذريعة، بإعلان دونالد ترامب عدم نية أميركا تغيير نظام طهران، وزاد الرجل على هذا بالقول إن إيران يمكن أن تصبح قوة عظمى بوجود النظام السياسي الحالي .. وهنا يطرح السؤال : هل ستكون الحلول إذن تحت "الحراب"؟!
هذا أمر لم يعد مستبعد بكل الأحوال، ولعل الرسالة الأمريكية هنا تكون أوسع اذا ما ألقينا نظرة على الإقليم واستنتجنا أن الحرب السورية كادت أن تضع أوزارها، وأن اللاعب الروسي أعتقد أنه صاحب اليد الطولى في المنطقة في غياب كلي للأميركي الذي أتى الآن ليقول : "أنا هنا"!
في المحصلة كيف يمكن لواشنطن إعادة هيبتها إذا لم تحل كل عقد المنطقة، وأهم تلك العقد القضية الفلسطينية التي جهزت لها، وعلى مدار عمر إدارة ترامب، ما عرف بصفقة القرن، هذه الصفقة التي نفذ منها الكثير من البنود السياسية ومنها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بضم الجولان لإسرائيل، وإنهاء الأونروا التي تعتبر رمزا لملف اللاجئين والعودة، فيما يبقى الملف الإقتصادي الذي ستتوج به واشنطن ما ترى أنه الحل النهائي للقضية الفلسطينية والذي يأتي بعد انحسار ما عرف بالربيع العربي وإنهاك المنطقة عسكريا وإقتصاديا مما يشكل بالمقاييس الامريكية أرضية خصبة لتمرير الحل.
الأمر لم يتوقف عند القضية الفلسطينية، بل يطال ملفات أخرى، ومنها الأزمة الخليجية ولربما الحرب في اليمن وإن كان لا يبدو كملف مستعجل على أجندة ترامب، فبإعلان الرياض عن استضافة قمة خليجية طارئة وأخرى عربية أو إسلامية، وما يجري من حديث عن احتمالات لحلحلة الأزمة الخليجية الأعنف تاريخيا والتي وصلت حد كسر العظم واستنزفت الخليج ماليا عبر صفقات تسليح بأرقام فلكية وشكلت إنتقالا تاريخيا للثروة خصوصا إلى أميركا أولا ثم إلى بعض دول أوروبا، فإن واحدا من أهم ملفات الخلاف بالمنطقة قد يطوى بعد أن أتى أكله أمريكيا، فيما من مصلحة باقي الأطراف طيه، وهنا لربما نمر ولو مرور الكرام على قصة قد لا يعيرها كثيرون إهتمامهم، لكنها غاية في الأهمية، فقطر مثلا، أحد أطراف الأزمة الأهم، لم يعد يفصلها سوى أقل من ثلاث سنوات لإستضافة مونديال 2022 والذي يعد بالنسبة لها مسألة تاريخ وهيبة وصرفت لأجله مئات الملايين من الدولارات على شكل مشاريع وغيرها، ولا يمكن أن تصل للأداء النخبوي لهذا الحدث العالمي مع استمرار الخلاف الخليجي.
إذن، ما يجري في المنطقة عنوانه عودة أميركا كلاعب هو الأقوى، والعنوان هو "حلول حتى لو كانت تحت الحراب"، وأما الرسالة فهي عالمية بإمتياز، سواء لروسيا أو حتى للصين التي تخوض إدارة ترامب حربا تجارية ضروسا معها.